الاحتماء بالحقوق والثوابت أقوى من أمريكا و(إسرائيل)
بقلم: مصطفى الصواف
عندما كنا نسأل عن موقف السلطة الفلسطينية من القضايا
المطروحة وخاصة المفاوضات مع الاحتلال الصهيوني، كنا نؤكد بأن موقف السلطة موقف زئبقي
غير ثابت وانه متقلب ومتغير وفق المغريات وانه غير ثابت ، فقد يكون في الصباح على حال
يتغير في الظهيرة ويكون لها موقف ثالث في المساء.
اتخمنا من المواقف وأصابنا الإسهال من تغيرها، واليوم
يوافق عباس وحركة فتح على العودة لطاولة المفاوضات في الجولة السادسة لوزير الخارجية
الأمريكي بعد أن اسقط كل الشروط الفلسطينية وقدم لهم وهما في تعهدات شفهية قدمها خلال
اللقاءات المتعددة له مع الفلسطينيين ورفض كيري أن يقدم تعهدات مكتوبة لضمان أن التفاوض
سيكون على حدود عام 67 وتجميد الاستيطان وموضوع الأسرى ممن اعتقلوا قبل اتفاق أوسلو.
رفض كيري لشروط محمود عباس جاء وفقا لموقف الجانب
الإسرائيلي الرافض لكل ما اشترطه الجانب الفلسطيني وهو موقف إسرائيلي ثابت وهو العودة
لطاولة المفاوضات دون شروط مسبقة وقد تم بهذه الموافقة من قبل عباس للعودة لطاولة المفاوضات
، وقد يقول قائل بأن الجانب الإسرائيلي وافق على الإفراج عن عدد من أسرى ما قبل اتفاق
أوسلو وهو احد شروط عباس للعودة إلى طاولة المفاوضات، نقول أن موضوع الإفراج عن الأسرى
لم يكن استجابة لشروط فلسطينية بل هو مطالبة أمريكية كمبادرة حسن نية من قبل الجانب
الإسرائيلي، وكعادة يهود لا يقدمون بوادر حسن نية دون ثمن سياسي، وهاهم سيفرجون عن
بعض من أسرى ما قبل أوسلو والذين كان من المفترض أن بفرج عليهم قبل عشرين عاما، سيفرج
عن بعضهم إذا حدث تقدم في الجلسات الأولى لفريقي التفاوض ( تسيبي – عريقات ) أي إفراجا
مشروطا بالتقدم في المفاوضات.
صحيح هناك انقسام في الموقف الفلسطيني المؤيد للتفاوض
سواء في اللجنة التنفيذية ( التيس المستعار ) أو في المجلس المركز لحركة فتح وهذا الانقسام
أُرسل من أجله عباس عريقات حاملا الموقف الفلسطيني بعد اجتماع لما يسمى القيادة الفلسطينية
وعرض مبادرة كيري الشفهية على محمود عباس في عمان وكان الموقف الفلسطيني باختصاره أن
يكون هناك تعهد أمريكي بضمان أن المفاوضات تتم على حدود عام 67 مع تبادل طفيف في الأراضي
مع الجانب الإسرائيلي ، وهذا التعهد يجب أن يكون مكتوبا.
رفض كيري كعادة الإدارة الأمريكية تقديم أي تعهدات
مكتوبة وأكد لعباس بأن أمريكا تأمل أن تعمل (إسرائيل ) خلال التفاوض على قاعدة حدود
عام 67 وكذلك سيبذل جهدا لتجميد الاستيطان ، أمنيات مقابل تنازلات عباسية لكل ما تشدق
به على مدى عامين بعد توقف مفاوضات عباس اولمرت ، واليوم تعود المفاوضات من نقطة الصفر
وبدون شروط في ظل وضع إقليمي وعربي اقل ما يقال فيه انه ضباب تحكمه الفوضى والانقسام
ومحاولة التخلص من القضية الفلسطينية وتصفيتها.
العودة الفلسطينية للمفاوضات هي وصفة لتصفية القضية
الفلسطينية وهي بالنسبة لمحمود عباس وفريق التفاوض مقبولة لأن هذا الفريق يتحدث عن
دولة في اقل من 22% من مساحة فلسطين واعتراف بشرعية الاغتصاب لفلسطين وتنازل عن قضايا
كبرى القدس واللاجئين والاستيطان وتحويل الدولة الفلسطينية لو تم إقامتها لن تكون أكثر
من كلب حراسة للاحتلال ودولة الاغتصاب.
وأمام ذلك هل سيقف غالبية الشعب الفلسطيني موقف
المتفرج دون أن تعمل على أن تعلي صوتها وتصرخ لا للتفريط لا للتنازل مع للحقوق والثوابت،
وان ترفض قيادة المتنازلين والمبادرين لوثيقة جنيف للشعب الفلسطيني وتقديم كل هؤلاء
إلى محكمة ثورية بتهمة الخيانة العظمي.
العودة لطاولة المفاوضات بعد نقض كل المواقف الفلسطينية
والدخول في جولة مفاوضات جديدة محكومة نتائجها ليس بالفشل ولكن بتصفية القضية الفلسطينية،
وقد يرى البعض أن هذا حكم مسبق وقد تكون العودة هي نوع من الانحناء أمام العاصفة وان
العودة للتفاوض لتخطي التهديدات الأمريكية وان السلطة تراهن على عدم جدية الجانب الإسرائيلي
في تحقيق السلام وفق رؤية الفريق المفاوض.
ونقول لماذا إضاعة هذا الوقت؟، ولماذا نعطي العدو
الفرصة في استثمار الوقت لتنفيذ مخططه في إكمال السيطرة على الأرض الفلسطينية من خلال
الاستيطان والتهويد بغطاء فلسطيني وكان الأولى هو فضح العدو الصهيوني وفضح الانحياز
الأمريكي؟، على عباس والمنظمة وفريق المفاوض أن يستقووا بالشعب الفلسطيني وبالعودة
إلى ثوابته وحقوقه الاحتماء بها فهي اقوي من أمريكا و(إسرائيل).