البرد والفقر يتآمران على اللاجئين في المخيمات
وخارجها
أحمد سعد الدين - عمان
مع انخفاض درجات الحرارة وتساقط الثلوج
على الأرصفة، يلجأ الأردنيون إلى البيوت بحثاً عن الدفء، وهرباً من الشوارع التي أُغلقت
نتيجة ارتفاع مستوى المياه في الطرقات. إلا أن اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات، كان
البرد القارس يقطن مساكنهم، ومياه الأمطار أيضاً تختبئ في زوايا منازلهم.
أزمة خانقة أمام محطات بيع المحروقات، وطوابير
كبيرة تقف انتظاراً لشراء بعض الخبز تجنباً للمنخفض القطبي الذي اقتحم البيوت واستمر
لأكثر من أربعة أيام.
في جوانب المخيمات يعيش اللاجئون في برد
قارس وأوضاع اقتصادية صعبة، مع ارتفاع تكاليف المعيشة وارتفاع أسعار المحروقات.
في مخيم الحسين وسط عمّان، وهو أحد أهم
المخيمات الفلسطينية، يقطن الثلاثيني أشرف زياد الذي يعمل في مهنة الخياطة. لسان حال
أشرف يتحدث عن صعوبة الحياة في المخيم، إلا أن ارتفاع أجور السكن يُلزمه البقاء في
المخيم الذي ترعرع فيه.
في بيت يسكنه ثمانية أشخاص، يعدّ أشرف نفسه
من المحظوظين في عدم اكتظاظ منزله البسيط، ولكنه لا يسكن في كافة أجزاء منزله؛ فالمياه
التي تتساقط من أسقف الزينكو تجبره على البقاء في غرفة المعيشة وإغلاق كافة المنافذ
التي يتسلل إليها البرد.
"الحياة مش سهلة" يقول أشرف،
ويتحدث عن غلاء أجرة كشفية الطبيب عند مرض أحد أطفاله البالغ من العمر 7 سنوات، حيث
يعمل على التوجه إلى عيادات وكالة الغوث في الصباح. لكن في ساعات الليل الباردة يضطر
إلى الذهاب إلى قسم الطوارئ في أحد المستشفيات ودفع ما يقرب 20 ديناراً، ما يعادل
35 دولاراً للمشفى.
ولا تختلف حال أشرف عن حال غيره من أبناء
المخيم؛ ففي كل بيت قصة عن فقر، وفي كل زاوية رواية لأوضاع قاسية يعيشها من بقي في
المخيمات من أبنائها، ويقولون إن برد الشتاء القارس وقدوم الصيف الساخن أيضاً أصبح
يصعّب حياتهم في المخيم.
في الوقت ذاته، ومع موجة البرد والثلوج
التي وصلت إلى الأردن، نشطت في أثناء تساقط الثلوج حملات إغاثة وفرق مساعدة شبابية
تعمل على إيصال الخبز والمحروقات إلى البيوت التي يصعب عليها توفير احتياجاتها أثناء
موجة البرد، وعملت على توفير مادة الخبز للبيوت في مختلف مخيمات الأردن، بهدف التخفيف
من حدّة البرد وتسهيل إيصال مستلزمات الشتاء من البطانيات والمحروقات.
ومع موجة السيول التي شهدها الأردن، عمل
ارتفاع منسوب المياه على غرق بعض منازل مخيم الحسين ومخيم الوحدات، وذلك نتيجة انخفاض
مستوى البيوت عن شوارع المخيم، ما يدفع المياه إلى دخول المنازل واغراق البيت بمياه
الأمطار.
في مخيم الوحدات، حيث تسكن الحاجة أم أمين
اللالا، التي غرق منزلها بالمياه المحاذية لمنطقة السكن التي تمتلئ بالبيوت، تقول الحاجة
إن المياه دهمتها ليلاً وأحدثت الخراب داخل المنزل، ولم يسلم شيء، حتى غرفة تخزين الطعام
وصل إليها الماء، وأصبحت تغرق في المياه.
وعلى الرغم من الجهود الخجولة التي قامت
بها أمانة عمّان، إلا أن تلك المياه، وصلت إلى البيوت، ولم يعوض سكان المخيم عن الخراب
الذي حدث في المنازل.
ولعل عدم كفاءة المؤسسات الصحية القائمة
في المخيمات، سواء من ناحية الكمّ، أو الخدمات الموجودة ونوعيتها، وحلّ هذه المشكلة
يتطلب تحسين مستوى الخدمات الصحية المقدمة، والسماح ببناء مؤسسات إضافية وبناء عيادات
ومستشفيات حديثة، وتوفير الفنيين والعاملين في هذا المجال والأطباء المتخصصين والأطقم
الطبية المساعدة.
يشار إلى أن نسبة المساكن المبنية من الطوب
في المخيمات تبلغ نحو 97 في المئة، وهي نسبة مرتفعة تعكس واقعاً اقتصادياً متردياً
لدى اللاجئين في الأردن، الأمر الذي يجبرهم على استخدام الطوب وعدم القدرة على استخدام
الحجر الإسمنت، ويوجد أيضاً ما نسبته 4 في المئة تقريباً من المساكن في المخيمات مبنية
من الزينكو.
وبالنظر إلى عدد العائلات التي تقيم في
المسكن، يلاحظ أن نحو 69 في المئة من المساكن في المخيمات تسكنها عائلة واحدة، فيما
أكثر من 31 في المئة من المساكن في المخيمات تسكنها عائلتان أو أكثر، وهذا بدوره يوضح
الضائقة السكانية المرعبة التي تعيشها المخيمات، إضافة إلى ضيق الشوارع والممرات والأزقة
وانخفاض نسبة المعبّد منها وانتشار الحفر والقنوات التي تتجمع فيها المياه العادمة
وكثرة الشقوق التي تشكل مصدراً دائماً للتلوث.
وعلى الرغم من التصريحات الحكومية التي
تصدر عن مسؤولي وكالة الغوث أو لجنة تحسين خدمات المخيمات، إلا أن واقع المخيمات يبدو
مختلفاً عمّا وجد في طيات الصحف والكتب الرسمية في العمل على تطوير الواقع الصعب للمخيمات.
المصدر: مجلة العودة، العدد الخامس والستون