الأزمة مستمرة بين الأونروا وفلسطينيي لبنان
بقلم: سليمان الشّيخ
ها قد مضت ستة شهور على التحركات الفلسطينية
من اعتصامات وتظاهرات ومفاوضات بين «خلية الأزمة الفلسطينية» المنبثقة من القيادة السياسية
في لبنان، للتباحث مع قيادة الأونروا حول الخطة التي وضعتها الوكالة، وباشرت في تطبيقها،
اعتبارا من أوائل هذا العام.
وشملت تقليصات في جميع الخدمات التي دأبت
الأونروا – هيئة الأمم المتحدة لرعاية وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين – على تقديمها في
لبنان، أو في غيره من الأقاليم الأخرى التي يشملها عملها، وهي سوريا والأردن والضفة
الغربية وغزة، مما يفيد بأن الأمر يتجاوز ما أطلق عليه «أزمة في التمويل والمنح» التي
تقدمها الدول المانحة كل عام، ولماذا كل عام فقط؟ بل بدا الأمر كأنه يتعلق بخطة شاملة
للتخفف من أعباء اللاجئين الفلسطينيين وتحويل ذلك إلى البلدان التي يوجد على أرضها
الفلسطينيون.
إذا كان الأمر قد أفضى إلى وفاة عدد من
المرضى الفلسطينيين والفلسطينيات على أبواب المستشفيات بسبب خطة الاستشفاء الجديدة
التي فرضت بأن يتحمل الفلسطيني جزءا من تكاليف العلاج، فإن ما انتهت إليه المفاوضات،
جاء غير بعيد عما تم اقتراحه في الخطة الجديدة في بداية الأزمة، أي في بداية هذا العام،
وذلك بحرمان الفلسطيني المجنس في لبنان من العلاج الاستشفائي في الأونروا، كما كان
الحال من قبل، وأن يكون العلاج لعموم الفلسطينيين في مستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني
بنسبة مئة في المئة على حساب الأونروا، بينما على الفلسطيني أن يتحمل نسبة 10 في المئة
من تكاليف العلاج في المستشفيات الحكومية.
أما بالنسبة للقضايا الأخرى، فإن الأونروا
مضت في تطبيق خطتها، على الرغم من التحفظات، وأحيانا الرفض من قبل خلية الأزمة، كالمضي
في عدم تخفيض عدد الطلاب الخمسين في الصف الواحد في مدارس الأونروا، إلا في حالات قليلة،
كذلك في عدم التوظيف الجديد لجميع الوظائف في الأونروا لمدة خمس سنوات مقبلة، وكذلك
في استبدال المواد التموينية (الإعاشة) للحالات الأكثر فقرا بين الفلسطينيين واستبدالها
ببطاقة إلكترونية لسحب قيمتها النقدية إلكترونيا من البنوك، وهذا ما تم الاعتراض عليه،
كون ذلك معرضا لأي تقليص أو توقف عن الدفع، بحجج شتى، ومن ذلك عدم توافر موازنة مناسبة
أو كافية، وتم التساؤل عن مصير الموظفين المولجين بتوزيع المؤن.
أما الموضوع الأهم والأكثر إلحاحا واحتياجا
بالنسبة لشريحة واسعة من الفلسطينيين، فهو استكمال إعمار مخيم نهر البارد في الشمال
اللبناني، الذي تم تدميره عام 2007 وها نحن نقترب من السنة العاشرة على ذلك، ولم يتم
البناء من بيوته المدمرة سوى نسبة لا تصل إلى خمسين في المئة، وبقيت النسبة الأخرى
بدون إعمار، نظرا لعدم توافر موازنة مناسبة، بحسب ما تذكره الأونروا، أي أن آلافا من
السكان الفلسطينيين ما زالوا مشردين في أماكن أخرى، أو يسكنون في كاراجات أو كرافانات
لا تتوافر فيها الشروط الإنسانية المناسبة، كما أن بدلات السكن والتموين تتأرجح بين
تخفيض أو تأخير بين فترة وأخرى.
وباختصار فإن ما خلصت وانتهت إليه خلية
الأزمة، في شأن إعمار مخيم نهر البارد هو عدم وجود إمكانية لتنفيذ الإعمار في أقرب
الآجال، نظرا للحجة الدائمة أي عدم وجود التمويل الكافي والمناسب. وردا على إشاعات
كثيرة بأن خلية الأزمة ماشت الأونروا في خططها، أو رضخت لمخططاتها، فإنها عقدت مؤتمرا
صحافيا في مخيم عين الحلوة قبل أيام قليلة، نفت فيه ما تم تداوله من إشاعات وأقاويل
تتعلق بتقديم تنازلات، أو التخلي عن المطالب التي تم تقديمها للأونروا، وألحت على تطبيقها
أو التراجع عنها، وأكدت خلية الأزمة أنها لم تتآمر على اللاجئين الفلسطينيين، لا من
تحت الطاولة، ولا من فوقها، مشددة على أن المعركة لم تنته بعد.
وفي معرض الرد على التشكيك بأدائها، أعلنت
خلية الأزمة أنها كانت وستبقى متمسكة بمطالب اللاجئين الفلسطينيين، وفي مقدمتها إعمار
مخيم نهر البارد، وإعادة العمل بخطة الطوارئ لأبناء المخيم، كما شددت على أنها لن توقف
التحركات ما لم تستجب الوكالة لمطالب القيادة السياسية الفلسطينية في تأمين كافة الاحتياجات
والقضايا المعيشية والحياتية للاجئين الفلسطينيين.
٭ كاتب فلسطيني