الفلسطينيين في لبنان عقودا من الحرمان والمعاناة
بقلم: جمال ايوب
الفلسطينيين في لبنان عقودا من الحرمان والمعاناةظاهرة الاحتلال العسكرى فى
العالم أخذت فى الانقراض إلى حد ما بعد انتهاء الحرب العالية الثانية، وقليلاً من
شعوب العالم هى التى تعانى من هذه الظاهرة، وتحولت وتطورت أشكال الاحتلال والحروب
خلال القرنين الأخيرين، ولم يعد هناك احتلال عسكر ى واضح وصريح إلا فى فلسطين،
وأصبح الشعب الفلسطينى هو الشعب الوحيد فى العالم الذى لم يحصل على حقه فى أن يكون
له دولة مستقلة ذات سيادة يعيش فيها الحياة الإنسانية الكريمة. وطوال عقود مضت منذ
عام ٤٨ وحتى الآن أجيال الشعب الفلسطينى مازالت تناضل من أجل الحياة والاستقلال،
ومازال العالم الغربي والأمريكى يقف ضد هذا الحق، وفى نفس الوقت يضمن للعدو
الصهيوني حق الحياة والأمن، دون مراعاة لأبسط حقوق الإنسان الفلسطينى أن يعيش، ولم
يهتز العالم أو الإنسانية بشكل إيجابى ليعمل من أجل إنقاذ هذا الشعب، بل لم يتحرك
المجتمع الدولى بشكل إيجابى من أجل رفع الظلم والمعاناة عن كاهل هذا الشعب المسكين،
ولكن هذا الشعب الجبار مازال يناضل ويكافح من أجل العيش الحر الكريم.
وهنا اخص اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ، لم تتوقف أمام العديد من المسائل
والقضايا التي تهم مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، الذين مازالوا على حالهم
من حيث المعاناة والفاقة والعوز، جراء القوانين والتشريعات اللبنانية التي طالتهم،
وكرست الحرمان بحقهم بشكل أو بآخر، وان تلك التشريعات تحت عناوين زائفة ثبت
بطلانها كالحديث عن منع التوطين في تبرير فظ للسياسات المتبعة بحق اللاجئين
الفلسطينيين هناك. الحرمان وقانون الملكية العقاري وانطلاقاً من الإجراءات تتعلق
بمسألة منع تدفق مواد الاعمار والبناء إلى المخيمات والتجمعات الفلسطينية، إضافة
الى منع اللاجئ الفلسطيني من تملك لشقة سكنية فوق الأرض اللبنانية، ففي الوقت الذي
كانت فيه الجهود والأنظار متجهة نحو تحقيق المزيد من الانفراج في أحوال اللاجئين
الفلسطينيين في لبنان، اتجهت الأمور إلى الخلف على هذا الصعيد، وتم تجاهل ضرورة
وأهمية تعديل قانون الملكية العقارية (296/2001) الذي يمنع بموجبه اللاجئ الفلسطيني
في لبنان من تملك شقة سكنية، كما تم تجاهل مسألة إفساح السكن خارج المخيم للتخفيف
من الضغط السكاني، كذلك في التشديد على منع توسيع مساحة المخيمات والتجمعات
الفلسطينية المتعارف عليها من قبل الدولة اللبنانية ووكالة الاونروا، والتي بقيت
على حالها رغم مرور أكثر من (65) سنة على النكبة.
فيجب العمل الآن باتجاه الذهاب نحو اتخاذ موقف من شأنه أن يدخال مواد
البناء والاعمار للمخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان ، والسماح بي الإعمار في
المخيمات دون إذن مسبق والطلب من وكالة الأونروا إدخال مواد بناء دون إذن مسبق ،
وفتح كافة مداخل المخيمات والتجمعات الفلسطينية، من اجل تحسين أوضاع اللاجئين
الفلسطينيين في المخيمات والبدء بحوار رسمي على قاعدة الحقوق والواجبات، معتبرة أن
المعاناة التي تعيشها المخيمات الفلسطينية في لبنان أكبر من أن توصف ويجب أن تتوقف
الآن قبل الغد ، القوانين اللبنانية مجحفة ويتعارض مع ابسط حقوق الإنسان، في الوقت
الذي تسمح فيه القوانين اللبنانية لكل أمم الأرض بالتملك والشراء فوق الأرض
اللبنانية.
