"الأسرى تحتضر"... فهل من مغيث؟!
إعداد: هبة جنداوي
خاص / لاجئ نت
في عصر بات للإعلام والتكنولوجيا أهمية عظمى تطغى على أي شيء آخر، أصبح
العالم قرية كونية صغيرة يهيمن فيه الأقوى على الأضعف، ولا يُقصد بالأقوى هنا من
يمتلك الأسلحة الفتاكة والقنابل النووية، بل من يمتلك وسائل الإعلام ومن يفرض
سيطرته على ما بات يعرف بالعالم الافتراضي الذي يسكنه ملايين المتصفّحين لمواقع
التواصل الاجتماعي في العالم أجمع. فمن
يمتلك التكنولوجيا فقد امتلك القوة والقدرة على "السيطرة" ذلك المصطلح
الذي أضحى مرض العصر في معجم المجتمع الدولي الحديث.
إنّ قضية الأسرى من الثوابت الوطنية الفلسطينية التي لا يمكن التنازل
عنها... فمئاتٌ من هؤلاء الأسرى القابعين في سجون الاحتلال الاسرائيلي يعانون من
أوضاع مأساوية نتيجة الممارسات الهمجية بحقهم والإهمال الطبي والصحي. وحسب مصادر
فلسطينية معنيّة بشؤون الأسرى فقد بلغ عددهم داخل السجون الصهيونية للعام 2013
حوالي 5000 أسير، من بينهم 240 طفل و 15 أسيرة. بالإضافة الى وجود حوالي 150 حالة
مرضية مزمنة من أصل 1400 من الأسرى المرضى الذين يعانون من أمراض خطيرة كالسرطان
والقلب والفشل الكلوي والأمراض النفسية.. بالإضافة الى منعهم من تناول الدّواء أو
تلقي العلاج في المستشفيات الإسرائيلية إلّا للحالات المزمنة! ودائماً ما يردّد
السجّان على مسامعهم عبارة "لا تستحق العلاج و يجب أن تبقى تعاني من المأساة
والمرض"!!
هذه الإنتهاكات الغير إنسانية التي ينتهجها السّجان بحق الأسرى المرضى
خاصّةً، استدعت اهتمام عدد كبير من الناشطين الشباب و بعض المؤسسات المعنية
بالدفاع عن الأسرى. فقد أطلقوا في منتصف كانون الثاني من العام الحالي حملة
إلكترونية عالمية "الأسرى
تحتضر" لدعم الأسرى المرضى و فضح الاحتلال الصهيوني الذي يدّعي التزامه باتفاقيات حقوق الإنسان!
تضمّنت هذه الحملة نشر بطاقات تعريف عن آلاف الأسرى المرضى داخل سجون
الاحتلال وذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك وتويتر و تمبلر... باستخدام
الهاشتاغ (#الأسرى_تحتضر)، والهاشتاغ (#prisoners_dying). ونشرت أيضاً أكثر من
20 فيديو عن معاناة الأسرى داخل السجون
الصهيونية، بالإضافة الى مناشدات أطلقها الأسرى وشهادات مكتوبة بأيدي من تعرّض
للإهمال الطبي منهم. و ترجمت هذه المواد
إلى 6 لغات هي العربية، والإنجليزية، والفرنسية، والتركية، والإسبانية، والإيطالية،
وغطت أعمالها العديد من القنوات العربية والأجنبية والتركية.
و ما ميّز هذه الحملة هو حصول
الهاشتاغ الخاص بها على المرتبة الرابعة في أعلى تداول في العالم، حيث سجّل 2
مليون ونصف تغريدة على تويتر بثمانية لغات متعددة. و أطلقت "الأسرى
تحتضر" عريضة إلكترونية للتوقيع عليها، و جمعت آلاف التواقيع، وسيتم تقديم هذه التواقيع لجهات حقوقية لرفع
دعوى ضد الكيان الصهيوني بشأن انتهاكه لحقوق الإنسان بحق الأسرى.
قضية الأسرى قضية عادلة تستحق دعما أكثر وتفاعلا أكبر على الصعيد العربي
والعالمي.. فالمعركة مع العدو باتت مشرعة الأبواب ميدانياً وإلكترونياً، ولم يعد
الشعب الفلسطيني هو وحده المعني بهذه القضية، بل جميع من يؤمن بالقضية الفلسطينية
كقضية مركزية على الرّغم من تعدد الجروح والآلام في عالمنا العربي.. فمعانات
الأسرى جليلة أرهقت أرواحهم بساعاتها الثقيلة،
و أتعبت قلوبهم من لوعة فراق الأحبة! هي معاناةٌ أزهقت أرواح أسرى كثر، ومن
تبقى منهم في انتظارٍ مضنٍ بين الحريّة أو الموت...