الاعتراف بالدولة الفلسطينية: ما هو مصير اللاجئين؟
حسين الرواشدة
فيما تصر السلطة الفلسطينية على التوجه الى الامم المتحدة لتقديم طلب اعتراف بالدولة الفلسطينية في حدود 1967، أكدت لجنة المتابعة العربية التي ترأسه قطر (الاردن عضو فيها) أنها ستقوم «بمتابعة الموقف واتخاذ ما يلزم من اجراءات لحشد الدعم المطلوب له».
بافتراض ان هذا الطلب قد مر بتوصية من مجلس الامن وبقرار من الجمعية العامة، فان ما يحصل عليه الفلسطينيون لن يتجاوز الدوران في حلقة مفرغة جديدة، لماذا؟ اولاً لأن ما ستحصل عليه الدولة الفلسطينية من مكاسب لن يختلف عما حصلت عليه منظمة التحرير الفلسطينية منذ الاعتراف بها من قبل اكثر من (100) دولة في العالم، وثانياً لأن ثمة مخاوف من ان الاعتراف بالدولة الفلسطينية قد يلغي «حق العودة» وقد يكون له آثار سلبية تمس أوضاع وحقوق الفلسطينيين في الشتات، وهذا – بالتحديد – ما اشارت اليه وثيقة قانونية صدرت مؤخراً عن أحد ابرز رجال القانون في بريطانيا (اسمه جاي جودين جيل) وفيها يقول ان تبديل التمثيل من المنظمة الى الدولة يعني بأنه لن تكون هناك اية مؤسسة قادرة على تمثيل الشعب الفلسطيني بأكمله في الامم المتحدة، باعتبار ان الدولة في حدود (67) تمثل الشعب داخل هذا الاقليم فقط، فيما كانت المنظمة تمثل الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، وبهذا يرى ان هذا التغيير في الوضع التمثيلي سيهدد بشكل كبير حق اللاجئين في العودة الى ديارهم وأملاكهم، ويحرم اكثر من نصف الشعب الفلسطيني في الشتات من حقوقهم والتي كانت «منظمة التحرير» تضمنها لهم.
في موازاة ذلك يعتقد القانوني الفلسطيني انيس القاسم ان الفوائد التي سيجنيها الفلسطينيون ستكون «لا شيء تقريباً» وان سر اصرار السلطة على هذا المضي في هذا الطريق هو انه لا يوجد لديها شيء آخر «تلعب به» بعد انسداد المفاوضات وجمود المصالحة.. الخ، وهذا ما تراه حماس التي تتحفظ على هذه الخطوة نظرا لما تشكله – حسب تصوراتها – من خطر على ملف اللاجئين، سواء في غزة او في الشتات.
اذا صحت هذه القراءات، فان السؤال عن موقف الاردن الرسمي تجاه قرار انتزاع الاعتراف بالدولة الفلسطينية يبدو مشروعا وضروريا ايضا، صحيح ان «الخيار» الدبلوماسي الاردني المعلق يمضي باتجاه دعم الموقف الفلسطيني انسجاماً مع موقف لجنة المتابعة العربية، وصحيح اننا سمعنا قبل شهور كلاماً «مختلفا» من رئيس الوزراء حول مغبة تغييب الدور الاردني في المفاوضات حول ملفات اللاجئين والحدود وغيرهما، وفهمنا منه آنذاك ان ثمة محاولات تجري على صعيد السلطة الفلسطينية «للانفراد» بالمفاوضات وابعاد الاردن عنها، لكن الصحيح ايضاً ان امام الاردن في الايام القليلة القادمة فرصة لفتح هذا الملف الذي يمس المصلحة الاردنية ومناقشته على العلن، وخاصة فيما يتعلق بتداعياته على ملف «اللاجئين» والحدود الذي يشكل شأناً داخلياً اردنياً.
باختصار، مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وان كانت ستشكل انتصارا «معنويا» كما يرى البعض للسلطة الفلسطينية، لن تقدم شيئاً جديداً للشعب الفلسطيني، ولكن ما يجب ان نفكر به هو ما يمكن ان تفضي اليه «تداعياتها» السياسية والقانونية من آثار سلبية على ملف اللاجئين الذي يهمنا في الاردن، وعلى ملف القدس ومصير القضية الفلسطينية بشكل عام، واذا ما سألت عن «سر» التحفظ الاسرائيلي – كدليل يقدمه البعض على صواب القرار الفلسطيني فيكفي أن نعرف ان مواقف اسرائيل من أي خطوة فلسطينية او عربية – حتى وان كانت لا تقدم للفلسطينيين اي جديد – هي ذاتها لم تتغير؛ لأنها في الاصل لا تحترم اي قرار.
المصدر: جريدة الدستور الاردنية