القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 29 تشرين الثاني 2024

اغتيال قادة «حماس»: «إنجاز» لنتنياهو أمام الإسرائيليين

اغتيال قادة «حماس»: «إنجاز» لنتنياهو أمام الإسرائيليين

حلمي موسى

عقد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أمس الأول، مؤتمرا صحافيا أعد كي يوفر له «صورة النصر» التي يريد إظهارها، ليس فقط أمام الجمهور الإسرائيلي وإنما أيضا أمام وزرائه المنتقدين له. وكانت الصورة التي أراد عرضها جثمان القائد العام لكتائب الأقصى محمد خالد الضيف.

تأجل المؤتمر الصحافي لأكثر من ساعة ونصف الساعة بانتظار وصول الصورة، أو على الأقل بانتظار وصول نبأ مؤكد حول اغتياله. لكن ذلك لم يحدث: الصورة التي وصلت كانت حينها لطفل الضيف، علي البالغ من العمر سبعة شهور وزوجة الضيف. وضاعت من نتنياهو الفرصة للتباهي، لكنه أعلن أن الضيف وكل قيادات ونشطاء «حماس» ليسوا في حصانة.

أمس كانت الأجواء مختلفة. بدت المؤسسة الإسرائيلية وكأنها في فرح شديد. فللمرة الأولى منذ بدء الحرب قبل سبعة أسابيع تفلح أجهزة الأمن الإسرائيلية وطائراتها في اصطياد ما يعتبر «صيدا ثمينا»: الشهداء محمد أبو شمالة ورائد العطار ومعهما محمد برهوم.

ولإسرائيل ثأر قديم مع العطار وأبو شمالة لا يتعلق فقط بالعمليات القديمة، وإنما بأسر الجندي جلعاد شاليت من ناحية، وبدء حرب الأنفاق من ناحية أخرى.

لم يكن هناك متسع من الوقت لنتنياهو ليعقد مؤتمرا صحافيا يتباهى فيه بهذا النجاح. ترك الآخرين يفرحون بدلا منه هذه المرة. في غزة كان الألم شديدا، لكن جنازات الشهداء عندما تخرج الناس فيها بالآلاف داعية للثأر ومواصلة الطريق، توحي للإسرائيليين بأن الرد آت.

اكتفى نتنياهو بالإعلان عن أن «قادة حماس الذين تمت تصفيتهم خططوا لعمليات فتاكة. إن اغتيالهم يشكل إنجازا عملياتيا كبيرا». وأشار إلى أن «المعلومات الاستخبارية الاستثنائية التي جلبها جهاز الشاباك، بفضل العمل المهني والدؤوب، سوية مع قدرات التنفيذ الدقيقة للجيش الإسرائيلي، سمحت لنا باتخاذ القرار بتنفيذ العملية، وضرب قادة حماس الذين خططوا لعمليات فتاكة ضد مواطني إسرائيل». وأثنى على قادة الوحدات الاستخبارية والعملياتية، وعلى رئيس «الشاباك» يورام كوهين.

أما وزير دفاعه موشي يعلون فأعلن أن «قادة حماس الذين تمت تصفيتهم مسؤولون عن عمليات صعبة ضد مواطني "إسرائيل" وجنود الجيش، وبينها أيضا اختطاف جلعاد شاليت. هذا انجاز استخباري وعملياتي كبير جدا للجيش والشاباك، اللذين يعملان ليل نهار من أجل أمن مواطني إسرائيل».

واعتبر المعلق العسكري لصحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل أن اغتيال قائدَي «حماس» أبو شمالة والعطار قد يوفر لنتنياهو خطوة لكسر التوازن داخل الحكومة، فمنذ زمن طويل خلال الحرب يفتش نتنياهو عن فرصة كهذه، حيث حاولت "إسرائيل" اغتيال قادة في حماس ولم تفلح بسبب عدم توفر معلومات أو لأن قادة حماس كانوا شديدي الحرص. وأشار إلى أن تغييرا ما جرى خلال اليومين الأخيرين، أفلحت فيهما "إسرائيل" في قصف بيت يشتبه بتواجد محمد الضيف فيه، واستهداف بيت لقي فيه أبو شمالة والعطار وغيرهما مصرعهما. وتحدث هارئيل عن احتمال أن يكون في ذلك نوع من اختراق في القدرات الإسرائيلية.

