القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

الفلسطيني يبدع في مقاومته

الفلسطيني يبدع في مقاومته

بقلم: د.فايز أبو شمالة

اتركوه يشق طريقه، ويختار ما يناسبه من أساليب المقاومة، اتركوا الشباب الفلسطينيين يبدعون في مفاجأة عدوهم، ولا تفرضوا عليهم تجاربكم ومنطقكم ورؤيتكم وسياستكم؛ فالشباب أقدر على قراءة الواقع منكم جميعاً، والشباب أحرص على إيذاء عدوهم الظالم الذي أغمض قلبه عن الرحمة، واحتقر إنسانية الأجيال الفلسطينية المتعاقبة.

لقد اعتمد الصهاينة في فلسطين منهج القتل دون إبداء الأسباب، وكانت الذريعة التي احتمى بها القتلة هي الدفاع عن النفس اليهودية، التي راحت تفرغ حقدها المتراكم على النفس الفلسطينية، التي صارت الإسفنج الذي يمتص رصاص الصهاينة، ويصير قتل الفلسطينيين ثقافة إسرائيلية تمارسها الأغلبية، فالجندي الإسرائيلي يقتل، والشرطي الإسرائيلي يقتل، والمستوطن يقتل، حتى المرأة الإسرائيلية التي تعمل موظفة تستل سلاحها وتقتل، واليهودي العجوز الذي فقد الذاكرة لا يصحو إلا عند رؤية الفلسطيني، فيشهر مسدسه ويقتل.

وحتى هذه اللحظة طغى على المشهد صورة الفلسطيني القتيل، والصهيوني القاتل، مع التغطية الإعلامية الإسرائيلية الواسعة لهذا المشهد، والهدف من ذلك ليس محاربة الإرهاب كما يدعون، وإنما الهدف هو محاربة الخوف الذي سكن قلوب اليهود، حتى صارت اجتماعات الحكومة تركز على كيفية إعادة الثقة بالنفس اليهودية، وكيفية تقوية الجبهة الداخلية، وهذا ما حفز الوزير المتطرف نفتالي بنت إلى حمل مسدسه، في ظاهرة غير مألوفة على مستوى وزراء العالم، وقد سبقه إلى ذلك اليهودي المتطرف نير بركات رئيس بلدية الاحتلال بالقدس، الذي امتشق رشاشه، وتجول وسط المدينة التي تضم 300 ألف فلسطيني، المدينة التي يدعي أنها موحدة، وعاصمة أبدية لدولته اليهودية.

من المؤكد أن القتل المتعمد للفلسطينيين يجيء منسجماً مع العقيدة اليهودية، التي ترى دم غير اليهودي مستباحًا، والقتل المتعمد يجيء متوافقاً مع التعليمات التي أصدرها وزير الجبهة الداخلية، والقتل المتعمد يأتي استجابة سريعة لقرارات الحكومة التي تحض على قتل الفلسطينيين متى شك بأمرهم اليهود، والقاتل اليهودي متحضر باسم القوانين الإسرائيلية، في الوقت الذي يظهر فيه القتيل الفلسطيني إرهابيّاً باسم القوانين الإسرائيلية التي جاءت مضامينها لتهدئة النفس اليهودية التي زعزعها الخوف، وأرعبها الانتظار، حتى ارتجفت البنادق في يد الجنود على الحواجز، فراحوا يطردون الخوف بمزيد من القتل من أجل القتل.

إنه السيف اليهودي الحاقد الذي يجز الأعناق بهدف قهر النفس العربية، إنه السيف اليهودي الذي يحتقر الإنسانية حين اعتدي بالضرب والإهانة على والد الفتاة بيان العسيلة، ولم يستوعب لحظة انفعال الأب وهو يرى ابنته غارقة في دمها، ومتمددة على الرصيف، فلم يسمح للوالد بأن يمد يد المساعدة لابنته، في سلوك يعزز القهر للنفس البشرية، قهرًا يقطع المسافة الفاصلة بين الصبر والانتقام في عدة دقائق قبض فيها العربي مهند العقبي على روح مدينة بئر السبع، وهو يهتف باسم كل شهداء فلسطين الذين غدرت بهم القرارات الإسرائيلية الحاقدة.

إن ما يحدث في مدن الضفة الغربية وقراها ومخيماتها من قتل مهين لكرامة الإنسان الفلسطيني؛ لهو صاعق التفجير لسلسة من العمليات البطولية التي ستدوي قريباً في التجمعات الاستيطانية، ورغم أنف الإجراءات الأمنية المشددة، وذلك لأن الشباب الفلسطينيين يعيشون اللحظات الفاصلة بين قبول المذلة واختبار المقاومة، وبين الخنوع لإرادة العدو والسطوع، وبين الانكسار وطأطأة الرأس والانتصار.