الخيارات أمام (الأونروا)
بقلم: عصام عدوان
الأزمة المالية التي تشكو منها (الأونروا) ليست جديدة،
فإن (الأونروا) توقعتها منذ سنتين، بل تكررت هذه الأزمات خلال السنوات العشر الأخيرة،
وإن كانت نسب العجز في الميزانية مختلفة، كانت (الأونروا) ترحِّل العجز إلى السنة المالية
التالية، لكنها هذه المرة لا تريد سلوك هذا الخيار، فما الخيارات الأخرى التي من شأنها
سد العجز في الميزانية والتراجع عن كل التقليصات التي مسّت حياة اللاجئين الفلسطينيين:
1- عند تأسيس (الأونروا) حصلت على ميزانيتها من الأمم
المتحدة نفسها لا المانحين، وهذه سابقة يمكن الاستناد إليها عند الحاجة، وإن مفوض
(الأونروا) بلاندفورد لجأ إلى الأمم المتحدة في عام 1952م يقترح عليها مشروعًا لتوطين
اللاجئين فحصل على ميزانية ضخمة لهذا الغرض من الأمم المتحدة نفسها، واليوم، ومع تكرار
حالات العجز في الميزانية لماذا لا تلجأ (الأونروا) إلى الأمم المتحدة وتطلب سد العجز؟!،
ولماذا لا تخوض منظمة التحرير الفلسطينية بصفتها عضوًا في الجمعية العامة للأمم المتحدة
نضالًا دبلوماسيًّا للحصول على قرار من الجمعية العامة يقضي بسد كل عجز يطرأ على ميزانية
(الأونروا)؛ لتتمكن من القيام بمهامها التي كلفتها بها الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل
اللاجئين الفلسطينيين إلى حين حل قضيتهم؟!
2- دول العالم لا تستغني عن البترول العربي، وخصوصًا
الدول الصناعية التي تقف على رأس الدول المانحة لـ(الأونروا)، فإذا كان العجز في ميزانية
(الأونروا) ناتجًا عن عدم وفاء هذه الدول بتعهداتها لها؛ يمكن لـ(الأونروا) البحث مع
دول منظمة (أوابك) العربية المنتجة للنفط سبل رفع سعر البرميل الواحد بمقدار عشرة سنتات
فقط على حساب المشترين، هذا يعني توفير ما لا يقل عن مائتي مليون دولار سنويًّا، وهو
ضعفا العجز في ميزانية (الأونروا)، وهو أيضًا خيار يحافظ على بقاء المسئولية الدولية
في عنق الدول المتسببة في خلق مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، قد يتطلب هذا الخيار جهودًا
تبذلها السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير والدول المضيفة للاجئين والمتضررة من تقليصات
(الأونروا)، وعلى (الأونروا) أن تسعى مع هذه الدول لتكوين لجنة ترسل وفدًا مشتركًا
إلى الدول المنتجة للبترول؛ لإقناعها بأهمية وضرورة هذا الحل، ولو مؤقتًا مدة سنة.
3- هناك 28 دولة مانحة أساسية تقدِّم مساعداتها لـ(الأونروا)،
وقد يصل الأمر إلى أقل من ثمانين دولة حدًّا أقصى، وهذا يعني أن رئاسة (الأونروا) مقصِّرة
في الوصول إلى مائة دولة أخرى لم تصل إليها، مثل: روسيا، والهند، والبرازيل، والأرجنتين،
وإندونيسيا، وباكستان، وغيرها، مطلوب من رئاسة (الأونروا) تحمُّل مسئولياتها والقيام
بواجبها المهني للحصول على التمويل اللازم للقيام بواجباتها تجاه اللاجئين المنكوبين،
عوضًا عن إلقاء الأزمة على عاتق اللاجئين وحرمانهم المساعدات الواجبة لهم في ظل ظروف
هي الأسوأ.
4- لطالما تفاخرت (الأونروا) بأنها تتبع أسلوب الإدارة
التشاركية، لكنها في هذه الأزمات المالية لم تستعن بمجتمع المستفيدين من الخدمات، وهذا
خيار يمكنه أن يذلل بعض العقبات أمام (الأونروا)، بتشكيل لجنة أزمة يشترك فيها إلى
جانب رئاسة (الأونروا): اللاجئون في مناطق العمليات الخمس، واتحاد الموظفين العرب في
(الأونروا)، واللجان الشعبية للاجئين، وتتحرك هذه اللجنة على قاعدة المعرفة بتفاصيل
الأزمة للعمل على التواصل مع دول العالم لسد العجز في الميزانية.
(الأونروا)
غير معذورة في الاستسلام للأزمة، وتحميل مجتمع اللاجئين تبعاتها، وهي مسئولة عن كل
تقصير إداري ومهني ينتج عنه عجز في التمويل، وعليها أن تتدارك الأمر قبل انفجار الحالة
في اتجاهات شتى.
المصدر: فلسطين أون لاين