القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

الغاء المؤن ونهاية حقبة اللجوء الفلسطيني

الغاء المؤن ونهاية حقبة اللجوء الفلسطيني

بقلم: عمر كلاب

لا يمكن قراءة خطوة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وقف توزيع الحصص الغذائية على اللاجئين الفلسطينين واستبدالها بقسيمة شرائية كتلك التي تمنح للاشقاء السوريين اللاجئين في الاردن ببراءة، خاصة مع تساوق تلك الخطوة وحزمة اجراءات في سوق العمل تساوي بين اللاجئ الفلسطيني وباقي اللاجئين رغم الفوارق الجوهرية بين الطرفين، وبما يشكل حالة لدنة في تعريف اللاجئ وحقوقه وفق مفهوم حق العودة الذي لا يحتاجه اللاجئ السوري او العراقي واليمني والليبي فيما هو جوهر القضية الفلسطينية وجذرها الاساس وبدونه تسقط القضية الفلسطينية الى مهاوي الردى.

كرت المؤن على شدّة ما حمل من مهانة واهانة، الا انه بقي شاهدا على حق العودة لان الجهة التي اصدرته هي وكالة غوث تابعة للامم المتحدة مختصة بإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين حصرا، واهميتها الوطنية انها ادرجت البند الاخطر الذي حافظ على خصوصية اللجوء الفلسطيني من الضياع حينما تم استثناء اللاجئين التابعين لها من اسقاط صفة اللجوء عنهم حتى لو حملوا جنسية بلد اللجوء، ولذلك كان الكرت وثيقة اساسية للدراسة في مدارس الوكالة والزواج ايضا، والغائه لصالح بطاقة مؤن او كوبون شرائي يعني اسقاط الصفة القانونية عنه وتحويله الى اكسسوار او تحفة تاريخية تُضاف الى باقي التحف مثل بابور الكاز ودلو البئر بعدما كان ملاصقا ولصيقا بقواشين الطابو ومفاتيح البيوت والعِليّات.

الخميس الموافق 25 / شباط / 2016، سيكون يوما اسود في تاريخ القضية الفلسطينية، ليس لانه حجب المؤن وما رافقه من طقوس تذكيرية ساهمت في احياء قضية اللاجئين كل شهر بل واسهمت في انتقال كثير من الشباب الى فصائل المقاومة بعد مشاهدة ذُل المؤن واللجوء، بل لانه سيكون المسمار في نعش الانروا واسقاط صفة اللجوء المحمية بقانون دُولي عن اللاجئين الفلسطينيين وتحويل قضيتهم الى قضية انسانية اولا او قضية عودة الى مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية بأحسن الاحوال بدل عودتهم الى قراهم ومدنهم، وفي ظل الاضاع القائمة فالاغلب ان يتم تسييلهم في دول اللجوء دفعة واحدة او على دفعات لا تستفز بلدان اللجوء.

الغاء المؤن لم يكن قرارا فرضته الظروف المالية لوكالة الغوث بل كان قرارا سياسيا بإمتياز، فحلقة المؤن الشهرية كانت تشهد لعنات متواصلة على اللجوء واسرائيل وامريكا، وكانت كاميرا ثنائية الابعاد تكشف الواقع مقارنة بالارض والبيوت، فكانت معسكرات الاشبال والزهرات تشهد ازدهارا بعد كل موجة مؤن، صيفا او شتاء، والاخطر ان وجود هذا العلم الازرق واكياس الطحين التي كانت تتحول الى ملابس رياضية سُفلية موحدة للفريقين المتباريين تحت شعار " ليس للبيع او المبادلة " هي التي انتجت هتافا ظل يطن حد اللحظة في اذان جيلنا وفي كل مؤن " ما بنبيعك فلسطين بالبسكوت والسردين " ولذلك تم الغاء الحصص الشهرية واخراج عائلات منها لم تأت لتستلم حصتها ثم تحولت الى ربع سنوية والان الى كوبون يساوي بين اللاجئ قسرا والهارب من جحيم الحرب الداخلية وتلك الخطورة الاكبر.

الخميس ستنتهي حقبة كرت المؤن والحصص الغذائية، لكنها ستفتح حقبة اكثر خطورة عنوانها ضياع الجهة الدولية التي حمت بخطأ دولي ربما اللاجئ الفلسطيني من ضياع حقه، وكم سمعنا خلال السنوات الماضية عن محاولات او اشاعات لشراء كروت المؤن بوصفها تعبيرا حقيقيا عن حق العودة لذلك سعت اسرائيل لشرائها وفشلت لأن بيع الكرت كان معناه اسقاط حق العودة، وثمة دول كبرى كانت تشترط تسليم كرت المؤن للوكالة قبل السماح بالهجرة اليها، والآن وبعد ربيع غربي اسقط الدولة العربية في غياهب التيه، يأتي الاجراء الاول في الغاء حق العودة عبر الغاء كرت المؤن وتحويله الى كوبون شرائي، فحذار من قبول الكوبون يا اهلنا وحافظوا على كرت المؤن لانه وثيقة دولية لحق العودة.

المصدر: جريدة الدستور