حيث ما زالت الغالبية منهم تحت أوجاع التشريعات اللبنانية التي صدرت بشأن
أوضاعهم تباعاً منذ العام 1948، والتي قيدت حركة وحرية وعمل المواطن الفلسطيني
المقيم في لبنان منذ عام النكبة، وأسست لبقاء واستمرار حالة الحرمان التي ما زالت
تعاني منها مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. فما زال الفلسطينيون في لبنان
ممنوعين من العمل في حوالي ثلاث وسبعين مهنة، ومحرومين من حمل بطاقة العمل وان وقع
حل جزئي لهذه المشكلة، وكل هذا التلويح يتم على خلفية فزاعة وهمية أسمها مخاطر
التوطين وتحت شعار محاربة التوطين وهو الشعار الذي ولد نتائج عكسية سلبية مباشرة
دفعت بالآلاف من فلسطينيي لبنان للهجرة نحو أصقاع المعمورة ، في وقت يحظى به عشرات
الآلاف من أفراد العمالة الوافدة بحقوق العمل والإقامة الكاملة. وترافقت مع عملية
تطفيش وتهجير الفلسطينيين من لبنان، عمليات تشطيب في قيود وسجلات من يغادر الأراضي
اللبنانية من اللاجئين الفلسطينيين نحو بلدان المهاجر البعيدة ، وعلى رغم التخفيف
البسيط على القيود المفروضة على المخيمات الفلسطينية في لبنان بشكل عام منذ سنوات
عدة، إلا أنه ما زال عملياً من الممنوع إدخال أية مواد بناء لأغراض الترميم وإصلاح
ما هدمته جولات الحروب الدموية السابقة التي استهدفت الفلسطينيين، وتحولت عملية
إدخال المواد الأولية إلى تجارة رائجة ورابحة لدى بعض أصحاب السطوة من القوات
الرسمية اللبنانية وأجهزة الأمن الموجودة على مداخل المخيمات خصوصاً مخيمات الجنوب
في مدينتي صور وصيدا، ومنها مخيم عين الحلوة الذي يشهد من فترة إلى فترة انتكاسات
أمنية تقف وراءها أصابع مختلفة، آملين من القيادة الفلسطينية المعنية في لبنان
بمتابعة كافة أمورهم المعلقة مع الجانب الرسمي اللبناني من اجل إيجاد الحلول
المناسبة لها خلال الفترة القريبة القادمة. إعادة النظر بالتشريعات المجحفة التي
صدرت تباعاً بشأن حقوقهم المدنية، في وقت بات الجميع يدرك أن الفلسطينيين في لبنان
يرفضون مشاريع التوطين التي تحاك ضدهم. فهم في الوقت الحالي أشد وعياً وأكثر
تصميماً على التمسك بحقهم في العودة إلى فلسطين ، إن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين
في لبنان الاجتماعية والاقتصادية والحياتية، لم تعد تحتمل الانتظار، فكفى عقودا من
الحرمان والمعاناة، وكفى ذلاً من المعاملة غير اللائقة بالبشر التي تمارس بحقهم،
وقد آن الأوان لتقديم الحد الأدنى من الإنصاف لهم، ومساعدتهم على العيش بكرامة،
إلى حين عودتهم إلى وطنهم فلسطين. بتقديم وتوفير كل سبل المقومات الكريمة لهم التي
تمنحهم العيش المؤقت إلى حين عودتهم.