وفي نظر هارئيل فإن نتنياهو بحاجة لإنجاز عسكري كهذا، في ضوء ما بدا كطريق مسدود في الحرب. "إسرائيل" لم تهزم «حماس»، خصوصا أنها لا تريد عملية برية أخرى. لذلك فإن موجة الاغتيالات قد توفر لنتنياهو الإنجاز الذي يتطلع إليه: ضرر معنوي وعملياتي لحركة «حماس»، ونتيجة بادية للعيان يمكنه أن يعرضها على الجمهور الإسرائيلي المتذمر من استمرار تعرضه لإطلاق الصواريخ. ويشير إلى أن السؤال هو مدى تأثير هذه الاغتيالات على «حماس» وعلى إرادة القتال لديها، ويعتقد أن من السابق لأوانه الإجابة، لأنه «بعد خيبات كثيرة في التوقعات المتفائلة» يصعب تقديم جواب شاف.

وفي كل حال، فإن الصحافة الإسرائيلية تتحدث عن أنه في الثانية والنصف قبل فجر أمس توقفت الأنفاس في غرفة عمليات الاغتيالات الخاصة في مقر «الشاباك» في تل أبيب. عشرات محللي المعلومات والمحققين ومسؤولي المناطق ورجال العمليات انتظروا لحظة الذروة في العملية التي تعتبر «الأنجح» منذ اغتيال رئيس أركان كتائب «القسام» السابق الشهيد أحمد الجعبري في تشرين الثاني العام 2012.

وبحسب موقع «يديعوت احرونوت» الإلكتروني فإن قذائف عدة، تزن كل منها طنا، أطلقت بشكل متزامن من طائرات عديدة «أف 16» على بناية كانت ملاذا للرجلين الثالث والرابع في قيادة «كتائب القسام»: مسؤول لواء رفح رائد العطار ومسؤول اللواء الجنوبي محمد أبو شمالة. وأضاف ان نائب رئيس «الشاباك»، الذي كان متواجدا في غرفة العمليات، أعطى الضوء الأخضر النهائي من ناحية استخباراتية، فانطلقت العملية العسكرية بتنظيم قيادة الجبهة الجنوبية. واعتبر أن الدقائق القليلة التي مرت مزقت الأعصاب، خصوصا أن المتابعة للعطار وأبو شمالة مستمرة منذ شهور حرصا خلالها على الاختفاء، في أماكن تعذر على الجيش الإسرائيلي الوصول إليها.

وحسب موقع «يديعوت»، فإنه في هذه المرة «في ساعات المساء وصلت لعشرات رجال الشاباك المشاركين في هذه العملية المعلومة الذهبية: قائدا الذراع العسكري لحماس يتواجدان في المبنى ذاته بيقين كبير لدرجة التأكد». وقد نقلت المعلومات في وقتها للمحللين في دائرة صورة الوضع في غرفة العمليات، والذين رسموا على شاشات البلازما الكبيرة ميدان العمليات القريب لرفح. في هذه الأثناء ترجم ممثلو شعبة العمليات في «الشاباك» المعطيات إلى عملية هجومية ــ أي نوع من الذخائر يجب استخدامه وما هي زاوية الإطلاق المفضلة. وتم نقل صورة الهجوم لقيادة الجبهة الجنوبية وسلاح الجو بعد الحصول مسبقا على إذن وزير الدفاع باغتيال العطار وأبو شمالة.

عموما، تعتبر «يديعوت» أن "إسرائيل" باغتيال قائدَي «حماس» أغلقت حسابا قديما، لكن ليس ذلك فقط. في نظرها فان إزاحة هذين القائدين عن مواقعهما القيادية هو إبعاد لخبرة مديدة، وإزالة لخطر، وبالتالي ليست مجرد عقاب على ما فات. ومع ذلك فإن أحدا من المعلقين الإسرائيليين لا يراهن كثيرا على أن في ذلك ما يتجاوز الضربة المعنوية. فتاريخ الصراع حافل بالاغتيالات، وكثيرا ما ندمت "إسرائيل" لأنها أزاحت قيادات لتحل مكانها قيادات أشد ذكاء وتشددا.

المصدر: السفير