القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

الخليل تتصدر يوميات الانتفاضة

الخليل تتصدر يوميات الانتفاضة

بقلم: عدنان أبو عامر

منذ اندلاع الانتفاضة الحالية في الأول من أكتوبر الماضي، انضمت إليها محافظة الخليل جنوب الضفة الغربية، وجاء انضمامها متوقعاً بسبب سجلها الطويل في قيادة المواجهات الفلسطينية الإسرائيلية في الانتفاضتين السابقتين: الأولى 1987، والثانية 2000.

عدد العمليات

تعتبر الخليل أكبر مدن الضفة الغربية، ويقدر عدد سكانها بـ270 ألف نسمة، ويقوم الجيش الإسرائيلي بإغلاق أجزاء كبيرة منها، وينشر قواته فيها، ويسيطر على 20% من مساحتها حسب اتفاق واي ريفر 1998، بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، ويحيط بها كثير من المستوطنات الإسرائيلية، أهمها مستوطنة كريات أربع، ويقدر عدد المستوطنين في الخليل بـ850 مستوطناً.

يحتفظ "الخلايلة" بذاكرة طويلة من الأحداث الدامية، أخطرها مجزرة مسجد الحرم الإبراهيمي يوم 25 فبراير 1994، نفذها الطبيب اليهودي "باروخ غولدشتاين"، وقتل فيها 30 مصلياً مسلماً وأصاب العشرات.

في هذه الانتفاضة، يمكن الإشارة لجملة أسباب جعلت الخليل تتصدرها، لعل أهمها وجود المستوطنين فيها على مدار الساعة، وانتشار أعداد كبيرة من الجنود الإسرائيليين المكلفين بحمايتهم، واحتكاكهم المباشر مع سكان الخليل، وشكاوى الفلسطينيين الدائمة من المضايقات التي يتعرضون لها بدعوى تفتيشهم الدائم.

سميرة الحلايقة، عضو المجلس التشريعي عن الخليل، أكدت "للمونيتور" أن "الإجراءات الإسرائيلية في الخليل كتقطيع أوصالها، وعزلها عبر الحواجز، واحتجاز جثامين الشهداء، وتصفية الشبان بدم بارد، هو استهداف ممنهج هدفه وقف الانتفاضة؛ لأن الاحتلال الإسرائيلي يعتقد أن الخليل هي قلب الانتفاضة".

بلغ عدد عمليات الطعن والدهس التي نفذها فلسطينيو الخليل 23 عملية، وعدد شهدائها 25 من أصل 70 قتلوا برصاص الجيش الإسرائيلي في جميع الأراضي الفلسطينية منذ اندلاع الانتفاضة الحالية أوائل أكتوبر، وزاد عدد جرحاها عن 1100 خلال المواجهات مع الجيش الإسرائيلي، في 19 نقطة تماس داخل الخليل وعلى حدودها، مما دفع بوسائل الإعلام الإسرائيلية يوم 24 أكتوبر لوصف الخليل بـ"عاصمة الانتفاضة"، بسبب تزايد عمليات الطعن فيها، وتنفيذ أبناء المدينة لنسبة كبيرة من العمليات بالقياس لباقي مدن الضفة الغربية.

هناك عامل آخر يبدو واضحاً في تصدر الخليل للانتفاضة، يتعلق بالبعد العشائري الذي دخل على خط الحراك الشعبي، مما أكسب الانتفاضة زخماً كبيراً اتضح في مظاهرة دعت لها عشائر المدينة لاسترداد جثامين الشهداء المحتجزة لدى الجيش الإسرائيلي يوم 31 أكتوبر.

حسام بدران، الناطق باسم حماس، قال "للمونيتور" أن "المشاركة الجماهيرية الواسعة في تشييع شهداء الخليل، هو استفتاء حقيقي على خيار المقاومة، ورسالة قوية للاحتلال الإسرائيلي بأن إجراءاته القمعية وعقوباته الجماعية لن تؤثر على الخليل باعتبارها الحاضنة الشعبية والوطنية لمشروع المقاومة، وتؤكد أن محاولات الالتفاف على الانتفاضة لن تنجح، والدليل على ذلك ما شهدته مدينة الخليل في ذلك الحدث الجماهيري".

مسئول أمني فلسطيني، رفض كشف هويته، أبلغ "المونيتور" عما اعتبرها مؤشرات تمهد الطريق أمام دخول الخليل للانتفاضة بصورة أشد من الأسابيع السابقة بقوله "رغم الانتشار المكثف للأمن الفلسطيني في المدينة، فهو لا يسيطر عليها كباقي مدن الضفة كرام الله والبيرة مثلاً، ولا ننسى أن حماس لها تأييد كبير بين سكان الخليل، فضلاً عن الاحتكاك اليومي بين الفلسطينيين والمستوطنين في مدينة يسكنها عشرات آلاف الفلسطينيين، وهي احتكاكات قادرة على إشعال الوضع في كل لحظة".

الإجراءات الإسرائيلية

تخوف الجيش الإسرائيلي من انفجار الموقف في الخليل دفعته لاستدعاء المزيد من قواته العسكرية في الأسبوع الأخير من أكتوبر، وشن حملات الاعتقالات طالت بين يومي 15-21 أكتوبر عشرات الفلسطينيين، بينهم أسرى محررين وطلبة جامعات، بعد اقتحام منازلهم وتفتيشها والعبث بمحتوياتها، وشملت الاعتقالات عدة بلدات من الخليل مثل "بيت أمر وبيت عوا وبيت كاحل ودورا"، وقام الجيش الإسرائيلي بتسيير دوريات عسكرية في شوارعها، ونصب حواجز عسكرية.

بلال الشوبكي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخليل، أثار نقاشاً مهماً على صفحته على الفيسبوك يوم 30 أكتوبر، للحديث عن الأسباب المهمة في بروز دور الخليل في الانتفاضة الحالية، مركزاً على احتضان مؤسسات المدينة للحراك الجماهيري، ودعم جامعة الخليل لانخراط الطلاب في الانتفاضة.

علي الزرو، أحد سكان الخليل، قال "للمونيتور" أن "الجنود الإسرائيليين يسيّرون دورياتهم الراجلة في شارع الشهداء بالخليل، وأصابعهم على الزناد لضمان أمن المستوطنين، وكل من يدخل الشارع من الفلسطينيين يتم تسجيل اسمه ورقم لوحة سيارته، وبطاقة هويته في لوائح خاصة عند الكتل الإسمنتية في الشارع، ويمنع الجيش من لا يظهر اسمه في هذه اللوائح من دخول الشارع".

صحيفة الرسالة التابعة لحماس، وصفت يوم 29 أكتوبر سكان الخليل بالأكثر تديناً بين فلسطينيي الضفة الغربية، واعتبرت الخليل بأنها "مدينة حماس" في الضفة، في ضوء التأييد الكبير للحركة بين صفوف سكانها، مما حدا بإسرائيل والسلطة الفلسطينية لتشديد إجراءاتهما الأمنية فيها، لمنع أي فرص لنهوض حماس فيها، أو إعادة ترميم بناها التحتية، عقب اختطاف حماس في يونيو 2014 لـ3 مستوطنين، وقتلهم.

أخيراً... ليس هناك في الأفق ما يشير لقدرة الجيش الإسرائيلي على وقف انخراط الخليل في الانتفاضة، على العكس من ذلك، فيبدو أن المدينة تحاول القيام بمزيد من عمليات الطعن والدهس ضد الجنود والمستوطنين الإسرائيليين بالتزامن مع الإجراءات الأمنية الإسرائيلية لوضع حد لها، مما قد يبقي الباب مفتوحاً لأن تقفز المدينة خطوات أخرى نحو العمليات المسلحة ضد الإسرائيليين.

المصدر: المونيتور