الأزمة السورية بين حماس وحزب الله..
نظرة إنصاف!
بقلم: حسين حمود
من ما لاحظته أن الفرق بيننا وبين الأوروبيين هو أن الإختلاف
بينهم في أمور سياسية يكون الدافع لكل طرف أن يثبت أن موقفه هو الصحيح، ولكن لا تصل
الأمور أبدا بينهم إلى الإقتتال أو إلى التهجم أو التجريح أو التحريض العنصري والطائفي،
فإذا أخذنا مثلا إختلاف وجهات النظر من الأزمة السورية وأخذنا تحديدا إختلاف التشخيص
بين حركات المقاومة لما يحدث نجد أنه بدل أن يتوحد الجميع ويسعوا إلى جمع كلمة السوريين
والإصلاح بينهم انصرفوا إلى التهجم على بعض، فأنصار المقاومة الإسلامية حماس يتهجمون
على المقاومة اللبنانية حزب الله، بل وصل الأمر بالبعض إلى إتهام السيد حسن نصر الله
بالطائفية ودعم القتل في سورية، والرجل على أية حال غني عن التعريف وتاريخه في المقاومة
وتقديم ابنه فلذة كبده شهيدا يغنيه عن ثناء أي أحد عليه، بل إني أذكر من اتهمه بالطائفية
أن حزب الله دعا العراقيين إبان الإحتلال الأمريكي وتحديدا الشيعة إلى الوقوف بجاب
النظام العراقي وقتها والقتال معه ضد القوات الأمريكية، وهذا موقف أحجم عنه وقتها حتى
كبار المرجعيات الدينية الشيعية في النجف، ما استجلب هجوما شديدا عليه من قبل البعض
في العراق، واتهموه بالوقوف بجانب الرئيس العراقي الراحل صدام حسين!
فهل مثل هذا الرجل طائفي او يصح ان نسمي حزب الله بالحزب
الشيعي الطائفي؟ إن موقف حزب الله من الأزمة السورية في ما يقول الأخوة في حزب الله
مبني على الإصلاحات وعلى منع التدخل الخارجي او سقوط سورية في فخ الغرب، فلماذا يندفع
البعض ويتهمونه باشد انواع الإتهامات ويفسرون مواقفه بأسوأ أنواع النيات أو يصدقون
كلاما قيل هنا أو هناك في تلك المحطة أو هذه؟ ألم يعد لحسن النية مكانا بيننا؟ وفي
المقابل أيضا تجدون جمهور المقاومة اللبنانية لا يتورع عن الهجوم على المقاومة الفلسطينية
حماس ويتهمونها بكل انواع التهم من العمالة إلى الخيانة وحتى نكران الجميل، بل ووصل
الحد بالبعض إلى إتهامها أنها أصبحت أداة في يد إسرائيل، وانها تنسق معها سرا.
إن حماس هي حركة مقاومة عريقة في المنطقة وقدمت تضحيات
جساما وشهداء وصمدت في خط المقاومة في أصعب الظروف، ومن يتهمها بالخروج عن خط المقاومة
لا يملك أصلا صك إحتكار للمقاومة حتى يوزع شهاداتها، وأذكر كل هؤلاء ومن يقولون إن
حماس غدرت بسورية في سبيل الامتثال للإخوان إن حماس لم يمنعها العداء التاريخي بين
النظام السوري والإخوان من نسج العلاقات في السابق مع النظام والإقامة في دمشق، واختارت
الوقوف مع إيران في زمن كان كل من يقف مع ايران منبوذا عربيا، وعندما حصلت الحرب الأخير
على غزة قاتلت حماس بكل بسالة وقصفت تل ابيب.
وعلينا أن نفهم أن دعم حماس او غيرها من المقاوامات الفلسطينية
هو واجب شرعي وأخلاقي ولا منة لأحد فيه، ولا يجعل حماس مرتهنة عند سورية أو إيران أو
أي أحد غيرها، وموقف الإخوة في حماس في ما يقولون هو أنهم مع حقوق الشعب السوري دونما
تدخل في الشأن الداخلي، فلماذا ننساق سريعا وراء التحريض الإعلامي أو نصدق ما قالته
هذه القناة أو تلك؟! ألم يعد لحسن النية مكان بيننا؟
إن حزب الله بريء من سفك الدم السوري حتى يثبت العكس
وحماس بريئة من التآمر على سورية حتى يثبت العكس والواجب على الجميع هو السعي في الصلح
بين الأشقاء السوريين، وخطأ الفرد أو حتى تيار داخل الحركة لا يجب أن ينسحب على موقفنا
من الحركة وتاريخها، والإختلاف لا يفسد للود قضية. هذه هي القاعدة التي يجب ان ينطلق
منها الجميع ولا يجب ان نسمح للسرطان الإسرائيلي الفتنوي ان يدخل بيننا ويستوطن خلايا
جسمنا العربي والإسلامي.
القدس العربي، لندن، 20/4/2014