القضية الفلسطينية والدور الأردني المنتظر
بقلم: رومان حداد
استمرار الخلاف الفلسطيني بلا موعد واضح لنهايته صار يشكل تهديداً حقيقياً
لإمكانية حل القضية الفلسطينية تماماً كالتهديد الذي يشكله نتنياهو بلاءاته
ووزرائه بتطرفهم، ولا يبدو الدور المصري فاعلاً وحقيقياً في الحوار الفلسطيني،
والمحاولات المصرية لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء للوصول إلى حلول حقيقية على أرض
الواقع قابلة للحياة لا تبدو كافية أو مجدية، والاستمرار فيها يأتي لغايات الدعاية
التلفزيونية، دون نتائج ملموسة.
هذا الخلاف يعني أنه لا وجود لجبهة فلسطينية موحدة جاهزة لإفراز قيادات
قادرة على الجلوس على طاولة المفاوضات في المرحلة القادمة، وهو ما ينذر بإمكانية
إضاعة فرصة تاريخية من التوافق الدولي على حل القضية الفلسطينية على أساس حل
الدولتين، مما قد يفقد الإدارة الأمريكية(الأوبامية) زخمها وقدرتها على إقناع
الإسرائيليين بحل ما يقارب رغبات الطرفين بالخروج من عنق الزجاجة، وهو ما سيدخل
المنطقة في نفق مظلم لا ندرك نهايته.
الأردن ظهر في الفترة الماضية كسفير للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية،
واستطاع جلالة الملك عبدالله الثاني من خلال صياغته العقلانية زرع قناعة في العقل
السياسي الغربي عامة والأمريكي على وجه الخصوص أن حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني
هو مصلحة غربية وأمريكية، وهو البوابة الوحيدة التي يمكن من خلالها أن يتم حل
القضايا العالقة في المنطقة، والذهاب إلى أي خيار آخر لا يمكن أن يحدث الاستقرار
المنشود بل سيبقي المنطقة على فوهة بركان قابل للانفجار في أية لحظة.
والأردن يدرك تماماً أن حل الخلاف الفلسطيني الفلسطيني هو الخطوة الأولى و
الضرورية للمضي قدماً في عملية السلام وحل القضية الفلسطينية، وأن ذلك وإن كان
يدخل في باب المصلحة الفلسطينية إلا أنه يشكل مصلحة أردنية عليا، فالأردن غير راغب
بالوصول إلى نقطة يعود فيها خيار الوطن البديل أو الخيار الأردني في الضفة للظهور مرة
أخرى كخيار وحيد للحل.
عدة أسئلة تظهر على السطح و يجب الإجابة عليها دون تلكؤ أو تأجيل إجابتها
لمراحل لاحقة قد تولد وقائع جديدة، مما يعيد ترتيب المعادلات السياسية في المنطقة
بصورة لاتخدم الأردن ولا يستطيع أن يحدث تغييراً جوهرياً فيها.
فالدور الأردني دولياً نحو القضية الفلسطينية الواضح والذي اكتسب مصداقية
عالية يحتم على الأردن أن يستكمله وأن يكون له دور مؤثر للوصول إلى حل فلسطيني
داخلي، فلا جدوى أن يكون الأردن سفيراً دولياً للقضية الفلسطينية دون أن يملك
القدرة والرغبة في لعب دور مؤثر في تسوية الخلافات الفلسطينية، هذه التسوية التي
تشكل نقطة الانطلاق الضرورية لاستحقاقات المرحلة القادمة.
إذا ما أعاد الأردن فتح القنوات الرسمية وغير الرسمية والمباشرة وغير
المباشرة، فإن عمان ستتحول إلى ساحة للمفاوضات الفلسطينية الفلسطينية بعيداً عن
الضغط الإعلامي الذي يقود بالضرورة للتشدد بالمواقف من قبل الأطراف، وسيكون قادراً
على لعب دور إيجابي مؤثر للوصول إلى الحل بسرعة من خلال نقل الأطراف الفلسطينية من
خانة المواقف الأيدولوجية المتصلبة إلى خانة المصالح العليا المشتركة.
ثمة حقائق لايجوز تجاوزها أو القفز عنها كوجود الأردن طرفاً في مفاوضات
الحل النهائي بحكم الاتفاقيات الموقعة، وأن الأردن هو صاحب الوصاية الدينية على
المقدسات في القدس منذ بيعة المقدسيين للشريف الحسين بن علي عام 1924 والتي أعطته
الوصاية على المقدسات في القدس، وأكدتها اتفاقية وادي عربة عام 1994 ،و المفاوض
الفلسطيني دخل بوابة مفاوضات مدريد تحت عباءة الوفد المفاوض الأردني، وأن أكبر
نسبة ممن يحق لهم حق العودة بموجب المواثيق الدولية موجودون على أرض المملكة
الأردنية الهاشمية، وأن العديد من قيادات التنظيمات الفلسطينية يحملون الجنسية
الأردنية ،وكان عدد منهم خاضعا تنظيمياً لأحزاب أردنية حتى وقت قريب.
هذه الحقائق و غيرها تملي على الأردن دوراً يجب القيام به بصورة إيجابية
ومؤثرة لحل الخلاف الفلسطيني والتقدم خطوة ضرورية للوصول للحقوق الفلسطينية على
طاولة المفاوضات.
الرأي، عمّان، 12/4/2013