الشعب الفلسطيني ليس شعبا (تم اختراعه) يا سيد غينغرتش؟؟
بقلم: محمد سليمان طبش
اعتاد المتنافسون على مقعد الرئاسة والوصول إلى البيت الأبيض الأمريكي من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي خطب ود جماعات الضغط اليهودية (ايباك)في المجتمع الأمريكي والتقرب إليهم من منظور إدراكهم لمدى هيمنة ونفوذ جماعات الضغط في التأثير على الرأي العام الأمريكي لدرجة أن تأثيرهم يتوقف عليه نجاح هذا المرشح أو ذاك في إطار هذا السباق الذي يتكرر كل أربع سنوات وعادة ما كان هؤلاء المتنافسون يمارسون خطابا إعلاميا يتلاعبون فيه بمستقبل القضية الفلسطينية ومستقبل مدينة القدس فتارة يطلق هذا المرشح أو ذاك شعارا يتعهد فيه بنقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس حال نجاحه في الانتخابات وتارة يتم التعهد بعدم الضغط على إسرائيل للانسحاب إلى حدود عام67 وتارة أخرى التعهد بضمان امن إسرائيل كقوة عسكرية أولى تتحكم في مفاتيح المنطقة بكاملها وهكذا . لكن هذه المرة وفي إطار البدء المبكر لخوض الانتخابات التمهيدية على صعيد الأحزاب استعدادا لانتخابات الرئاسة العام المقبل وعلى غير العادة وبخطاب إعلامي غير مسبوق خرج علينا المرشح الجمهوري غينغرتش بمنطق غريب تفوح منه رائحة الهمجية والعنصرية التي تفوق بكثير الهمجية النازية والفاشية ويقول: إن الشعب الفلسطيني هو عبارة عن جماعات من الإرهابيين وهو شعب تم اختراعه.
الذي يبدو أن المرشح الجمهوري غينغرتش أما انه قارئ للتاريخ ويدرك تماما من هي الشعوب المخترعة المصطنعة والمكونة من خليط متعدد من الأجناس من هنا وهناك ومن هي الشعوب الأصيلة الأكثر تجذرا وحضارة وارتباطا بالأرض ويتعامى عن هذه الحقائق أو انه تنقصه المعرفة بالتاريخ وبحقائق وحضارة الشعوب؟؟
وهنا ثمة استفهامات في هذا السياق:
هل حقيقة أن مصطلح الشعب المخترع الذي تلفظ به غينغرتش ينطبق على الشعب الفلسطيني أم أن هذا المصطلح هو أكثر ارتباطا وانطباقا على الشعب الإسرائيلي الذي تم تجميعه من كل القارات وجاءت به الرأسمالية العالمية المتحالفة مع الحركة الصهيونية ليتم زرعه في الأرض الفلسطينية في إطار سياسة الهيمنة على مقدرات المنطقة الغنية بثرواتها وعلى أن يكون هذا الكيان الصهيوني المصطنع بمثابة جسراً متقدما لتنفيذ سياسة الدول الاستعمارية في المنطقة وهذا على حساب الشعب الفلسطيني الذي لا يزال يعاني من سياسة الاحتلال الاستيطاني إلى اليوم؟
من هو الشعب الأكثر أصالة وحضارة وعمقا في التاريخ الشعب الفلسطيني المرتبط بأرضه وحضارته التي تمتد إلى ألاف السنين قبل الميلاد أم الشعب الأمريكي الخليط الثقافات والمتعدد الجذور والأجناس من الأصول الانجليزية الاسبانية البرتغالية والزنجية وآخرين من المهاجرين الذين استوطنوا القارة الأمريكية التي تم اكتشافها قبل قرون قليلة؟
إذا أردنا أن نضع الحقائق في نصابها وان نعتمد المنطق المستند إلى حقائق التاريخ فالشعب الفلسطيني يا سيد غينغرتش ليس شعبا مخترعا جيء به من هنا وهناك بل إن ما يمكن أن نطلق عليه تجاوزا الشعب الإسرائيلي هو الشعب المخترع والذي جيء به من كل البلدان ومن كل القارات ليتم توطينه في ارض فلسطين وبإشراف من جانب الانتداب البريطاني المتحالف مع الحركة الصهيونية والرأسمالية العالمية لزراعة هذا الكيان بهدف خدمة المصالح الاستعمارية في المنطقة. الشعب الفلسطيني طبقا لحقائق التاريخ والجغرافيا والحضارة هو الأصل في هذه الأرض والكيان الإسرائيلي هو الكيان المخترع المصطنع الذي زرع حديثا في عصر الهجمة الاستعمارية على المنطقة. هكذا يجب أن تدرك يا سيد غينغرتش بعيداً عن محاولات تزييف الحقائق بهدف كسب ود جماعات الضغط اليهودية ومن ثم الفوز بمقعد الرئاسة.
كما أن الشعب الفلسطيني ليس شعبا مخترعا بل هو أكثر تجذراً وأصالة من الشعب الأمريكي ـ الذي نتطلع إلى صداقته ووقوفه إلى جانب الحق الفلسطيني المشروع والعادل ـ الذي هو عبارة عن توليفة من الأجناس آنفة الذكر والذي تبلور في العصر الحديث وأقام حضارته على حساب السكان الأصليين من الهنود الحمر الذين انقرض القسم الأكبر منهم.
كان من الأجدر بالسيد المرشح الجمهوري غينغرتش أن يمارس خطابا إعلاميا يؤكد فيه على الاستعداد ـ حال نجاحه في السباق ـ أن يعمل جاهداً من اجل انجاز السلام العادل في منطقة الشرق الأوسط عبر قيام الدولة الفلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل وان توجه الإمكانيات المالية من اجل البناء والتطور والازدهار الاقتصادي بدلا من توجيه هذه الإمكانيات نحو الحروب وإطالة أمد الصراع.
بكلمة أخيرة نقول للسيد غينغرتش إن الشعب الفلسطيني ليس جماعات من الإرهابيين والقتلة بل هو ضحية الإرهاب الصهيوني الذي استوطن أرضه ونهب إمكانياته وحوله إلى جماعات من اللاجئين وليس الإرهابيين وهو شعب ينشد السلام والعدل وهو من أكثر شعوب الأرض ثقافة وعلما وإبداعا وارتباطا بالمثل الحضارية العليا وهو يعمل وبكل الوسائل الكفاحية الحضارية لاسترجاع حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس في حدود عام67 وهنا: كيف يمكن يا سيد غينغرتش أن تتجنى على المنطق والحق وتتهم الشعب الفلسطيني بأنه عبارة عن جماعات من الإرهابيين وتتجاوز الحقيقة وتصور الشعب الفلسطيني بأنه شعب تم اختراعه وهو الأكثر أصالة والتصاقا بحقائق الأرض والتاريخ؟؟
المصدر: دنيا الوطن