العامل الفلسطيني وهوامش حق العمل
بقلم: عبير نوف
أذا بدأنا بالحديث عن الفلسطينيين ودوامة وظروف قدومهم القسري قاصدين لبنان كدولة عربيّة صديقة مجاورة كان يقصد سكّانها والعماّل الجنوبيين قبل عام 1948 من مدينة مارون الراس والقرى المجاورة وذلك لكسب قوتهم ومساندة عائلاتهم لاستمرار الحياة، وذلك وفق ما أفادني عدد من المسنين الّذين اخذهم الحديث والتمجيد بأهالي النخوة والكرم والمرؤة في فلسطين بعيون باسمة وحنين عارم الى تلك الذكريات الصادقة التي تجمع أهالي الشعبين بمودة وخوف البعض على الأخر.
تلك السنين التي جمعت الأجداد كادت تفرّقها القوانين اللّبنانيّة المجحفة الصادرة في حق أبناء الشعب الفلسطيني اللّاجئ " كحق التملّك والجنسيّة، وحرية التحرّك ولا سيّما حق العمل محور هذا المقال متناولين قوانين أصدرت، الى تأثير هذه القوانين على الجانب الاجتماعي والنفسي المؤثر على أهالي المخيّمات الفلسطينيّة والإحباط المتفشّي بين الشباب الّذين يتّجهون نحو مسار أخر بعيدا عن العلم والتخصص في مجالات الحقوق والطب والهندسة...وهنا يكمن السؤال هل هذا هدف ممنهج من قبل بعض الجهات لتجهيل الشعب الفلسطيني وأبعادهم من جهة أخرى التعمّق في الدفاع عن القضيّة، أم هو كما يدّعون بحجة تثبيت حق الفلسطيني في العودة الى دياره؟ هنا ما يثير الجدل متى يكون الذل والجوع والحاجة والجهل هو مفتاح الحق والعودة.
ونتفاجئ في الاحتفالات والخطابات السياسيّة والمؤتمرات اللّبنانيّة والفلسطينيّة هناك العديد من الفئات التي تشبّه الواقع الراهن للمخيّمات هي صفعة في جبين الإنسانية والتي جاءت مؤخّرا مؤتمر حق العمل للفلسطينيين بعنوان" حق
العمل الفلسطيني في لبنان...دعم حقيقي لحق العودة؟
قوانين حق العمل
إذا كانت هذه القوانين هي بمثابة تنظيم عمل الأجانب في لبنان والمحافظة على حق اللبناني في أيجاد فرص عمل فأن المشترع اللّبناني يستطيع ايجاد ديباجة ترضي جميع الأطراف- اللبنانيون والفلسطينيون- بشكل انساني.
أن النصوص القانونيّة التي ترعى عمل الأجانب في لبنان والتي جاء فيها : أنّ المرسوم رقم 17561 الصادر في 18 أيلول من العام 1964 والمعدّل بموجب المرسوم رقم 1582 تاريخ 25\4\1984 مراعاة مبدأ المعاملة بالمثل والقوانين والنصوص الخاصة...التي تقرّها السلطة التشريعيّة تخضع عمل الأجانب للشروط التالية:
-أنّ شروط عمل الأجنبي على أرض لبنان يجوز للبناني بالمقابل العمل على أراضيها".
- أنّ قرار 9\1 الصادر عن وزير العمل والمنشور في الجريدة الرسميّة العدد 6 تاريخ 7\2\2008 ينص على المهن الواجب حصرها باللبنانيين فقط، لكن أهم ما في القرار هو المادة الثالثة التي تشير الى عدة مبادئ مهمة مرتبطة بعمل الأجنبي في لبنان لا سيما العامل الفلسطيني وهي :
- مع مراعاة مبدأ تفضيل اللبنانيين.
- يستنزف من أحكام المادة الأولى الفلسطينيون المولودون على الأراضي اللبنانيّة.
فهذا القرار يحق للفلسطينيين مزاولة المهن والأعمال المحصورة باللبنانيين \ وهذا لم يكن واردا في القرار 79\1 الصادر ايضا عن وزارة العمل \ لكن حتّى هذا الحين هل تمّ العمل به فعليّا.
