القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

الآثار الاجتماعية للحرب على فلسطيني سورية

الآثار الاجتماعية للحرب على فلسطيني سورية

بقلم: وسيم محمود *

يدرك كل منا الى حد ما، ما يترتب على الحروب التي يشنها البشر مهما كانت دوافعها ومبرراتها من ظلم وعنف ودمار في البنية التحتية والاقتصادية، وما ينجم عن الحروب والنزاعات المسلحة من كوراث وويلات وفساد أخلاقي وانتهاكات لكل معاني الإنسانية.

إلى ذلك يتعرض اللاجئون الفلسطينيون في سورية لانعكاسات الحرب الدائرة فيها، اقتصادياً، وبشرياً، واجتماعياً، حالهم حال الملايين من الشعب السوري، وهنا لابد من التطرق لموضوع غاية في الأهمية وهو "الأثار الاجتماعية للحرب وما يترتب عليها من أثار سلبية على المجتمع"، وبحسب احصائيات بعض المنظمات الحقوقية والأهلية فأن عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين توفوا منذ بداية الصراع في سورية وحتى اليوم بلغ حوالي 3083 فلسطينياً، رغم أنني اعتقد أن العدد أكثر بكثير من الرقم الحقيقي المعلن عنه، وهنا لا بد من التعامل مع هذا الرقم المرعب من الضحايا الفلسطينيين في سورية، وتفنيده واستخراج الاحصائيات الدقيقة منه التي تُدلل على حجم المأساة التي تعرضها لها فلسطينيو سورية، وإذا افترضنا أن نصف الضحايا من المتزوجين وجلهم من الذكور، فهذا يعني أن عدد الأرامل قد يبلغ 1500 أرملة، توفي زوجها، أو قُتلت زوجته في هذه الحرب، فيما لو افترضنا أن الضحايا المتزوجين يتكون عدد أفراد أسرتهم من أربعة أطفال، فأن فسنجد أن هناك أكثر من 6000 طفلاً يتيماً قد فقد الأب أو الأم, وبناء ً على ذلك يترتب على هذه الأرقام الافتراضية أثار اجتماعية ضخمة فهذه الأسر فقدت الأب أي المعيل، وانعكاسات موت الأب نفسياً على الزوجة والأطفال، ناهيك عن النزوح فجل الأسر الفلسطينية في سورية في حالة نزوح داخلي أو خارجي فمعظم المخيمات الفلسطينية مدمرة جراء الحرب.

ومن المشكلات الاجتماعية للحرب البطالة، فالحرب أفقدت الكثرين ممتلكاتهم العامة والخاصة، مما تسبب في بطالة شبه دائمة لكثير من العمالة الفلسطينية في سورية، فعلى سبيل المثال كانت أسواق مخيم اليرموك ( لوبية وصفد) من أهم الأسواق التجارية والتي كان يقصدها كافة أهالي دمشق للتسوق منها، ومن الآثار الاجتماعية أيضاً للحرب معيشة أكثر من أسرة في مسكن واحد بسبب النزوح الداخلي وفقدان المسكن، مما نجم عنه عدد من المشكلات الاجتماعية نتيجة ضعف التوافق والاختلافات بين هذه الأسر، ما أدى إلى التفكك الاجتماعي والأسري بسبب السكن المشترك ، فكثير من الأسر لجأت إلى المدارس مع بدايات النزوح الداخلي ناهيك عن الضائقة المادية والغلاء المعيشي التي تعاني منه الأسر حتى الآن بسبب الحرب، وكثير من المنظمات والمؤسسات الدولية والمحلية شكلت حالة طوارئ لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين في سورية على رأسها منظمة الأونروا .

فيما تعد الهجرة الخارجية من أخطر الأثار السلبية التي تعرضها لها اللاجئ الفلسطيني السوري والسوري حيث غادر الآلاف من فلسطيني سورية إلى دول اللجوء الأوروبي، ومعظم المهاجرين من فئة الشباب بحثا عن حياة أفضل وأمان وعن اقامات في هذه الدول والسعي وراء مستقبل أفضل ، ترتب على هذه الهجرة انعكاسات وآثار اجتماعية للوافدين الجدد وصعوبة التأقلم مع وضعهم الجديد في البدايات بعيدا عن أسرهم وذويهم اللذين مازالوا في دائرة الخطر في سورية وبعيدا عن حياتهم الاجتماعية وبيئتهم المسلمة ، فهجرة العقول والأدمغة وطاقات الشباب هي خسارة للبلد الذي يهاجرون منه .

إن الحرب الدائرة في سورية تركت آثارها الاجتماعية التي لا يمكن أن تزول بسرعة، وتبقى أثارها النفسية عالقة في نفوس الجميع صغاراً وكباراً، عكس الآثار الاقتصادية التي يمكن تداركها وإعادة الإعمار بفترات وجيزة.

وأخيراً يمكن القول إن الكثير من الفلسطينيين يحبون سورية على مبدأ ( الوطن هو الذي تعيش به وتنشأ به ، لقد لحق الفلسطينيين ما لحق بالسوريين من ويلات الحرب الدائرة ، الفلسطيني السوري يعتبر نفسه ابن نكبتن لتدارك الأثار الاجتماعية والنفسية للحرب يجب تضافر جميع الجهود الدولية والمحلية والحكومية وعلى صعيد المنظمات والمؤسسات التي تعنى بشؤون الفرد والمجتمع لتخفيف الأعباء الاجتماعية للحرب .

* باحث اجتماعي سابق في وكالة (الأونروا)

المصدر: مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية