الفلسطينيون.. لجوء مستمر!
بقلم: أسعد العزوني
..اللجوء بات "متلازمة" الشعب الفلسطيني المشرد عن أرضه منذ قيام "اللقيطة" اسرائيل في شهر مايو أيار من عام 1948، بدعم مباشر من ألمانيا الهتلرية وبريطانيا، التي تعد البلد الأوروبي الثاني الذي يعلن عن رغبته بالتخلص من اليهود، وتهجيرهم الى فلسطين التي قرروا أنها الوطن القومي لليهود.
لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن هتلر صاحب أول وعد لليهود بجعل فلسطين وطنا قوميا لهم، إلا أن الأضواء سلطت على وعد بلفور البريطاني، وتجاهلوا وعد هتلر الألماني، ويبدو أن الحركة الصهيونية تعمدت إخفاء وعد هتلر حتى تتاجر بهتلريته، وتخفي الاتفاق القائم معه، ويقضي بالسماح بتهجير الشباب اليهود من ألمانيا والبقاء على العجزة والمسنين، وهذا هو سر التركيز على ما يسمونه" الهولوكوست".!
اتخذ اللجوء الفلسطيني العديد من الصور والأشكال منها اللجوء الداخلي ويتعلق بالفلسطينيين الذين لم يتم تهجيرهم من فلسطين، وخاصة أهالي بلدتي اقرت وبرعم الذين حكمت لهم محكمة اسرائيلية بعودتهم الى منازلهم، لكن مؤسسة الاحتلال ترفض تنفيذ هذا القرار حتى يومنا هذا.
ويندرج ذلك أيضا على من تصادر بيوتهم وأراضيهم في المحتل من فلسطين عام 1948 والقدس وضحايا جدار الضم والسلب والنهب.
كان الهدف من استمرار هذه الحالة عند الفلسطينيين ليس مخفيا بالنسبة للمجتمع الدولي، فقد تم تأسيس وكالة دولة تابعة للأمم المتحدة وهي وكالة الغوث "الأونروا" لكنها منفصلة عن الهيئة الدولية في ميزانيتها التي تقوم على " الشحدة" وأنيط بها "غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين".
ولذلك كان اسمها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.ولم تتطرق ولايتها الى العمل على عودة اللاجئين الفلسطينيين رغم وجود قرار دولي يدعو لعودة الفلسطينيين ورقمه194.
وإن دل هذا على شيء فانما يدل على عدم اتزان في الموقف الدولي الذي أسس وكالة موازية وبتمويل من الأمم المتحدة، لإعادة اللاجئين في كل انحاء العالم التي تتعرض لهزات داخلية وهي المفوضية السامية العليا لشؤون اللاجئين التي أنيط بها رعاية اللاجئين وتوفير الظروف المناسبة لعودتهم الى بلدانهم التي هجروا منها لسبب أو لآخر.
اللاجئون الفسطينيون في الشتات وتحديدا في دول الجوار الفلسطيني والعراق، لم يشهدوا استقرارا منذ تهجيرهم القسري عام 1948، وقد تفافمت أزماتهم بسبب التغيير الحاصل في دول لجوئهم، ولعل من الإنصاف لهم القول إنهم كانوا بين المطرقة والسندان، فالأنظمة الحاكمة تريد ولاءهم لها، في حين أن المعارضات العربية كانت ترى فيهم أداة تغيير أنظمتها، وهذا ما سبب الكثير من المشاكل لهم.
ولعل التحول الأكثر خطورة بالنسبة لأوضاع هؤلاء اللاجئين هو المزاجية التي كان يتمتع بها بعض الحكام العرب، وفي مقدمتهم العقيد القذافي في ليبيا الذي طرد الفلسطينيين في بلده الى الحدود، بعد توقيع اتفاقية أوسلو سيئة الذكر، وقال آنذاك انه أصبح لهم دولة خاصة بهم وعليهم الرحيل من ليبيا.!
كما أن اللاجئين في العراق قد تعرضوا لمحنة أصعب عند احتلال العراق إذ اعتبرهم الحكم الأمريكي الجديد في بغداد من بقايا فلول نظام الرئيس صدام حسين، فقتلوا منهم من قتلوا واعتقلوا من اعتقلوا ما اضطر البقية الى الهرب، طلبا للنجاة لكنهم وجدوا الأفاعي والعقارب على الحدود، لأن أحدا لم يسمح بدخولهم، علما أن اللاجئين العراقيين تدفقوا بمئات الآلاف على الأردن وسوريا ومصر ولبنان.
ورغم الموت المتواصل في صفوفهم فان أحدا لايتحرك علما بأن هناك من تواطأ وتآمر على تهجير الشعب الفلسطيني والقبول بالمستوطنين اليهود الإحلال محلهم، بينما قبلت دول أوروبية وغير أوروبية باستقبال بعض منهم مثل نيوزيلاندة والبرازيل وتشيلي.
ها نحن هذه الأيام نشهد نفس الطبعة من فيلم اللاجئين الفلسطينيين في العراق، ولكن في سوريا التي تشهد حالة عدم استقرار غير مسبوقة، انعكست على وضع اللاجئين الفلسطينيين هناك، وبدأ بعضهم بالهرب الى الأردن ليستقبله البعض بالاتهامات بأنه إنما جاء ليتخذ من الأردن وطنا بديلا.!
اللجوء الفلسطيني في لبنان قصته مختلفة تماما، فالحكومة اللبنانية إبان عهد الرئيس كميل شمعون عملت على تجنيس اللاجئين المسيحيين والأثرياء من الفلسطينيين في حين حرمت الفقراء وأبقت عليهم في المخيمات وحكمت عليهم بالموت جوعا وعطشا ولا تزال المخيمات الفلسطينية حتى يومنا هذا محكومة بقانون الحرمان.
ويروى أن شمعون وعندما أحضروا له قائمة المجنسين من اللاجئين الفلسطينيين المسيحيين والأثرياء ليوقع عليها قال مقولته المشهورة:"كل هودي غوارنة" نسبة الى الغور، فرد عليه القائمون على التجنيس: لأ يا بيك هودي موارنة.!
بيقى السؤال قائما وهو لماذا إصرار الجميع على عدم عودة الشعب الفلسطيني الى أرضه؟سؤال ليس بريئا.
المصدر: جريدة الراية