القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 29 تشرين الثاني 2024

السيدة لميس الحديدي وشماعة الفلسطينيين الثقيلة

السيدة لميس الحديدي وشماعة الفلسطينيين الثقيلة

بقلم: حنان الشيخ

كل الذي فعلته لميس الحديدي طوال الفترة السابقة، وخلال برنامج ‘هنا العاصمة’ والذي يبث على قناة CBC الفضائية المصرية، أنها أثارت زوبعة في فنجان لم تكن المتذاكية المشدودة إلى آخرها صوتا وصورة وأداء، تحسب حساب أنه فنجان مسحور انقلب فيه السحر على الساحر! فطيلة الأيام التي تلت ثورة الثلاثين من يونيو، لم تنفك هذه المذيعة على ترديد أسطوانة ‘الفلستنيين والفلستينيين’، التي حاولت بها أن تدير قرص النار عن خيبة اللاتوافق الوطني، لترمي حجرا بحجر الفلسطينيين المقيمين على الأراضي المصرية، أو المارين عبرها، أو حتى المعاقبين على معبرها.

تريد من هذا الحجر أن يصرف الانتباه عن بعض الحقائق، ولو كان البديل كذبة مريبة معيبة مصيبة، بحق شعب كامل وصف بأبشع العبارات، وكيلت له الشتائم من قبل شخصية تعتقد أنها اعتبارية، ولاحقا بعض الضيوف في برنامجها، الذين مالوا على ميلها، ومارسوا هواية الجلد والسلخ والصلب غير المقدس، بحق شعب أعزل محاصر وعاطفي جدا، كل ذنبه أنه تربى وترعرع واشتد عوده على حب مصر!

فالحملة التحريضية التي قادتها لميس الحديدي ومن بعدها بعض الأصوات والأقلام المأجورة والمقهورة، اتضح هدفها الوحيد منذ اللحظة الأولى، وهو صناعة شماعة للمستقبل القريب، تحمل الذنوب وتستحمل الكبائر التي مارسها الشعب على الشعب، قتلا وجروحا وشتائم واتهامات، وكتابة نهايات غامضة للقصص، على طريقة المسلسلات الجديدة. فبالنسبة للحديدي وغيرها فإن التاريخ المصطبغ بألوان الطيف التي لونت الكلام، والتحليلات والقراءات حسب طلبات السوق من أيام ‘آسفين يا ريس?، حري بهم أن يصنعوا حكاية مثيرة، تدير الرقاب ناحية هدف افتراضي غير موجود أساسا، ويكون مطية سهلة تركب عليها أي رواية لاحقة. وطبعا ولأن الفلسطينيين هم شعب الله الجبار، فالتحمل إذن جبال محاملهم، جبال مهازلهم هم، مهازل الجميع بلا استثناء.

اتهامات بالجملة

الشهادات التي سيقت حول تورط أفراد فلسطينيين ‘قالوا إنهم من حماس? والتي سمعنا عنها من خلال السياق العريض للخبر الرئيسي، وفي أكثر من برنامج حواري، الأسبوع الفائت سواء في هنا القاهرة مع الإعلامي ابراهيم عيسى على قناة القاهرة والناس، أوالأستاذ وائل الإبراشي في العاشرة مساء على قناة دريم وغيرها من البرامج، هذه الشهادات ولو أنها غير موثقة كحال مئات الشهادات المتعلقة بالوضع المصري على الجانبين التحرير ورابعة، ما كان لها أن تأخذ هذا الحيز من الاهتمام والتركيز المبالغ في مباشرته، إلا لو كان في الامر ‘إن’ استعجلت لميس الحديدي وهي زوجة الاعلامي الشهير والمثير للجدل بسبب مواقفه وطروحاته المتقلبة أيضا حسب الطقس عمرو أديب، استعجلت في قطف ثمارها، وسرق السبق الصحفي على حساب المهنية والاخلاق. وهذا الاستعجال الخطير انقلب نارا وسعيرا متأججا على صفحات التواصل الإجتماعي، التي برع أصحابها في تذكير ‘الهانم’ بحجم الفلسطينيين في جمهورية مصر العربية، تاريخا وارتباطات واستثمارات ومصاهرات، يستحيل الانفلات منها ببساطة فقط لأن السيدة لميس قررت أن تكرههم وتحاربهم و تنبذهم، وتحملهم مسؤولية الوضع المتأزم في وطنها.

