الثورات العربية وأعداء فلسطين..
مشهور عبدالحليم- بيروت
لكل سياسي وإعلامي في عالمنا العربي والإسلامي حساباته
وتفسيراته وقراءته لما عرف بالربيع العربي سواء على الصعيد الداخلي لكل بلد أو في انعكساته
على مستقبل الصراع العربي الصهيوني الذي يراوح مكانه منذ العام 1948م الأمر الذي مكن العدو من التوسع والاحتلال ليشمل أجزاء من الأراضي
العربية المحيطة (مصر والأردن وسوريا ولبنان).
ولكن الشعب الفلسطيني له حساباته ورؤيته المختلفة لتلك
الثورات و للربيع العربي التي اتسعت دائرته الجغرافية يوما بعد يوم لتصبح زلزالاً عربياً
شاملاً هزت عروش الملوك والأمراء والرؤساء العرب الذين عاشوا نعيماً، ما كانوا ليحلموا
به على الإطلاق، وتدرك الشعوب العربية أن لهذه الثورات ثمناً باهظاً وشلالات من الدماء ستنهمر بغزارة من
أجل الحرية والكرامة، قد يقول قائل سئمنا الحروب والتشرد ونريد العيش بأمان وبأي ثمن
(هؤلاء هم المرجفون والمحبطون وأزلام الأنظمة).
أما فلسطين وبعد مضي ستة عقود ونصف من حياة الشعب الفلسطيني
في اللجوء والتشرد بسبب الاحتلال وما ألحقه من دمار بفلسطين وبالشعب الفلسطيني، ها
هو يقترب من نهاية النفق الذي امتد لعقود من المجد والكرامات وأحياناً من النكسات،
ويقول الفلسطيني بلسان الواثق بتحقيق حلم العودة إلى فلسطين والديار والبيارات والمقدسات
سينبلج الفجر قريباً وستسطع شمس الحرية ويتحقق ما يتطلع إليه الشعب الفلسطيني بعد طول
انتظار.
ما هي إلا بضع سنين وبعدها فليفرح الفلسطينيون والمؤمنون
بنصر الله، وفي كلام حديث لوزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كسنجر قال وليس تعويلاً
عليه (لقد دخلت إسرائيل في العشر الأواخر من عمرها)، وهذه قناعتنا أن الكيان الصهيوني
إلى زوال مهما طال زمن احتلاله.
ونعود لأصل التفاؤل أو إن شئتم بلوغ نهاية النفق هو ما
اثبتته الشعوب بوعيها وما تختزن من ثقافة المقاومة وما تعني لهم فلسطين، ولما كانت
فلسطين ولا زالت في أدبيات المفكر والكاتب والأديب والإعلامي والسياسي أنها القضية
المركزية لشعوبنا العربية والإسلامية كانت تلك الأدبيات عبارة عن مجاملات عاطفية وإعلامية،
مع العرفان والشكر والتقدير لبعض المتطوعين من العرب والمسلمين الذين قدموا التضحيات
والشهداء من أجل فلسطين، لكن اليوم الصورة مختلفة تماماً فالواقع من حولنا يتغير تغيراً
جذرياً، وأسمح لنفسي أن استشهد بقول للإمام القائد الشهيد الشيخ أحمد ياسين( أنه لن
يبقى القوي قوياً ولن يبقى الضعيف ضعيفاً ) ولن يبقى الشعب الفلسطيني وحيداً وهذا الحال
ينطبق على كل حاكم وزعيم مهما علا شأنه ومهما لفق وضلل وبطش، فقد اقتربت ساعة الحقيقة،
هناك من الزعماء من سحقته الثورة وهناك من اقتلعته وهناك من سجنته وهناك من ينتظر حكم
الشعب فيه وهناك من يظن أنه بمنأى عن غضب شعبه، ولذلك فإن المكابر فيهم والمستمر في
غيه وتضليله يصور للعالم أن حرباً كونية تدور عليه ومن حوله ويعتقد أن الملائكة والجن
يتأمرون عليه، لقد ولى زمن الأراجيف والتخويف وصدق من قال إذا أردت أن تخوف مجموعة
فاضرب القوي فيها يخشاك باقي أفراد المجموعة.
هنا مدعاة التفاؤل ونحن مطمئنون لإنجازات المقاومة التي
قهرت الكيان الصهيوني خلال العقد المنصرم في لبنان وفلسطين، وهذا الكيان هو كبيرهم
المتهاوي ولما ينحل العقد والسوار من حول الكيان سيبدأ بالترنح والخشية على مستقبله، لقد مرت العقود الستة الماضية
بين الحروب الوهمية والسلام المزيف لتكشف من وقف مع الشعب الفلسطيني ومن تآمر عليه
وعلى مقاومته ومن كان شريكاً للاحتلال في عدوانه على أهل غزة، ومن دمر المخيمات وارتكب
المجازر بحقها.
الشعب الفلسطيني لن نصغي بعد اليوم إلا لصوت الحق ثم
لصوت الجماهير والثورة هم حلفاء فلسطين والداعمون للمقاومة وما عداهم هم أعداء فلسطين
والشعب، سنصبر لأمر الله وقدره إنها بضع سنين وستنتصر فلسطين والجمع سيولون الدبر وينهزم
كبيرهم الذي أوهمهم بالبقاء والهيمنة والسيطرة
الدائمة.
المصدر: البراق، عدد نيسان، 2013