الأونروا ومشروع
التصفية
بقلم: إياد القرا
اختارت الأونروا التوقيت
الأسوأ للإعلان عن الخطوات والإجراءات التعسفية في سبيل التخلص نهائياً من الملف الأكثر
أهمية في منطقة الشرق الأوسط منذ عام 1948، ولا شك أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين
اتخذت منذ مدة العديد من الخطوات التدريجية التي تمتد على مدى سنوات في مقدمتها تقليص
دورها في تقديم الخدمات الإغاثية والصحية والتعليمية وشملت وقف المعونات الشهرية المقدمة
لآلاف الأسر المحتاجة منذ خمس سنوات، وكذلك عدم إنشاء أو توسعة أي من مراكزها الصحية،
والتوقف عن بناء المدارس.
قبل العدوان على غزة في
تموز 2014، بفترة قصيرة جرى لقاء مع مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين
(الأونروا) في قطاع غزة "روبرت تيرنر" بحضور مجموعة من الزملاء الإعلاميين،
وتحدث عن توجهاته في غزة وكان محورها يتركز على تقليص خدمات الوكالة المقدمة للاجئين،
وتوافق ذلك في حينه مع اشتداد أزمة اللاجئين في سوريا، لكنه لم ينفِ هذا التوجه وأرجع
ذلك لأسباب مالية، وهو سبب غير مقنع، ويدلل على أن ما يحدث حالياً كان مرتباً له ووفق
خطة مسبقة تقوم على تصفية قضية اللاجئين وتقليص دور الوكالة في غزة.
تأثير الإجراءات الجديدة
سيترك أثراً واضحاً على خدمات التعليم وهو من الملفات التي تعاني معاناة شديدة، وخاصة
أن كافة المؤسسات الإنسانية المحلية والدولية أعلنت عن سوء الأوضاع المعيشية في قطاع
غزة وازداد سوؤها منذ العدوان الإسرائيلي على غزة، وانتظر المواطن أن تقوم وكالة الغوث
بدورها بتوسيع دائرة المستفيدين من خدماتها، لكن الصدمة أن وكالة الغوث تصر على تنفيذ
مخططها في تقليص الخدمات.
إلى جانب الخدمات التعليمية
والعجز في الخدمات الصحية وتقليص الإعانات التي تقدم للأسر المستورة، هناك ضرر كبير
سيلحق بالآلاف من الخريجين الشباب في غزة نتيجة إلغاء عقود العمل لعدد كبير منهم، يعملون
حالياً ضمن مشاريع الوكالة، وعدم الإعلان عن وظائف جديدة وأهمها وظائف التعليم التي
تعالج جزءاً من أزمة الخريجين والبطالة، وتهديد الآلاف من موظفي وكالة الغوث بمنحهم
إجازات دون راتب مما يفاقم من الأزمة المعيشية في غزة.
في نفس الوقت هناك الكثير
من الإجراءات التقشفية التي يمكن أن تقوم بها وكالة الغوث تجاه الموظفين الأجانب الذين
يحوزون على نسبة كبيرة من ميزانية وكالة الغوث، وما يضاف لهم من نثريات، وكذلك ما يعلن
عن برامج ومشاريع ليست ذات أولوية لدى اللاجئ الفلسطيني.
لذلك لا يمكن أن يقرأ إجراء
وكالة الأونروا إلا في سياق عملية تصفية لوكالة الغوث وبالتالي تذويب قضية اللاجئين،
وحينها تسهل عملية التوطين وخاصة في ظل الواقع العربي المرير وما يحدث في الدول التي
تضم غالبية اللاجئين مما يعطي وكالة الغوث فرصة لتنفيذ المخطط، حيث غزة المحاصرة وسوريا
وغياب الحل في الأفق، ولبنان الذي عانى من الأزمات العاصفة والأردن المنشغل بالعديد
من القضايا.
المصدر: فلسطين أون لاين