فهذا الحكم الاستباقي والإقصائي على الفلسطينيين ‘وهي لا’تقول بعض بل تصر أنهم كل’، ولو كان مرتكنا على خبر من هنا أو إشاعة من هناك، لكنه لا أخلاقيا ولا عقلانيا يقبل أن ينسحب على شعب كامل، لا المكان ولا المقام يسمحان بالتذكير بخصاله وتجاربه وبطولاته الخاصة جدا به وحده، وبدون مزايدات على أحد. وإلا وعلى رأي أحد المعلقين في برنامج ‘أصوات الشبكة’ على قناة فرانس 24 الأسبوع الفائت، وهو واحد من ملايين المستائين الغاضبين من حملة بعض الإعلاميين المصريين ضد الفلسطينيين: ‘نحن لا نقول إن المصريين كذا أو المصريات كذا، بناء على تصرفات فردية، ولو أنها لا تبدو كذلك بسبب نسبة السكان العالية التي تصبح فيها غلطة الواحد بألف!’.

آسفين يا ريس!

في المقابل ولأن السيدة المصون فتحت هذه الجبهة بدون أدنى اعتبار للعواقب، اضطر زملاؤها الإعلاميون على التأكيد في أكثر من مرة، بمناسبة و بدون مناسبة على وحدة الدم العربي، ومسؤولية مصر التاريخية تجاه قضايا الأمة، بطريقة تبدو في كثير من الأوقات محرجة ومتقصدة، وكأنها تزيل العرق المتصبب على جبين الشرفاء الأطياب. في برنامج ‘أنا والعسل’ الذي يديره ويقدمه نيشان، وتبثه قناتا الحياة المصرية وLBC اللبنانية فاجأ الضيف باسم يوسف مضيفه حين وجه أصابع الاتهام لمثل هؤلاء المذيعين والصحفيين، الذين يناقضون أنفسهم بحسب يوسف حين يتحدثون عن مصر العروبة، مصر الحاضنة ومصر الأم، ويروجون لعنصرية غير مسبوقة، ضد العرب المتواجدين على الأراضي المصرية من الفلسطينيين والسوريين والعراقيين، وهي الجنسيات التي سبق وأن حذر بيان المجلس العسكري رعاياها من التواجد في أماكن المظاهرات والاعتصامات.

وعلى سيرة البرامج والفنانين والفلسطينيين، أثارت الحلقة الساخنة لطوني خليفة، في برنامجه الرمضاني ‘آسفين يا ريس? كثيرا من الجدل والحوار الساخن. عنوان البرنامج مثير ومريب فعلا كما قال ضيفه في الحلقة الثانية الفنان عمرو واكد الذي استشاط غضبا بسبب محامي الدفاع عن مرحلة الرئيس المخلوع حسني مبارك، ما اعتبره واكد جزءا من مؤامرة رسمها البرنامج ليجمل صورة مبارك بحضور من وقفوا ضده، وكانوا في طليعة ثوار 25 يناير. الحاصل أن طوني خليفة طلب من عمرو واكد أن يوجه اعتذارا لأي رئيس مصري، فلم يقبل الأخير أن يعتذر لأحد منهم.

خليفة استدرك قائلا: ولا جمال عبد الناصر؟ فجاء رد الفنان مدويا حين قال: بتاع النكسة؟ طبعا هنا لكم أن تتخيلوا رد الفعل الكاسح الجارف للمتابعين، والذين عبروا عن غضبهم واستنكارهم للفنان وتصريحه وحياته وأدواره الدرامية والسنيمائية. ولم يكتفوا بذلك، حتى تذكروا فجأة أن أصول عمرو واكد فلسطينية، وأن على الدولة أن تسحب الجنسية منه فورا ويتم طرده من نقابة الفنانين. عمرو واكد بالمناسبة يحمل الجنسية الفرنسية وقد أكد في أكثر من مناسبة أنه مصري الأصل. لكن ولأنها تهمة معلبة وسريعة الذوبان والاستهلاك، فما الضير من ركوب الموجة، ‘وآهي بجملت’ على رأي أشقائنا المصريين!

المصدر: القدس العربي، لندن