الفلسطيني السوري بين التشرد
والعنصرية اللبنانية
فايز أبوعيد
"أن تكون لاجئاً فلسطينياً في لبنان يعني أنك
ستكون (فاقداً للأوراق الثبوتية) وحفيداً لفاقد أوراق ثبوتية، وجداً لفاقد أوراق ثبوتية،
فتحمل مشكلتك في رحلة البحث عن الأوراق الثبوتية من دون جدوى تجنباً للتوقيفات الأمنية،
ليس خوفاً من قضبان السجن، بل من أن يطال الجوع أطفالاً ينتظرون يومية والدهم وقوت
يومهم”.
بهذه الكلمات البسيطة والمختصرة
يشرح الكاتب سامر مناع مأساة اللاجئ الفلسطيني في لبنان في كتابه "أن تكون فلسطينياً
في لبنان.
فكيف أن تكون فلسطينياً
مهجراً من سورية إلى لبنان فإن المصيبة أعظم، فهذا يعني أنك مسلوب الحقوق ممنوعاً أن
تدخل إلى لبنان ملاحقاً قانونياً، غير مرحب بك وأنت رهن الإعتقال والترحيل في أي لحظة،
تُعامل بإزدراء واحتقار من قبل عناصر الأمن اللبناني الذي وصل بهم الغي إلى حد أن يقول
أحد الضباط لشاب فلسطيني قرر مغادرة لبنان:" إنكم غير مرغوب بكم في أرضنا ولا
نريد أن نرى أي فلسطيني في لبنان”. !!
كلام الضابط اللبناني لا
يأتي من فراغ فهو مبني على تراكمات وتصريحات سابقة صدرت عن عدد من المسؤولين اللبنانيين
فقد دعا وزير الطاقة والمياه اللبناني السابق ووزير الخارجية الحالي جبران باسيل عضو
تكتل "التغيير والإصلاح" بقيادة ميشال عون، يوم 23 ديسمبر, 2012, إلى وجوب
"ترحيل" النازحين السوريين والفلسطينيين من لبنان، قائلاً إنهم "يأخذون
مكان اللبنانيين"، وحض على بحث ترحيلهم إلى دول الجوار مثل الأردن وتركيا والشطر
التركي من قبرص.
وأضاف باسيل في كلمة ألقاها
بفعاليات "يوم النبيذ" اللبناني،"عندما نقول " لا نريد نازحين
سوريين وفلسطينيين يأخذون مكاننا، هو أمر يجب تكريسه بالفعل وليس بالقول فبوجودهم وبعملهم
وبعيشهم يأخذون مكان اللبناني”.
أما الوزير والنائب الأسبق
والسياسي اللبناني إيلي فرزلي فقد توقع في ندوة الكترونية نظمها مركز الدراسات العربي
الأوروبي ومقره باريس يوم 2/9/2012 " أن يتم ترحيل فلسطينيي سورية للأردن من أجل
أن يستقروا في المملكة" بينما رأى أمين عام الحزب الديمقراطي اللبناني، وليد بركات
" بضرورة إعادة النازحين السوريين إلى "مناطق آمنة" في سوريا والفلسطينيين
إلى فلسطين عن طريق قطاع غزة، "لأن لبنان غير قادر على استيعابهم”.
فيما قام رجال حرس الحدود
اللبنانيين في السادس من شهر أغسطس 2013 بمنع نحو 100 لاجئ فلسطيني من دخول لبنان في
تمييز بينهم وبين آخرين من السوريين الراغبين في دخول لبنان.
وكل ذلك يأتي في ظل تبريرات
واهية من الحكومة اللبنانية بأنها تخشى من توطين اللاجئين الفلسطنيين وهو الهاجس الذي
يقلق العديد من الأطراف اللبنانية، ما دفع الكثير من الوزراء والشخصيات السياسية اللبنانية
إلى أن تطالب علانية بمنع دخول اللاجئين الفلسطينيين الفارين بأرواحهم من دخول لبنان.
إلى ذلك أظهرت الحكومة
اللبنانية تلك المخاوف من خلال اتخاذها عدة قرارات من شأنها "تضييق الخناق على
اللاجئين الفلسطينيين من سورية القادمين إلى لبنان أو المقيمين فيها، بما يؤدي إلى
طردهم أو إعادتهم إلى سوريا التي هربوا منها خوفاً من الموت"، حيث أصدرت يوم
3/5/2014 قراراً يمنع دخول اللاجئ الفلسطيني من سورية إلى لبنان كما طلبت من السلطات
السورية المعنية وقف اصدار تصاريح السفر إلى لبنان لأصحاب الهوية الفلسطينية السورية،
واشترطت وجود موافقة مسبقة من الأمن العام اللبناني قبل منح التصريح، حيث حصر دخول
اللاجئ الفلسطيني بالحالات الخاصة فقط، كما قامت يوم 4/5/2014 بترحيل (49) لاجئاً فلسطينياً
وسورياً إلى سورية، وإلى الآن ما تزال السلطات اللبنانية تمنع دخول فلسطينيي سورية
إلى أراضيها..
أخيرًا إن هذا الخرق الواضح
للمواثيق والعهود الدولية والقوانين الداخلية اللبنانية وفي ظل استمرار الأزمة السورية
لا يجب السكوت عليه، حيث يعتبر مخالفة صريحة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني
الذي يمنع على الحكومات إغلاق الحدود في وجه مدنيين هاربين من مناطق القتال فضلا عن
تداعيات القرار على النسيج الاجتماعي الفلسطيني حيث تنقسم العائلات الفلسطينية بين
سوريا ولبنان.