القدس تحتاج أكثر من لجنة تقصي
حقائق!!
عماد الإفرنجي
أخيراً بعد جهود طيبة ومشكورة قررت
منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (اليونسكو) إرسال بعثة لتقصي
الحقائق والاطلاع على أوضاع الآثار الإسلامية في مدينة القدس المحتلة.
لا أريد التقليل من قيمة قرار
اليونسكو ولكن لماذا بعثة تقصي حقائق وليست لجنة تحقيق ؟ وهناك فرق كبير بين
الاثنتين، ومن حقنا أن نتساءل هل اليونسكو والمنظومة الدولية بعد 65 عاما على نكبة
فلسطين و46 عاما على احتلال باقي فلسطين من العصابات الصهيونية لا تعرف حقيقة ما
يجري على الأرض ؟ وعمليات التهويد ومصادرة الأرض والحفريات والأنفاق تحت المسجد
الأقصى والسيطرة على حائط البراق وهدم البيوت وتهجير المقدسيين وتغيير معالم القدس
الإسلامية والمسيحية ؟!!
اليونسكو تراقب المعالم الأثرية في
القدس منذ عام 1967، وأدرجت المدينة على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر عام
1981، وأدانت (إسرائيل) مرات عديدة لكن المحصلة أن شيئا على الأرض لم يتغير،
فالهدم متواصل وسلب الأرض مستمر وتغيير هوية القدس لا يتوقف و(إسرائيل) تكسب الوقت
تحت غطاء مفاوضات لا تعرف الملل.
مشروع الحديقة التوراتية في القدس
جرى تأجيله ولم يلغ، وكما يبدو حتى تهدأ حمية الفلسطينيين وتتراجع موجة إثارتها
دوليا، والعرب والمسلمون مشغولون بأنفسهم عن قبلتهم الأولى.
اليونسكو تتعامل مع القدس على أن
فيها معالم أثرية يهودية وأخرى إنسانية تتبع للمسلمين وذلك قمة الانحياز
للمحتل,فالباحثون حتى اليهود منهم لم يثبتوا أثرا لليهود، وكل قرارات الأمم
المتحدة ,وليس فقط اليونسكو, لم تثن (إسرائيل) عن أهدافها الإجرامية، وضربت
القرارات والاتفاقيات الدولية بعرض الحائط لاسيما اتفاقيتي جنيف ولاهاي 1954.
لست متفائلا بوصول لجنة تقصي الحقائق
المتأخرة والمتواضعة التي غالبا لن تسمح (إسرائيل) لها بدخول القدس لأنها تتعامل
مع المدينة باعتبارها أرضا يهودية لا يحق لأحد التدخل بشؤونها أو الوصاية
عليها،ولا تريد أن تسجل على نفسها سابقة ربما تتطور إلى تدويل القدس والقضية
الفلسطينية، بمعنى آخر هي تقول ممنوع للعرب أو لغيرهم الحديث عن القدس، فماذا نحن
فاعلون ؟!!.
لم يبق كثير معالم في القدس لم يجر
تهويدها، لم يبق لنا في القدس سوى بضع ركيعات يصليها من يستطيع الوصول للمسجد
الأقصى، لم يبق لنا سوى صورتها نعلقها في بيوتنا ومكاتبنا، وعيوننا ترحل إليها كل
يوم ونبكيها في كل لحظة.
الصراع في القدس اليوم على الزمن،
ف(إسرائيل) تعمل ليل نهار لتثبيت مزاعمها في القدس، ولا ينقصها المال ولا
المزيفون، ونحن نكتفي بالظاهرة الصوتية والخطب العنترية والمفاوضات العبثية،
ونستجدي النصرة من مجتمع دولي لا ينتصر إلا للأقوياء.
القدس تحتاج إلى عمل دؤوب ودعم صمود
أهلها بكل السبل، القدس تحتاج إلى رعاية حقيقية للمقاومة بالمال والسلاح والإعلام
والموقف السياسي، وأي بعثة دولية دون قوة ضاغطة لن تجدي، وإذا نجحت ستصدر قرار
إدانة جديدا فالسياسة انعكاس لموازين القوى على الأرض، وهل هناك قوة عربية تستطيع
تهديد (إسرائيل) حاليا، قطعا لا، بل إن المقاومة الفلسطينية التي مرغت أنف جيش
(إسرائيل) في التراب يتآمر البعض عليها ويحاصرها ويلاحقها ويمنعها بل ويقتلها
لأنها كشفت عوراتهم وفضحت هزيمتهم أمام نمر من ورق كان يسمى جيشا لا يقهر.