القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الخميس 28 تشرين الثاني 2024

الحل الإقليمي

الحل الإقليمي

بقلم: يوسف رزقة

( فلان بلعب على الحبلين ) عبارة نستخدمها حين نحذر صديق من كذب فلان ونفاقه. ويكون التحذير أشد حين نقول ( فلان بلعب على مائة حبل؟!). لأن الرجل المستقيم لا يفعل فعل الأول ولا فعل الثاني، لأن استقامته تمنعه من الكذب والمراوغة والمناورة والنفاق، ولأن هذه الصفات متغلغلة في طبيعة نيتنياهو وخلاياه الذهنية والنفسية، يجدر أن نحذر منه ومن سياساته حين يطرح مشروع الحلّ الإقليمي، كبديل لحل الدولتين ، كما تتحدث مصادر عبرية قريبة من الحكومة الجديدة.

حلّ الدولتين لفظ أنفاسه الأخيرة، في تصريحات نيتنياهو في الحملة الانتخابية الأخيرة، حين قال لا لحل الدولتين، ولن يكون هناك انسحاب جديد من الضفة، فكانت تصريحاته زلزالا قاسي الوطأة على عباس ومشروعه من ناحية، وعلى أوباما وإدارته من ناحية أخرى. وما زالت موجات الزلزال الارتدادية تطوف في العواصم الأوربية، التي تؤكد في تصريحاتها على أهمية حل الدولتين لاستقرار المنطقة، ولكنها عاجزة عجزا تاما على فعل شيء عملي لتغيير موقف نيتنياهو، الذي فاز بالانتخابات الأخيرة بناء على هذه التصريحات، التي توحد خلفها المستوطنون، ودعاة طرد الفلسطينين، وقتلهم.

نعم لقد ساعدت هذه التصريحات نيتنياهو على الفوز داخليا، ولكنها فيما يبدو حملته أعباء ثقيلة خارجيا، ومن ثمة باتت التصريحات الغربية تطالبه بالتراجع عن تصريحاته، والعودة إلى المفاوضات مع عباس. ولكن نيتنياهو تلقى فيما يبدو نصيحة من مستشاريه ومن مراكز الأبحاث تدعوه أولا لعدم التراجع عن تصريحاته لأنه سيفقد مصداقيته داخليا، وإلى تفعيل مشروع الحل الإقليمي إعلاميا للاستهلاك ثانيا، إلى حين تنتهي ولاية الرئيس أوباما، وتزول الضغوط .

وهنا نقول إن نيتنياهو لا يؤمن بحلّ الدولتين، ولا يؤمن بالحلّ الإقليمي، لأن الحلّ الإقليمي في الرؤية العربية في النهاية يرتكز أيضا على حلّ الدولتين. ومن ثمة فإن الحلّ الإقليمي من قبيل تنشيط المبادرة العربية وتعديلها، تمنح نيتنياهو فرصة لخداع العالم، وتخدير قادته، وإيقاف الضغوط الدولية عليه عشرين سنة أخرى لحين استكمال مشروعه في السيطرة على الضفة الغربية.

الحلّ الإقليمي مشروع قديم، وجدنا صداه في مؤتمر مدريد، ثم في المبادرة العربية، وهو قائم في الفكر الصهيوني على تعريف الصراع في المنطقة على أنه صراع عربي إسرائيلي، لا صراع فلسطين أسرائيلي، وبعبارة أخرى الحل الإقليمي ينفي الفلسطيني، ويجعل حلّ قضايا الفلسطينيين من مسئولية العرب، وخارج أرض فلسطين المحتلة، والبلاد العربية واسعة، ويمكنها استيعاب الفلسطينين وتوطينهم وتجنيسهم، وعليه فإن الحلّ الإقليمي في الفكر الصهيوني، غير الحلّ الإقليمي في المبادرة العربية أو الفكر العربي، ونيتنياهو يعلم ذلك، ويعلم أنه ليست هناك فرصة جيدة لجسر هوه الخلاف من خلال المفاوضات الإقليمية، ولكن طرح الحل الإقليمي يبقى إسرائيليا مناورة جيدة لكسب الوقت، كما كان حلّ الدولتين مناورة جيدة أعطت إسرائيل فرصة جيدة لتهويد القدس وتوسيع الاستيطان بلا مشاكل، وبلا مقاومة.

الحل الإقليمي مخيف في الطرح الصهيوني الآن لأن الساحة العربية هشة وفي أسوأ أحوالها، وربما تنظر لما قد يطرحه نيتنياهو على أنه القشة التي يتعلق بها الغريق، وأحسب أن النظام العربي كله يعاني الغرق بأشكال مختلفة.مع أن الأقليمي وحل الدولتين ليس إلا لعب على حبال متعددة.

المصدر: فلسطين أون لاين