فنجد. حسب دراسة قام بها الباحث الفلسطيني جابر سليمان انّ وزارة العمل اللبنانيّة سمحت للعمال المصريين عام 1999 بالعمل بحوالي 18،000 مهنة داخل اراضيها، مقابل 350 مهنة للفلسطينيين وهذه المهن البعيدة عن الحقوق والطب والهندسة........كما أن راود خاطر المتخرّجين المتخصصين وحالفهم الحظ للعمل في اختصاصهم يكون بطريقة غير شرعيّة وبأجر متدنّي بالإضافة الى تعرض صاحب العمل للمساءلة.
والسبب الأساسي الّذي يحيل دون إعطاء حق العمل للفلسطينيين هو عدم وجود دولة فلسطينيّة معترف بها وفقا للمعايير الدوليّة وذلك يحيل دون تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل. وهنا القضيّة أصبحت كيفيّة وجود الفلسطيني على الأراضي اللّبنانيّة وهذه الحقيقة التي يتجاهلها الجميع، لاجئ هي هويتهم والاعتراف بدولة له ليس متوقّف على إرادة شعبه بل هناك قوة أعظم من تلك التي تجعله أن يكون لاجئ مع ايقاف تنفيذ حقوقه الإنسانية والمدنيّة من الدولة المضافة، رغم المساهمة العالية لهذا الشعب برفع الاقتصاد اللّبناني والاستهلاك المحلّي بشكل مباشر من استثمار وتحويل اموال من الخارج الى ذويهم في لبنان، أو بشكل غير مباشر من اموال NGOS والأونروا ودعم المشاريع للاجئ الفلسطيني في لبنان فحسب دراسة الجامعة الأمريكيّة في بيروت لعام 2010 هناك 340 مليون دولار اميركي ينفق الفلسطينيون سنويا في لبنان، عدا عن المشاريع برامج التمكين الفلسطينية التي أدخلت قيد التنفيذ لعام 2012:مليونا دولار من القروض لتمويل مشاريع صغيرة داخل المخيّمات الفلسطينيّة بالإضافة الى عدد المشاريع المموّلة بالأرقام والمعلومات تتعلق بمنشآة الوكالة UNRWAالتي اجرتها أول كانون الثاني 2012 والتي تقدّر بملايين الدولارات وأن دخلنا تفصيليا فميزانية التنمية البشرية نقدا وعينا مقدّرة بالألاف الدولارات شهريا)، كل هذا يدل على ان وجود الفلسطيني ليس كغيره من الأجانب الّذين يعملون داخل الأراضي اللبنانيّة وارسال اموالهم الى ذويهم في وطنه الأم، فالفلسطيني لم يشارك اللبناني في لقمة عيشه وأخذ فرص عمله فالمشاريع والأموال كافية لأن تؤمن عمل للفلسطينيين، لكن ما يريدونه قوانين تشرّع لهم العمل بطريقة شرعيّة تحفظ كافة حقوقهم كموظّفين وحثّهم على متابعة تعليمهم لاختصاصات المحاماة والقضاة والأطباء لأن بلدهم فلسطين بحاجة الى أناس سلاحهم العلم وليس الجهل وللحد من الهجرة الغير شرعيّة الى المجهول الّذي يعرّض الشباب الى مواجهة مشاكل عديدة ورميهم في شرك الأعداء.
فمنح حق العمل للفلسطيني في لبنان يمنح الفلسطينيين واللّبنانيين الشعور بالانتماء الى ارض واحدة والعمل على تحسين وتامين ظروف معيشة افضل تحت سقف واحد بعيدا عن العنصريّة والتشرذم الأمني والسياسي. فعلى المسؤولين الأخذ بعين الاعتبار كل هذه التفاصيل والعمل على تعديل القوانين وإقرار الحقوق التي تتغيّر مع تولّي كل وزير عمل لبناني منصبه.
فالفلسطيني له الحق ان يخدم الأرض الّذي ولد فيها وترعرع في خيراتها، و شمّ نسيمها وشهد حروبها وسلمها، وشارك اللبناني في احزانه وأتراحه.