بان كي مون يحمّل اللاجئين مسؤولية ما جرى في مارون الراس ويبرئ الاحتلال
الأمم المتحدة تدافع عن القاتل مجدداً
رأفت مرة
أصدر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تقريراً دورياً عن القرار 1701، المهم فيه أنه توقف مطولاً عند مسيرة العودة التي توجه فيها اللاجئون الفلسطينيون إلى حدود وطنهم في ذكرى النكبة، في مسيرة سلمية حملوا فيها الأعلام والحنين إلى الوطن.
لكن الإحتلال الإسرائيلي الذي لا يعرف إلا أسلوب القتل وممارسة الإرهاب بدأ بإطلاق الرصاص على المتظاهرين المدنيين فقتل منهم في لبنان ستة، وفي سوريا ثلاثة، وأصاب العشرات.
ثم في مسيرة العودة في ذكرى النكسة قام الإحتلال باستهداف المتظاهرين الفلسطينيين في الجولان، فقتل حوالى ثلاثين شاباً أمام وسائل الإعلام، وهم الذين أرادوا التعبير فقط عن حق العودة إلى وطنهم المحتل.
نص البيان
ماذا جاء في التقرير؟!
عبر الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، عن خشيته من أن يكون الجمود في تطبيق القرار 1701 قد دفع الطرفين اللبناني والإسرائيلي إلى تعطيل المضيّ قدماً نحو وقف دائم لإطلاق النار. ووزع بان، بداية شهر تموز/ يوليو على أعضاء مجلس الأمن الدولي التقرير السادس عشر بشأن تطبيق القرار المذكور، بانتظار مناقشته في وقت لاحق من تموز الجاري، مشدداً على خطورة الأوضاع الإقليمية المتوترة وتأثيراتها الداخلية على لبنان وفي خانة هذا التوتر، وضع التقرير ما جرى قرب بلدة مارون الراس الجنوبية يوم 15 أيار الماضي من تظاهرات فلسطينية ضد "إسرائيل". وقال إن قتل "إسرائيل" لأحد عشر متظاهراً وجرح 111، جرى عندما أطلقت القوات الإسرائيلية النار على متظاهرين عزل حاولوا اختراق السياج الفني. واكتفى بان كي مون بالتعبير عن أسفه لزهق الأرواح، من دون أن يحمل الجانب الإسرائيلي المسؤولية، فيما ألقى اللوم على عاتق المنظمين. وأشار إلى أن الجيش اللبناني بذل جهوداً لمنع المتظاهرين من اقتحام السياج لكنه أخفق في المرة الثانية رغم استعداداته للمناسبة. ووقعت سبعون إصابة في صفوف الجيش اللبناني، بينما جرح عدد من الجنود الإسرائيليين على نحو طفيف جراء إلقاء حجارة.
وعزا أسباب الإخفاق في السيطرة على التظاهرة إلى نقص عدد أفراد الجيش اللبناني، متهماً المؤسسة العسكريّة اللبنانية برفض تدخل قوات اليونيفل أو طلب مساندة منها، باستثناء المراقبة الجوية، بالرغم من عرض تلك القوات المساعدة على ضبط الوضع.
ولفت التقرير إلى تحذير وجهه الضباط الإسرائيليون في الإجتماعات الثلاثية بأنهم لن يتساهلوا مع أية خروق أخرى للحدود. وأكد منع الجيش اللبناني لتظاهرة أخرى في ذكرى النكسة، بينما وضعت اليونيفيل مزيداً من القوات قرب بوابة فاطمة على نحو خاص في تلك المناسبة.
ملاحظات
نسجل على تقرير بان كي مون الملاحظات التالية:
1- بان كي مون تناول ما تعرض له اللاجئون الفلسطينيون على الحدود من قبل قوات الإحتلال الإسرائيلي من زاوية القرار 1701 المتعلق بحفظ الأمن والإستقرار في الجنوب، الصادر إثر العدوان الصهيوني الإرهابي على لبنان، ولم يتناول التقرير ما جرى من قتل واستهداف للمدنيين الفلسطينيين من زاوية حقهم كلاجئين أو من زاوية أنهم مدنيون عزل.
2- تعامل بان كي مون مع قتل اللاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان من باب الوصف الإنشائي، فأخذ يصف الأحداث والوقائع، في محاولة إنشائية هدفها وصف مسرح الأحداث بهدف التعمية والتضليل عن الفاعل المباشر أو المجرم المباشر الذي قتل ستة وجرح 111 كما قال التقرير.
3- اكتفى بان كي مون بالتعبير عن أسفه لزهق الأرواح، لكنه لم يقم بإدانة الإحتلال، ولم يجرم الفاعل، والأسوأ من ذلك انه ألقى اللوم على عاتق المنظمين، وكأنه يبرر فعلة القتل، خاصة حين يذكر أن الجيش اللبناني حاول منع المتظاهرين من الوصول للحدود مرتين، وكأنه يقول إن كسر إجراءات الجيش اللبناني هي مبرر للإحتلال ليقتل اللاجئين الفلسطينيين.
الأبعاد السياسية
1- إن تركيز بان كي مون على ما جرى في مارون الراس وتوقفه عندها, هو دليل واضح على أهمية ما جرى وعلى الرسالة القوية التي نجح اللاجئون الفلسطينيون في إيصالها للعالم.
2- إن بان كي مون يقف مرة جديدة إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي ويدافع عنه ويغطي أفعاله الإجرامية, وإن هذا هو جوهر عمل الأمم المتحدة التي صمتت على مجازر صبرا وشاتيلا وجنين وقانا.
3- إن بان كي مون يتجاهل حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم ويتجاهل القرار 194 وشرعة حقوق الانسان وميثاق الامم المتحدة.
4- إن بان كي مون وخلفه الأمم المتحدة نصبا نفسيهما مدافعين عن الاحتلال وعن أمنه واستقراره.
ولكن كل هذه المواقف الصادرة عن الامم المتحدة لا تلغي حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وفي النضال بكافة السبل من أجل حق العودة شاء من شاء وأبى من أبى. وإن قدرة الأمم المتحدة على حماية الاحتلال ليست نهائية, فالشعب الفلسطيني الذي قاوم وتحمل القمع والإرهاب لن يتخلى عن حق العودة. وفي تناول ثنايا التقرير الدولي اعترف بالإنجاز النوعي الذي حققه اللاجئون الفلسطينيون في لبنان وسوريا. إن هذه الدماء الطاهرة التي سالت والأقدام العارية التي صعدت الجبال, وهذا الزحف الهائل هي التي دفعت العالم إلى ممارسة أقصى أنواع الضغوط على لبنان ليمنع مسيرة العودة في ذكرى النكسة.
فالصوت ارتفع والرسالة وصلت والإرادة حية, واللاجئ لا بد أن يعود مهما طال الزمان.
المصدر: مجلة البراق