الفلسطينيـون يمـولـون الاحتـلال
بغـرامـات المحـاكـم!
بقلم: حلمي موسى
تحت عنوان «هكذا يمول الفلسطينيون
الاحتلال»، كشفت مراسلة الشؤون الفلسطينية في صحيفة «هآرتس» عميرة هيس النقاب عن أن
المحاكم العسكرية الإسرائيلية تفرض غرامات مالية باهظة إلى جانب أحكام بالسجن على الفلسطينيين.
وأشارت إلى أنه في العام 2011 دفع فلسطينيون 13 مليون شيكل (3,48 مليون دولار) غرامات
في محاكم عسكرية تعمل في الضفة الغربية.
وأشارت هيس إلى أنه خلافاً
لما هو معمول في المحاكم الجنائية الإسرائيلية، فإن الغرامات تعتبر جزء أساسياً من
عمل المحاكم العسكرية ومقوماً من مقومات العقاب. وأوضحت أنه في وقت يشن الفلسطينيون
حملة مقاطعة للبضائع الإسرائيلية ومنتجات المستوطنات ويعتبرون ذلك جزء من نضالهم الشعبي
ضد الاحتلال، تبرز حقيقة عدم وجود نقاش عام فلسطيني حول تكتيك رفض دفع الغرامات في
المحاكم العسكرية.
وكتبت هيس أن الغرامات
تفرض في المحاكم العسكرية الإسرائيلية العاملة في الضفة الغربية في كل أنواع القضايا
سواء كانت مخالفات سيارات، أو جنائية أو تواجد غير قانوني، أو إخلال بالنظام أو أعمال
عدائية ضد إسرائيل. ومعروف أنه تعمل اليوم في الضفة الغربية محكمتان عسكريتان على الأقل،
الأولى في منطقة رام الله وتسمى «عوفر»، والثانية قرب جنين وتسمى «سالم».
ويبين تقرير «هآرتس» المستند
إلى تقرير سنوي عن عمل المحاكم الإسرائيلية للعام 2011 فرض هذا المبلغ من الغرامات
من دون أن يحدد نوعية الملفات التي صدرت بها هذه الأحكام. ويشير التقرير السنوي للمحاكم
العسكرية الإسرائيلية إلى انخفاض دؤوب في عدد لوائح الاتهام ضد فلسطينيين خصوصاً في
الملفات المصنفة كأعمال تخريبية معادية. فقد بلغ عدد هذه الملفات 1123 في العام
2011 مقارنة بـ2898 ملفاً العام 2007. ولكن في المقابل شهدت الأعوام ابتداء من العام
2007 ازدياد مخالفات السير المعروضة على المحاكم العسكرية بحوالي الضعف تقريباً، ووصلت
في العام 2011 إلى 4183. كما أنه في العام 2011 قُدم 1232 ملفاً ضد فلسطينيين اتهموا
بالتواجد غير القانوني في إسرائيل، وهو رقم يقل كثيراً عن الرقم الذي كان في العام
2007. وإلى جانب ذلك هناك تراجع في عدد المحاكمات في ملفات تتعلق بالإخلال بالنظام
العام حيث بلغ العدد 697 فقط.
وأوضح تقرير «هآرتس» أن
عدد لوائح الاتهام في المحاكم العسكرية الإسرائيلية ثابت تقريباً منذ العام 2007 وهي
في حدود 8500 لائحة. وتراوح مجموع الغرامات التي تفرضها المحاكم الإسرائيلية على فلسطينيين
منذ العام 2007 بين حوالي عشرة ملايين شيكل إلى 13 مليون شيكل في العام 2013.
وطلبت «هآرتس» من المتحدث
باسم الجيش الإسرائيلي ومنسق الأنشطة الإسرائيلية في المناطق المحتلة معرفة أين تنفق
الأموال التي تجبى كغرامات من الفلسطينيين. كما طلبت معرفة حصة مخالفات السير وغراماتها
من المبلغ الكلي. ولكن الجيش الإسرائيلي لم يقدم سوى أجوبة جزئية بعد خمسة أيام من
تقديم الطلب، واعتبر المتحدث باسمه أنه غير معني بالرد. أما المتحدث باسم المحاكم العسكرية
فأجاب أن الأموال المجبية من الغرامات «توضع في الحسابات البنكية للإدارة المدنية في
يهودا والسامرة (الضفة الغربية). والأموال المجبية تنفق بشكل قانوني لصالح المنطقة،
خصوصاً للطرق، الإنارة في المفترقات، ومنشآت تطهير النفايات ومواضيع بيئية أخرى، وتحسين
منشآت لصالح السكان الفلسطينيين وسواها».
وبعد أسئلة بشأن المبلغ
الدقيق، أجاب المتحدث باسم المحاكم العسكرية أن «الغالبية المطلقة من الغرامات هي من
مخالفات السير. وحتى إذا كانت هناك غرامات أخرى فإن نسبتها ضئيلة، وبداهة أن المبالغ
المجبية تستثمر لصالح المنطقة». وبسبب أن الغرامات المفروضة على مدانين بمخالفات أمنية
أعلى من غرامات مخالفات السير، فإن المحامين والأسرى السابقين لا يعتقدون أن المبلغ
الإجمالي ضئيل.
وتعتبر الغرامات في المحاكم
العسكرية الإسرائيلية جزء لا يتجزأ وتلقائي من العقوبة المفروضة على المدانين الفلسطينيين
وهي زيادة عن فترة السجن، خلافاً للحال في المحاكم الجنائية الإسرائيلية التي فيها
الغرامات شيئاً هامشياً. وهناك مدانون لا يستطيعون تمويل الغرامات، وبدلاً منها يمكثون
فترات أطول في السجن.
ويفترض بالسلطة الفلسطينية
أن تدفع أو تعيد للأسرى الأمنيين الغرامات التي دفعوها للمحاكم العسكرية، ولكن بسبب
الضائقة المالية التي تمر بها فإنها تتأخر في الدفع. ويقول ناشط فلسطيني ومعتقل سابق
أن تكتيك رفض دفع الغرامات ليس معهوداً، وأنه ليس هناك قرار سياسي جماعي بشأنه، كما
لم يسبق أن بحث في المؤسسات الفلسطينية بجدية.
المصدر: السفير