القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 29 تشرين الثاني 2024

البحر مقبرة الفلسطيني... تلك أمانيهم

البحر مقبرة الفلسطيني... تلك أمانيهم

بقلم: إبراهيم العلي

يئن البحر وتتلاطم الأمواج وتبكي السواحل على بكاء الأمهات الثكالى، ويأتي صوت من بعيد يا قوم أليس فيكم رشيد؟

عشرات بل مئات اللاجئين الفلسطينيين يركبون البحر يومياً هرباً مما يجري في سورية ليجدوا أنفسهم أحد ثلاثة أصناف، صنف ارتحل فوصل، وصنف ارتحل فأعيد بعد أن اعتقل، وصنف ارتحل فمات بعد أن غرق او قتل.

وفي ظل ما يلقاه اللاجئون على امتداد لجوئهم داخل البلاد العربية ودول الجوار التي تجمعهم معها روابط الدم والأخوة والتاريخ المشترك الذي أشبع قراءة لها في مناهج الدراسة وخطب المساجد وبيوت العلم، فنمت أفكارهم وتفتحت على أن هذا الوطن هو وطن الجميع ولا فرق بين القدس وبغداد ودمشق وبيروت أو الجزائر فكل بلاد العرب أوطانهم.

فتروح وتأتي صور البرلمانات العربية والشعوب المتعاطفة معهم في الشوارع و الساحات و الجامعات وتترأى أمام أعينهم تلك الحشود فيشعرون بخيبة الأمل لدى وقوفهم على أبواب سفارات تلك الدول طالببين تأشيرة دخول إليها فلا يُعطون في مكان، ويُرحلون من مكان ويُسجنون في آخر، فيتبادر إلى أذهانهم السؤال عن معنى ذاك التضامن وكيف يُفهم ويُفسر على الأرض؟ وهل هناك اختلاف في المفاهيم؟ وهل الفلسطيني المنسوب إلى فلسطين ليس هو المقصود بشعب فلسطين؟

فما معنى أن يترك الفلسطيني القادم من سورية إلى لبنان على الحدود ممنوعا ً من الدخول أو يسمح لزوجته من الجنسيات العربية بالدخول ويمنع هو وأولاده، أو تمنع الأم الفلسطينية من الدخول ويسمح لأبنائها الذين يحملون جنسيات عربية أخرى.

وما معنى أن يدخل اللاجئ السوري إلى تركيا دون الحاجة إلى التأشيرة ويمنع الفلسطيني السوري من الدخول؟

وما معنى أن يسمح للاجئ السوري بالدخول إلى الأردن والجزائر وتونس وغيرها من الدول ويمنع اللاجئ الفلسطيني السوري؟

أوليس مصاب الأخوة في سورية هو ذاته مصاب الفلسطينيين اللاجئين فيها منذ أكثر من ست وستين عاماً؟

فمالذي يتوقعه الأشقاء منك أيها اللاجئ؟

وما هو بالضبط المطلوب منك حتى ترقى إلى معاملة الآخرين من عرب وعجم؟

ولماذا عليك أن تدفع الثمن أينما تكون؟ فلم ننس الأمس وما جرى فيه لفلسطينيي العراق أو الكويت أو لبنان حتى أصبحنا نبكى اليوم فلسطينيي سورية.

فهل أنت حِملٌ ثقيل على صدور إخوانك فأرادوا بمكرهم أن تُلقي بنفسك إلى البحر كي يستريحوا؟ فأخذت تفتش عن مراكب الموت متغاضياً عن النتائج دافعا ً كل ما تملك حباً في الوصول والخلاص المنشود لدى من يقدرون إنسانيتك؟

عذراً أيها الفلسطيني فما ضر العرب أو الغرب ما يصيبك، فهذه غزة ذبحت وتذبح على مرأى ومسامع العالم، ومخيمات الشتات في سورية بُعثر أهلها بعد أن حوصرت وقصفت واستبيحت، وفي لبنان الفقر فت العظم داخل المخيمات فلا عمل ولا استقرار.

فرحيلك هو الأمنية التي يضمرها ويعمل عليها البعض منذ سنين وها قد جاء الزمن العربي الرديء لتصبح الأمنية حقيقة والبحر مقبرة الفلسطيني.

المصدر: جريدة السبيل