الشباب الفلسطيني بين
الدور المنشود والحلم الموعود
بقلم: فرج أبو شقرا
شكّل مؤتمر شباب فلسطين
"إبداع وعمل" الذي عُقد في العاصمة اللبنانية بيروت في الرابع والخامس من
مارس الحالي، وضم عشرات من الشباب الفلسطيني من معظم الدول العربية والإسلامية والأوروبية،
محطة هامة على طريق تمكين هذا الشباب العامل المبدع، الذين جمعتهم بيروت وأرواحهم تهفو
إلى القدس، وأفئدتهم تهتف لمسجدها الأقصى، وعقولهم تنشد فلسطين الأرض والوطن والقضية.
المؤتمر الذي يعد الأول
من نوعه من حيث الحضور الشبابي الكبير والمتنوع من بلدان عديدة، حيث ضم لفيف من الشباب
الفلسطيني المثقف من مختلف بلدان الشتات الفلسطيني في الدول العربية والإسلامية والأوروبية،
سبق المؤتمر عدة ورشات عمل مهدت له، لعل أبرزها ورشة عمل الشباب الذي عقدت على هامش
مؤتمر العمل النقابي الفلسطيني في الشتات الذي عقد في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي
في لبنان، والتي أوصت بعقد مؤتمر خاص بالشباب الفلسطيني في الشتات، إضافة للقاءات ماراتونية
للجنته التحضيرية في أكثر من عاصمة ومدينة، حرصاً منها للوصول للمؤتمر بأفضل مخرج.
لقد شكل المؤتمر فرصة
لتلاقي العقول، وتآخي الارواح بما يحقق استنهاضاً للطاقات الفلسطينية الشابة، وإنخراطها
في عملية التمكين والبناء للقيام بما هو مطلوب منها لتحقيق نهضة حقيقة للواقع الفلسطيني
في الشتات. بما يساهم في الدفاع عن الثوابت الوطنية، والتمسك بالحقوق الفلسطينية.
تنوعت أنهار الورشات
التي احتواها المؤتمر لتصب جميعها في بحر تنسيق الجهود بما يخدم القضية والحفاظ على
الهوية الفلسطينية، فدور الشباب في الإصلاح السياسي والإجتماعي كان حاضراً بشكل كبير،
أما التحديات الكبيرة التي تواجه الشباب الفلسطيني في الشتات تم تدارسها في إحدى الورش،
إلى جانب دور المؤسسات الشبابية والمناشط المتميزة في دعم الشباب، إضافة لدور منظمة
الأونروا في ظل سياسة التقليصات التي تنتهجها المنظمة حالياً في لبنان، ناهيك عن عرض
التجارب الشبابية الإبداعية في بعض الدول.
توصيات عديدة خلص إليها
المؤتمر، كان أبرزها تأسيس التجمع الوطني لشباب فلسطين، وإعلان هيئة تأسيسية من الشخصيات
الشبابية الفاعلة المشاركة في المؤتمر، والتي تمثل الشباب من مختلف الدول العربية والأوروبية.
ويهدف التجمع لجمع الشباب الفلسطيني ومؤسساته على امتداد جغرافيا الشتات الفلسطيني،
من أجل التشبيك والتنسيق والتعاون ما بين جميع الشباب الفلسطيني على اختلاف توجهاتهم
السياسية والحزبية والفكرية.
المطلع على الوضع الفلسطيني
عموماً في الشتات، ووضع الشباب بصورة خاصة، يعلم جيداً حجم التحديات الكبيرة التي تواجهه،
مما يعاظم من المسؤولية الملقاة على عاتق التجمع، فليس الواقع الإقتصادي والإجتماعي
المتردي هو الوحيد الذي يعاني منه الشباب الفلسطيني في الشتات، بل إن البعد السياسي
يبقى حاضراً من أجل تمكينهم من المشاركة في العملية الوطنية للحفاظ على الهوية الفلسطينية
والدفاع عن الحقوق الوطنية والتمسك بالثوابت الفلسطينية. وبحجم هذه التحديات يبرز حجم
الدور المطلوب من الشباب الفلسطيني المبدع والعامل، المثقف والقادر، ليشكل نواة صلبة
للإستنهاض والتمكين والبناء وللإنخراط في مشروع التحرير والعودة.
إن أهمية الشباب في
أي مجتمع، ليست شعاراً يرفع، ولا شعراً ينشد، ولا لحناً يعزف، بل إن تلك الأهمية تستدعي
مشاركة الشباب في صناعة مستقبله، وتحقيق أحلامه، وحمل قضايا شعبه، وإثبات ذاته في القيادة
كما في الجندية. فللشباب دور مطلوب حري به اليوم أن يشمر عن ساعده، ويشحذ همته، وينقي
فكره، ويتقدم الصفوف لوضع استراتيجية عمل وفق رؤية واضحة المعالم، ثابتة القيم والمبادئ.