القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 29 تشرين الثاني 2024

الآثار الكارثية للعدوان الإسرائيلي على غزة

الآثار الكارثية للعدوان الإسرائيلي على غزة

نبيل السهلي

تواترت التحليلات السياسية حول ميزان الربح والخسارة في المستويين السياسي والعسكري، الناتج عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ فجر الثلثاء 7-7-2014، وعلى الرغم من الصمود الأسطوري الذي أبداه أهل غزة، لكن ثمة آثاراً كارثية لحقت بالغزيين والبنى التحتية. ويلخص ما قالته كيونغ واكانغ مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ونائبة منسق الإغاثة في حالات الطوارئ في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 6-8-2014 عن الآثار المدمرة التي خلفتها الأعمال العدائية على قطاع غزة، حجم الكارثة التي حلت على القطاع بسبب همجية الجيش الإسرائيلي. حيث قالت في الجلسة الطارئة للجمعية العامة التي عقدت حول غزة، إن العالم راقب برعب تأثير العدوان على الأطفال والمدنيين وإن استعادة الثقة والتعامل مع صدمة الحرب قد يتطلب أجيالاً. وأضافت: "لا يوجد شخص من غزة نجا سالماً من هذا الصراع. إن الأشخاص أحبطوا لأن المجتمع الدولي كان غير قادر على حمايتهم خلال القتال وهم ينظرون إلينا مرة أخرى للمساعدة». وأكدت مساعدة الأمين العام على أن جميع الأشخاص يستحقون أن يعيشوا بسلام وأمن وكرامة حيث حرم سكان غزة من هذا لفترة طويلة وأن دوامة الصراع العنيف يجب أن تنتهي للأبد.

من الآثار الكارثية للعدوان على قطاع غزة، تدهور مجالات البيئة وعناصرها كافة في القطاع، سيما المسكن والزراعة والتربة والمياه.. وكل مقومات الحياة الإنسانية، ما يتطلب تحركاً أممياً للحد من الكارثة، حيث أكد متخصصون في البيئة أن الحروب الإسرائيلية المتتالية التي استهدفت قطاع غزة خلفت أرضاً محروقة، وبالتالي عدم صلاحية معظم التربة في القطاع للسكن والزراعة، وعدم إمكان معالجتها نهائياً إلا بتغييرها، نتيجة التلوث الناتج عن عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتكرر، وضرورة عمل تحاليل كيميائية وقياسات أشعة للتأكد من مدى الضرر الذي لحق بالتربة، والخطر الذي قد يسببه هذا التلوث مستقبلاً على صحة البيئة والإنسان الفلسطيني في قطاع غزة.

وأوعز المتخصصون بأن تحركات آليات الجيش الإسرائيلي الثقيلة والتجريف في قطاع غزة، أدت إلى تدمير الخصائص الفيزيائية للتربة، والتقليل من التهوية ونسبة تشربها للمياه، والحد من قدرة الجذور على التمدد، ما يؤدي إلى اختناقها وموتها، الأمر الذي يتطلب عمليات استصلاح طويلة الأمد وبتكاليف عالية، لأن كل سنتيمتر مربع من التراب يحتاج إلى مئة عام لتكوينه.

وقبل الحديث عن الآثار الاقتصادية للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لا بد من الإشارة إلى انه رغم الانسحاب الإسرائيلي وتفكيك المستوطنات الإسرائيلية من قطاع غزة في عام 2005 بعد احتلال مديد، إلا أن الجيش الإسرائيلي جعل منه سجناً كبيراً لأكثر من مليون وستمائة ألف فلسطيني في مساحة لا تتجاوز 365 كيلومتراً مربعاً، باتوا عرضة لعمليات قتل واغتيال وتدمير ومجازر يومية مبرمجة، تتكرر فصولها، وكان آخرها استمرار العدوان على غزة منذ 7-7-2014 ولخمسين يوماً.

فبات الفقر والجوع والحرمان أسياد الموقف بين أهالي غزة، بسب الحصار وإغلاق المعابر، وخاصة منذ صيف عام 2007، فارتفعت معدلات الإعالة إلى أكثر من ستة أفراد، والبطالة وصلت إلى نحو 60% من إجمالي قوة العمل الفلسطينية هناك، وبالتالي أصبح أكثر من ثلثي المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة يرزحون تحت خط الفقر حسب تقارير دولية ومحلية.

وسيفاقم العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة من مؤشرات البؤس الاقتصادية والاجتماعية، حيث قدرت معطيات فلسطينية صادرة عن مراكز حقوقية دولية ومصادر حكومية فلسطينية، أنه إضافة إلى سقوط حوالي ألفي شهيد فلسطيني، بينهم أكثر من 400 طفل، فضلاً عن نحو 10 آلاف جريح، تمّ رصد خسائر اقتصادية، وتدمير ممنهج في البنية التحتية في قطاع غزة نتيجة حوالي شهرين من العدوان، حيث بلغ إجمالي المنازل المستهدفة 10604 منزلاً، منها 1724 منزلاً تمّ تدميرها بشكل كلي، و8 آلاف و880 منزلاً دمرت بشكل جزئي.

ولفتت معطيات أخرى إلى تسبب نيران الجيش الإسرائيلي بتدمير 12 سيارة إسعاف وإلحاق الضرر في 10 مراكز رعاية أولية صحية وإغلاق 34 مركزاً صحياً، بالإضافة إلى إلحاق أضرار في 13 مستشفى ومقتل 16 عاملاً في القطاع الصحي وإصابة 38 آخرين. ولم تنج المدارس والجامعات في قطاع غزة من عمليات التدمير والاستهداف التي قام بها الجيش الإسرائيلي، فبلغ عدد المدارس المتضررة 188 مدرسة وعدد الطلاب المتضررين جراء استهدافها حوالي 152 ألف طالب، كما تضررت 6 جامعات فلسطينية في غزة وعدد الطلاب المتضررين بسبب استهداف الجامعات 10 آلاف طالب وطالبة جامعية.

وتبعاً لتقارير دولية وفلسطينية، بلغ إجمالي الخسائر الاقتصادية بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة 2.4 بليون دولار، 1.960 بليون دولار خسائر مباشرة و440 مليون دولار خسائر غير مباشرة، فضلاً عن تعرض 19 من مرافق شركة الكهرباء للتدمير الكلي والجزئي، وقدرت تقارير اقتصادية تكلفة إعمار ما دمرته آلة الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة خلال العدوان بنحو خمسة بلايين دولار.

ومن آثار العدوان الخطيرة الأخرى على سكان قطاع غزة، تدمير 22 جمعية خيرية تضرر على أثرها 180 ألف شخص من المستفيدين منها، كما شردت الاعتداءات الإسرائيلية 475 ألفاً، حيث بلغ عدد المشردين المدنيين نتيجة تهديدات القوات الإسرائيلية بإخلاء منازلهم 310 آلاف، والمشردين المدنيين نتيجة تدمير منازلهم 165 ألفاً.

ويبقى القول إن من الضرورة بمكان القيام بدراسات سريعة حول الآثار المتشعبة المختلفة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وبالتالي العمل على رصد الأموال العربية بشكل أساسي لإعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب الإسرائيلية، والنهوض بالعملية التعليمية والتنمية البشرية، لكن يبقى السؤال الأهم: متى يفك الحصار عن غزة، ومتى تفتح المعابر منها وإليها، وهل سيكون لغزة مرفأ ومطار بالمعنى الحقيقي للكلمة؟ كل ذلك مرهون بموقف فلسطيني موحد، ودعم عربي ودولي ضامن للتوجه المذكور، وقد يسعفنا في ذلك الوعي الشعبي المتنامي في الغرب إزاء انكشاف صورة إسرائيل العنصرية.

الحياة، لندن