الشاعر أحمد محرم أول من أطلق مصطلح النكبة على القضية الفلسطينية
بقلم د. محمد توكلنا
ولد أحمد محرّم يوم السبت من شهر المحرم عام 1294هـ الموافق للعشرين من كانون الثاني/يناير عام 1877م, وقد كان والده (حسن أفندي عبد الله) تركيّاً مستعرِباً, وليس له من تركيته غير النسب فحسب, لأن لغته عربية, وقراءاته عربية, ومولده مصري. وكان شديد الشغف باللغة العربية, وبالشعر خاصة, لذلك نشأ محرم نشأة عربية خالصة, لم يتعلم التركية, ولم ينطق بها, وقد حفظ القرآن الكريم بإحدى مدارس قرى محافظة البحيرة, وتعلم في منزل أبيه مبادئ القراءة والكتابة على يد معلم خاصٍّ أحضره والده لتربيته الثقافية. وحين انتقل إلى المدرسة لم يجد بها جوَّ القرآن والشعر والدين, وهي المواد التي قام أستاذه بتدريسها له في بيت أبيه, فكتب إلى والده, وهو في سن الخامسة عشرة, يشكو انقباضه عن دروس القرية, ويطلب العودة إلى قريته, حيث كان والده يعمل ناظراً للزراعة لدى بعض الأعيان.
وقد استجاب والده لرغبته, فاستدعاه ليحضر له أستاذاً أزهرياً يتقن العربية, ويجيد تدريسها, فعاد الناشئ المتطلع إلى ما ألف من جو الأدب والشعر والتاريخ. والذي دفع الأب إلى الموافقة على طلب ولده وقبول أن يترك مدرسته سريعاً إلى دروس المنزل أنه لمس بواكير الشعر تلوح بوارقها في نفس ولده, فقد أرسل إليه وهو في سن الخامسة عشرة قصيدة مستعطِفة, وقرأها الأب متدبراً, فعرف أن ولده سيكون ذا شأن في عالم الشعر إذا أتيح له السبيل إلى إنماء موهبته, ومن هنا كان يذهب إلى القاهرة ليعود إليه بما اشترى من نفائس المطبوعات الأدبية. وقد حقق الله رجاءه؛ فما مضى عامان حتى كان ولده شاعراً مرموقاً في سن السابعة عشرة, إذ قامت مسابقة شعرية بين الأدباء نال جائزتها, كما اختيرت له بعض القصائد التي قالها في الخليفة العثماني آنذاك مع المرموقين النابهين من شعراء العصر في هذه السن المبكرة.
المصدر: فلسطين المسلمة