الشباب
بين الثورة و"فيسبوك" و"أونروا"
بقلم:
محمود يوسف
إذا
أردت أن تبحث عن صمود شعبٍ ما، فابحث كيف تربى شبابه الذين أصبحوا، اليوم، كباره. لطالما
سمعنا، وما نزال، أن مخيم عين الحلوة هو رمز الصمود في الشتات، خاض الحروب والتجارب،
وبقي رافعاً راية العودة، لأن شبابه، حينها، الذين دافعوا عنه، ليسوا مثل شباب اليوم.
حينذاك،
كان يتمتع الشاب الفلسطيني داخل المخيم بثقافة عالية، ويعرف ما يدور حوله، ويعمل على
تثقيف نفسه بالكتاب الذي بين يديه، أو من المكتبات العامة، أو من الحراك المعرفي والثقافي
الذي كان يدور في أروقة التنظيمات والفصائل الفلسطينية. وحينذاك، كان للفصائل الفلسطينية
دور كبير في تثقيف عناصرها وأبناء شعبها.
أما
الآن في 2014، وبعد انقضاء أربعة عشر عاماً من القرن الحادي والعشرين، تغيرت المعادلة،
وانقلبت الموازين، وأصبح الفلسطيني لا يملك إلا "لغة الشوارع". تغير الواقع
وتغير المسار، وأصبح الشاب الفلسطيني مُجبراً على أن يكون أحد ثلاثة: إما ضحية اللامبالاة،
ولا يملك أي اطلاع، ولا أي رؤية بشأن ما يدور حوله، وكل همه عمله اليومي ورغيف الخبز،
أو أن يكون ضحية التطرف والعصبية، منها التعصب الأعمى لتنظيم أو فصيل ما، وليس فقط
التطرف الديني، ما يجعل الشاب راضخاً لأفكار وتعبئة، لا يجب أن يعيشها.
الخيار
الثالث أن يكون الشاب في عداد المثقفين والمبدعين والموهوبين والمتعلمين الذين يفقدون
أي فرصة، ليبرزوا أنفسهم، إلا من خلال مبادرات شبابية صغيرة، ويتحاربون، بعد ذلك، بالانتماءات
الفصائلية، إذ يدخل بينهم الفصيل، فيقص العمود الفقري لجهدهم ووحدتهم، فتنتهي المبادرة،
وينتهي عملها، أو ينتهي عمل المبادرة من أشخاص متطوعين، طامحين بمنصب قيادة، ويصبح
كل همّهم كلمة قائد، ولو كانت هذه الكلمة على حساب المجموعة، فـ"يلعن أبو المجموعة"،
المهم أنا قائد.
لماذا
هذا الخوف السائد لدى الفصائل الفلسطينية من المبادرات والحراك الشبابي، هل تعتقد الفصائل
أن الشباب سوف يأخذ مكانها، أو يكون بديلاً عنها؟ ألم تنطلق الثورة الفلسطينية بقيادة
الشباب. ولماذا تراجعت الفصائل الفلسطينية عن التعبئة التنظيمية، والحلقات التثقيفية
لكوادرها؟ من الممكن، بل من المؤكد أن الزمن قد تغير، وأصبحنا في عام 2014، ولا داعي
لثقافة "يا بني"، فنحن في زمن "فيسبوك"، ثقف نفسك بنفسك.
وليست
الفصائل وحدها المسؤولة عن تراجع الثقافة والوعي، وإلا لماذا أُلغيت من مدارس وكالة
الغوث "أونروا" مادة جغرافية وتاريخ فلسطين؟ هل لأن هذه المادة لا تتناسب
مع أعمار الأطفال، ومن الممكن أن تشوه أفكار الطفل، ويصبح يفكر بأرض وحق وشعب ومصير
وقدس ..إلخ.
المصدر: العربي الجديد