القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

الفصائل الفلسطينية في لبنان ونوعية الأداء

الفصائل الفلسطينية في لبنان ونوعية الأداء

بقلم: علي هويدي

أن يلتقي ستة عشر فصيلاً من فصائل العمل الوطني الفلسطيني في غرفة واحدة وتحت سقف واحد والتوصل الى صيغة توافقية تحمي الوجود الفلسطيني في لبنان، هو شيئٌ نادر ان لم نقل شيئٌ عُجاب، فهذه الصورة الجامعة إن على مستوى الشكل أو المضمون توقفت منذ ما يزيد على ثلاثة عقود ونيف من الزمن، وتحديداً منذ العام 1974 مع الدورة الثانية عشر للمجلس الوطني الفلسطيني الذي عُقد في القاهرة حين تم إقرار برنامج النقاط العشر التي صاغته الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين طارحةً إنشاء سلطة وطنية على أي بقعة محررة من فلسطين، وتبني الخيار المسلح كأحد أدوات تحرير فلسطين بعد أن كان الوسيلة الوحيدة للتحرير، ورفضته حينها عدة فصائل فلسطينية وشكلت ما عرف باسم "جبهة الرفض".

وكذا بعد الاجتياح الاسرائيلي الى لبنان في العام 1982 والانقسام الحاد الذي وقع بين الاخوة من ابناء حركة فتح في العام 1983 ونشبت حينها معارك ضارية في شمال لبنان أدت الى سقوط الالاف من القتلى والجرحى والمهجرين..، وجاء توقيع اتفاق أوسلو في حديقة البيت الابيض في أيلول من العام 1993 ليزيد من حدة الانقسام، فقد كرس الاتفاق اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بدولة الاحتلال على 78% من أرض فلسطين التاريخية، وشطب بنود في الميثاق الوطني الفلسطيني تدعو الى تحرير فلسطين من البحر الى النهر. وازداد الانقسام عمقاً بعد الفوز الساحق لحركة "حماس" في انتخابات 25/1/2006 بعد حوالي أربعين سنة من سيطرة حركة "فتح" على الشارع الفلسطيني. وذروة الإنقسام وصل مع سيطرة حركة "حماس" على قطاع غزة في حزيران 2007، عدا عن الخلاف على المرجعية السياسية خاصة في لبنان، وماراثون المصالحة وتعقيداتها والتنقل بين عواصم الدول العربية وآخرها قطر واعلان الدوحة..، وصولا الى الاحداث في سوريا منذ آذار 2011 وانعكاسها على الجسم الفلسطيني، لاسيما بعد المواقف المتباينة للفصائل ومغادرة قيادات المقاومة من حركتيّْ "حماس" والجهاد الاسلامي سوريا، وترحيب حركة "حماس" بثورة الشعب السوري.

أثبتت الفصائل مجتمعة بأنها قادرة على القراءة الدقيقة لما يجري في المنطقة وانعكاسها على الوجود الفلسطيني في لبنان، ووصلت الى قناعة لا مفر منها بضرورة التوحد في الأزمات وتفويت الفرص على كل من يحاول أن يعكر الأجواء وأن يصطاد كما يشاء، وهذا ما حدث في لقاء الاربعاء 24/10/2012 في السفارة الفلسطينية في لبنان، فمحاولات زج الفلسطيني في أتون الصراعات الداخلية اللبنانية وغير اللبنانية لم تتوقف، ويبدو بانها ماضية سواءً من محاولات القتل أو التفجير في المخيمات لا سيما مخيم عين الحلوة، أو ما يحكى عن إرسال عناصر من مخيميّْ نهر البارد والبداوي للقتال في سوريا أو افتعال مشاكل في مخيم برج البراجنة في المنطقة القريبة من الضاحية الجنوبية للعاصمة وغيرها من المحاولات، وآخرها محاولة بعض وسائل الإعلام زج الفلسطيني عن قصد أو عن غير قصد في المعمعة اللبنانية بعد اغتيال رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللواء الشهيد وسام الحسن بتاريخ 19/10/2012 واستشهاد اللاجئ الفلسطيني احمد قويدر وإصابة أخيه عبد في منطقة قصقص القريبة من مخيم شاتيلا بتاريخ الاثنين 22/10/2012، وتوجيه أصابع الاتهام من قبل الجيش اللبناني لاحمد وأخيه بأنهما كانا يطلقان النار من أسلحة خفيفة باتجاه الجيش مما استدعى الرد، مع العلم بأن الصور التي تم نشرها والإتصالات التي أُجريت بأقارب قويدر أفادت بأن الأخوين كانا أعزلان يستقلان دراجة نارية وذاهبان باتجاه عملهما، مع الإشارة الى أن أمين سر حركة "فتح" في لبنان فتحي أبو العردات قال بأن قويدر أصيب بنيران مجهولة المصدر. الأمر الذي أثار زوبعة من الإشاعات حول مشاركة الفلسطينيين في الإشتباكات.

