الحالة الفلسطينية..
الرابح والخاسر
بقلم: ماجد الزبدة
حيرة كبيرة يعيشها المواطن
الفلسطيني منذ ثماني سنوات، وهو يتساءل عن كيفية إنهاء الانقسام الفلسطيني، هذا التساؤل
الذي لم يجد العرب والفلسطينيون له إجابة شافية حتى هذه اللحظة، فكيف يمكن أن يكون
الاختلاف في البرامج والرؤى السياسية سببا لقطيعة سياسية واجتماعية امتدت لسنوات، وكيف
يمكن للدول العربية مجتمعة ومنفردة أن تفشل مراراً في جمع الشمل الفلسطيني في منظومة
سياسية واحدة، في حين أن الاختلاف السياسي بين مختلف الأحزاب هو أمر طبيعي لا تخلو
منه معظم البلدان، دون أن ينتج عنه قطيعة سياسية واجتماعية اللهم إلا في بعض جمهوريات
الموز التي يحكمها أباطرة مفسدون.
نظرة معمقة إلى الواقع الفلسطيني
تشير إلى أن الفلسطينيين من فئة الشباب قد سئموا واقعهم المرير، فقد تصاعد التمرد على
السلطة الفلسطينية بشكل غير مسبوق على شكل مواجهات مسلحة ومتكررة باتت تشهدها العديد
من مدن ومخيمات الضفة بين الشبان الفلسطينيين وأجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية،
كما أن الهزيمة المدوية التي لحقت بحركة فتح في الانتخابات التي شهدتها جامعة بيرزيت
التي تمثل قلب رام الله العاصمة السياسية للسلطة الفلسطينية عبرت عن تغير واضح في المزاج
الفلسطيني العام الذي بات يرفض البرنامج السياسي لحركة فتح ويأنف من مجرد ذكر مصطلح
التنسيق الأمني الذي صرح رئيس السلطة الفلسطينية في مايو الماضي أي قبل عام واحد فقط
بأنه أمر مقدس. ولا شك بأن صعود اليمين الإسرائيلي المتطرف في الانتخابات البرلمانية
الأخيرة ببرنامجه السياسي الرافض لحل الدولتين إنما يؤكد فشل برنامج المفاوضات الفلسطينية
الإسرائيلية وأنه لا جدوى من استئنافها من جديد.
واقع الفلسطينيين في غزة
أشد بؤساً وأكثر مرارة، فرغم الانجازات العسكرية التي حققتها حماس ضد جيش الاحتلال
في حروبه الثلاث المتتالية ضد غزة، إلا أن تنامي حالة الاحباط وضعف الانتماء للوطن
أصبحت سائدة لدى كثير من الشباب الفلسطيني الذي بات يبحث عن طريقه للهجرة بحثاً عن
عيش كريم وحياة هانئة. ورغم أن حركة حماس قدمت في اتفاق الشاطئ الأخير أضعاف ما قدمته
حركة فتح بهدف تحقيق المصالحة الفلسطينية وتخلت عن شرعيتها السياسية التي تمثلت في
حكومة إسماعيل هنية، إلا أن خصمها السياسي لم يقدم أي خطوة فاعلة لتأسيس شراكة فلسطينية،
فحكومة التوافق الفلسطينية اعتبرت نفسها امتدادا لحكومة رام الله السابقة ونظرت لموظفي
حكومة غزة السابقة أنهم خارج إطار الشرعية، علاوة عن إحجامها عن استلام المعابر أو
تقديم الخدمات الحكومية لمواطني غزة، وكأن غزة قطعة من كوكب المشتري وليست جزءاً من
فلسطين.
ورغم أن حركة حماس قد تعرضت
لغبن سياسي على يد خصمها السياسي محمود عباس الذي ظن بأنه قد نجح في الانتقام لنفسه
بانتزاع شرعيتها السياسية دون أن يدرك أنه قد أسهم في تعميق الشرخ السياسي الفلسطيني،
إلا أننا لا نستطيع أن نغفل عن ممارسات سياسية قامت بها بعض قيادات حماس والتي أسهمت
في اتساع الفجوة الشعورية بينها وبين إحساس الشارع الفلسطيني الذي تزايدت معدلات الفقر
فيه بشكل غير مسبوق حتى وصلت إلى خمسة وستين بالمائة من مجمل سكان غزة، كما وصلت نسبة
البطالة فيه إلى ثمانية وأربعين بالمائة من مجمل العاملين، وأصبح هم المواطن الفلسطيني
توفير لقمة العيش لأبنائه قبل التفكير بتحرير القدس والأقصى.
الحالة الفلسطينية حالة
نادرة تساوت فيها الخسارة لدى جميع الأطراف الفلسطينية والرابح الوحيد هو الاحتلال
الإسرائيلي الذي سارع من وتيرة تهويد القدس بشكل غير مسبوق بتواطؤ خفي من بعض الأنظمة
العربية وبصمت مطبق من أنظمة أخرى، وربما من نافلة القول أن نشير إلى أن الخروج من
هذه الحالة الخاسرة بيد السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس كونه يمثل الجهة الرسمية
التي لطالما صدحت في وسائل الاعلام بأنها الممثل الشرعي والوحيد للكل الفلسطيني، فهو
مُطالَب بتأسيس شراكة فلسطينية حقيقية عبر السماح لحكومة التوافق ببدء إعمار غزة والعمل
على رفع الحصار عنها، كما أن تخفيف قبضة الاحتلال الأمنية على سكان الضفة والمتمثل
في وقف التنسيق الأمني أصبح ضرورة فلسطينية مُلحّة، فقد سئم الشعب الفلسطيني سماع كلمة
انقسام التي يعايشها واقعا يوميا ويعرف أسبابها وسبل التخلص منها دون أن يرى فعلا حقيقياً
لإنهائها.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام