القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

الحكومة اللبنانية.. هل من "نظرة إلى ميسرة" نحو فلسطينيي سورية؟

الحكومة اللبنانية.. هل من "نظرة إلى ميسرة" نحو فلسطينيي سورية؟

بقلم: صالح الشناط

كُتب على الفلسطيني التّشرد منذ سنة 1948، من أرضه إلى دول الشتات، منهم من هُجّر إلى لبنان، ومنهم إلى الأردن، ومنهم إلى سورية التي شهدت هجرتين إليها ومنها، وأحلاهما مرّ.

يوجد في سورية ما يزيد على 13 مخيماً للاجئين الفلسطينيين، بعضها رسمي والآخر غير رسمي، ويقدر عدد الفلسطينيين فيها بنحو نصف مليون نسمة.

ويعدّ مخيم اليرموك في دمشق، الذي أنشئ سنة 1957، أكبر تجمع للفلسطينيين في سورية، ويقدّر عدد سكانه حالياً بنحو 360 ألف نسمة، ويوجد في المخيم أربع مستشفيات، وأكبر عدد من المدارس التابعة لوكالة الأونروا.

عصفت الأحداث الجارية في سورية باللاجئين الفلسطينيين هناك، خصوصاً في مخيم اليرموك، بسبب انتقال الاقتتال بين النظام السوري والأطراف الأخرى إلى داخل المخيم المكتظّ بالنساء والأطفال، فصار في البقاء خطر كبير، حيث إن سكانه معرضون للقتل في أي لحظة، ففضل بعضهم الهجرة على الموت، بيد أنهم اكتشفوا حين هجرتهم إلى لبنان أنهم فروا من موت إلى موت!

ولسنا ندري متى ستنتهي أحداث سورية، التي تجاوز عدد الضحايا فيها حتى 2/1/2013 الستين ألفا، بحسب إحصائية للأمم المتحدة، وبالتالي فإنه ودون أدنى شكّ أن هذه الأحداث تنعكس سلباً على اللاجئين الفلسطينيين في سورية، الذين سقط منهم أكثر من 800، كما أفادت مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية نهاية كانون الأول/ ديسمبر الماضي.

خرج الفلسطينيون زرافات ووحدانا، ولكن إلى أين؟ لن نقول من المرّ إلى الأمر، حتى لا نبالغ في الوصف، ولكن سنقول من الأمر إلى المرّ، خرجوا إلى لبنان، وما أدراك ما لبنان!

استقبل الفلسطيني اللبناني أخاه الفلسطيني السوري بالأحضان، وكتم عن الأخبار، حتى يرتاح من عناء الأسفار، وبعد أن أخذ أنفاسه وجد أنه لا يختلف حاله عن حال صاحبه في لبنان، من حيث اشتراكهما في الإجحاف تجاه الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فكلاهما لا يتمتع بتلك القوانين، في مجالات الصحة والعمل والسكن والتمليك.. الخ.

فتح له بيته في علبة السردين (المخيم) حيث أسلاك الكهرباء تتشابك فلا يريان الشمس، وخراطيم المياه تغطي جوانب الزواريب، والمياه العادمة في الشارع شلال، أزمة كهرباء، أزمة ماء، أزمة دواء، أزمة صحية، أزمة بيئية، أزمات ليست كالأزمات حيث إنها مجتمعة على هؤلاء المساكين.

افترش الفلسطيني القادم من سورية الأرض والتحف السماء، جاءتنا في المخيمات وتجمعات الفلسطينيين عشرات العائلات الفلسطينية، فضلاً عن السورية، والله، يقف الإنسان أمامهم محتار، فصل شتاء، وبلد غلاء، بطالة، وأزمة سكن إنه بحقّ بلاء.

من لهؤلاء، أين الحكومة اللبنانية، وأين دورها تجاههم، لمَ لا تؤمن لهم السكن؟ لا بل وبالرغم من هذا تفرض عليهم رسوم دخول لبنان! وأزيدك من الشعر بيتاً، أن أناساً ضايقهم هذا الأمر فنادوا بأعلى الصوت: "ألا يكفينا وجود الفلسطينيين في لبنان لتأتي بقية المخيمات إلى لبنان أيضًا"؟

لكننا ما زلنا نستبشر خيراً من الحكومة تجاه قضية فلسطينيي سورية في أن تحتضنهم وتقدم لهم المعونة وتعطيهم الحقوق حتى يعودوا إلى موطن لجوئهم الأول (سورية).

ومن بوادر تحقيق هذه الآمال ما نشرته جريدة القدس العربي، في 3/1/2013، أن الحكومة اللبنانية أعدت خطة لمواجهة أزمة النازحين من سورية، وفيما يخص النازحين الفلسطينيين من سورية تلفت الخطة إلى أنه "تمّ تحديد الأسر الفلسطينية من بين النازحين السوريين ويقيم معظمهم في المخيمات الفلسطينية، هذا وتستنفد قدرات العائلات المضيفة والمنظمات الإنسانية والمنظمات غير الحكومية المحلية داخل المخيمات، لذلك ينبغي على منظمة "الأونروا" التي تعتبر وكالة الدعم الرئيسة، القيام بدور ريادي في هذا المجال، وقد تضمنت خطة الحكومة اللبنانية موازنة تقديرية للاحتياجات الأساسية لخمسة آلاف عائلة نازحة فلسطينية وذلك في مقاربة متكاملة من جهة الحكومة اللبنانية في النظر إلى الأزمة". وتشير الخطة إلى "أن الموازنة المقترحة لـ"لأونروا" هي 11.774.000 دولار".

ولا شك أن على "الأونروا" واجباتها تجاه فلسطينيي سورية، غير أن ذلك لا يعفي الحكومة في لبنان من الإسهام في تحقيق الحياة الكريمة لهم، وما هي إلا "نظرة إلى ميسرة"، فبقاؤهم لن يطول في لبنان إن شاء الله.

المصدر: مجلة البراق، عدد كانون الثاني، 2013