الأداء المتميز للقوى الفلسطينية مجتمعة، ممثلة بتحالف القوى وفصائل منظمة التحرير ساهم الى حد كبير بتفويت الفرصة على المنتفعين من زج الفلسطيني في المشاكل اللبنانية الداخلية، وأثبتوا قولاً وفعلاً بأن الفلسطيني اختار أن ينئى بنفسه عما يجري في لبنان أو ما يجري في سوريا، وتأكيد حرص الفصائل في لقائهم على وحدة الصف الفلسطيني، ووحدة لبنان وأمنه واستقراره ورفع الغطاء عن أي مخل ورفض استخدام المخيمات لضرب السلم الأهلي في لبنان وأن الفلسطيني عنصر استقرار في البلد، ولا مشروع لدى اللاجئ الفلسطيني في لبنان سوى مشروع العودة، فالتجارب السابقة شكلت مدرسة حقيقية تعلم منها الفلسطيني الكثير، إن كان أحداث أيلول في الأردن عام 1970 التي أدت الى إنهاء وجود المنظمات الفلسطينية هناك، أو في الحرب الأهلية اللبنانية، او حرب الخليج الثانية عام 1991 وخروج الفلسطينيين من الكويت، وغيرها من المحطات، حيث دفع الفلسطيني فيها أثماناً باهضة لا تزال تداعياتها وتردداتها حاضرة حتى الساعة.

خطوة اللقاء الجامع تمثل حراك سياسي نوعي غاية في الأهمية، وحتما سيساهم في تقوية دعائم جسور الثقة بين الفصائل واللاجئين الفلسطينيين عموماً، وستغير شكل الصورة النمطية السائدة في الوسط اللبناني عن واقع الانقسام الفلسطيني، الى المزيد من التعاون والتفاعل مع مطالب اللاجئين المحقة، هذا يستدعي البناء على الخطوة ونسج المزيد من الخيوط المتماسكه، وتنظيم اكثر للعلاقة سواءً مع الدولة اللبنانية والمطالبة بتوفير الحقوق المدنية والاجتماعية، أو مع وكالة "الاونروا" والضغط باتجاه عملية الاصلاح والحد من تقليص الخدمات.

الخلاف السياسي بين الفصائل حاضر وبقوة، وبحاجة لمنظمة تحرير جامعة تنفض غبار ما علق من شوائب العقود الماضية، وتمثل الرؤى التي يُجمِع عليها الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج بالتحرير والعودة، لكن التعالي عن الخلاف السياسي، ومعالجة تفاصيل احتياجات اللاجئين، ومبادرات التزاور المتبادل بين قيادات وكوادر الفصائل الفلسطينية مجتمعة، وسعة الصدر، وتقبل الآخر، والتعاون فيما اتُفِق عليه، واصدار البيانات والمواقف الإعلامية المشتركة، وضبط الحالة الامنية في المخيمات، يتوجه لقاء عقد يوم الخميس 1/11/2012 بين القوى مجتمعة والمديرة الجديدة لوكالة "الاونروا" آن ديسمور، مع لقاء تاريخي للستة عشر فصيل يجمع كافة المشارب السياسية على طاولة مستديرة واحدة، لا شك هذا يمثل نوعية في الأداء.

المصدر: منظمة ثابت