الأرض جوهر الصراع وعنوان القضية الفلسطينية
بقلم: عمر طافش
شكلت الأرض وما زالت مركز الصراع وجوهر القضية الفلسطينية، فبقاؤنا وتطورنا ومستقبلنا منوط بالحفاظ على أرضنا والتواصل معها. قبل أكثر من ثلاث عقود في الثلاثين من آذار من العام 1976 صرخت الأرض الفلسطينية معلنة الانتفاضة والثورة على استمرار سرقتها وتهويدها، واستطاعت ترسيخ هذا التاريخ يوماً للأرض والدفاع عنها ومواجهة مصادرتها.
وأصبح هذا التاريخ يوماً محفوراً ومتجذراً في عروق كل مواطن فلسطيني، وبات يوماً لتجديد الثورة والدفاع عن الارض، وليس تاريخاً للاحتفال بمناسبة او إحياء ذكرى عابرة.
اليوم نقف من جديد أمام هذه الثورة والانتفاضة المتجددة، لنستعيد التاريخ المشرف لتضحيات شهداء يوم الأرض، ونستفيد من عبرة ما جرى، وفحوى الرسالة التي أراد إيصالها أبطال يوم الأرض، الذين أرادوا أن يجسدوا بدمائهم تمسكهم بأرضهم وأرض آبائهم وأجدادهم، وتشبتهم بتاريخهم وبهويتهم الوطنية المرتبطة بالأرض والتاريخ والثروات، وحقهم في الدفاع عن وجودهم رغم سياسات القتل والمجازر والارهاب والتنكيل التي ما زالت تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني بدعم من الولايات المتحدة الاميركية وحلفائها وحالة الصمت والخوف التي تعيشها الانظمة الرسمية العربية.
انطلاقاً من هذه الخلفية كانت انتفاضة يوم الأرض عام 1976 كرد طبيعي على ما اقدمت عليه العصابات الصهيونية من مصادرة آلاف الدونومات من أراضي المواطنين الفلسطينيين في قرى وبلدات عرابة وسخنين وغيرها من الأراضي الفلسطينية بهدف توسيع وبناء المستوطنات الصهيونية في سياق مخطط تهويد الارض الفلسطينية وطرد سكانها، فهب الأهالي والمواطنين في كل قرى الجليل والمثلث وسقط في المواجهات مع قوات الاحتلال وعصابات المستوطنين ستة شهداء ومئات الجرحى من أجل حماية الأرض ومنع تهويدها.
لكن من المؤكد أن أحداث يوم الأرض لم تكن وليدة الصدفة، بل كانت جزءاً من مسيرة طويلة من القهر والظلم والاضطهاد الذي عاناه الشعب الفلسطيني منذ نكبة العام 1948، فجاءت أحداث يوم الارض لينفجر بركان الظلم انتفاضة شاملة في العديد من القرى والمدن الفلسطينية على امتداد مساحة الوطن، وكان رسالة للاحتلال الإسرائيلي بأن الشعب الفلسطيني لن يرفع المنديل الأبيض وأنه مصمم على مواجهة القهر والظلم والاحتلال ولا يمكن لعنجهية الاحتلال ان توقف نضاله ودفاعه عن أرضه وحقه.
معركة يوم الأرض لم تنته في الثلاثين من آذار، بل هي معركة مستمرة ومتواصلة حتى اليوم، من رفح إلى جنين، من الجليل إلى الخليل، من أم الفحم إلى النقب الصامد، من قرية عورتا إلى مواجهات حاجز قلنديا، ونعلين وبعلين والمعصرة، وقلقيلية وجنين ونابلس وجبل النار، إلى القدس، جوهر القضية الفلسطينية وجوهرتها.
المصدر: اللواء