اللاجئون الفلسطينيون - حقائق ومعطيات
بقلم: إبراهيم الأيوبي
لاحظت في الفترة الأخيرة التجاهل الإعلامي والرسمي لقضية اللاجئين الفلسطينيين رغم إنها تعتبر القضية المركزية في صراعنا مع العدو الصهيوني ، حيث يعتبر اللاجئون الفلسطينيون (بمن فيهم المهجرون في الداخل) اليوم من أضخم المجموعات المهجرة في العالم وأوسعها انتشارا إذ يشكلون حوالي ثلث مجمل عدد اللاجئين في العالم قبل أحداث سورية.
فـئـات اللاجئيـن ينقسم اللاجئون والمهجرون الفلسطينيون إلى خمسة قطاعات رئيسة فيشكل قطاع اللاجئين ممن هجروا في العام 1948 من ديارهم القطاع الأساس للاجئين الفلسطينيين، وينقسم هذا القطاع بدوره إلى قسمين أساسين ، الأول ممن يتلقون المساعدة الدولية من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ("وكالة الغوث الدولية" –الأونروا) أو ما يطلق عليهم "اللاجئين المسجلين"، والثاني وهو قطاع أقل عددا ممن لا يتلقون مثل هذه المساعدة من الوكالة، "اللاجئين غير المسجلين". أما القطاع الثاني من اللاجئين فهم اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا من بيوتهم للمرة الأولى في العام 1967 من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 (ويعرفون بالنازحين الفلسطينيين في العام 1967). أما القطاع الثالث فيشمل اللاجئين الفلسطينيين من غير لاجئي عام 1948 أو 1967، ويتواجدون خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وغير قادرين أو غير راغبين بفعل سحب الإقامة أو إلغاء لم شمل العائلات أو الطرد والخوف والاضطهاد في العودة. بالإضافة إلى ذلك، فان هنالك قطاعين إضافيين من المهجرين في الداخل، يضم الأول، المهجرين "الداخليين" ممن بقوا في المناطق الفلسطينية التي قامت عليها إسرائيل في العام 1948 ومنعوا في الوقت نفسه من العودة الى قراهم ومدنهم بعد انتهاء الحرب، فيما يشمل القطاع الثاني المهجرين في داخل المناطق المحتلة عام 1967. أعــداد اللاجئيـن وتفتقر نظم تسجيل اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين بشكل عام إلى الدقة والانتظام او الدورية، وبالرغم من أن نظام التسجيل الخاص بوكالة الغوث الدولية هو الأكثر انتظاما وشمولية إلا انه يحوي في الوقت نفسه الكثير من الفجوات. وهناك العديد من الفجوات المعلوماتية عند العديد من قطاعات اللاجئين الفلسطينيين، وهذا يعود إلى غياب نظام تسجيل فاعل قادر على حصر إعداد اللاجئين والمهجرين في الداخل إضافة إلى سلسلة الهجرات المتكررة بفعل الأسباب السياسية والاقتصادية، وعدم وصول الوكالات الدولية إليهم، واستمرار موجات التهجير والهجرات القسرية للفلسطينيين، وغياب تعريف واضح للاجئين الفلسطينيين. ويعتبر معظم اللاجئين الفلسطينيين "لاجئين بشكل قاطع" (ما لم يثبت العكس). ويشكل اليوم نظام التسجيل الخاص بوكالة الغوث الدولية نظام التسجيل الوحيد الخاص باللاجئين الفلسطينيين، ولكن تسجيلات الوكالة تغطي نحو 55 % فقط من تعداد اللاجئين الفلسطينيين في العام 1948 (وسلالاتهم)، إضافة إلى أن تسجيلهم يتعلق باحتياجات المساعدة فقط. وقد قامت الوكالة على صعيد آخر بتسجيل المهجرين في الداخل لعام 1948 خلال الفترة التي عملت فيها الوكالة في المناطق الفلسطينية التي قام عليها الكيان الصهيوني لحين نقلت مهام المساعدة والغوث إلى الحكومة االصهيونية (1950-1952) وفيما لم تقم الحكومات الصهيونية بطبيعة الحال بإقامة نظام تسجيل خاص بالمهجرين في الداخل، فانه لا يوجد نظام تسجيل آخر للمهجرين الفلسطينيين في الداخل. قدر عدد اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين في نهاية العام 2002 بنحو 7 ملايين شخص، ويشمل هذا العدد اللاجئين عام 1948 المسجلين لدى وكالة الغوث الدولية (3.97 مليون)، اللاجئين عام 1948 غير المسجلين لدى الوكالة (1.54 مليون)، اللاجئين للمرة الأولى في العام 1967 (753000)، والمهجرين في الداخل لعام 1948 (في داخل فلسطين 1948) (274000)، والمهجرين في الداخل لعام 1967 (في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967) نحو (140000). ويشكل اللاجئون عموما نحو ثلاثة أرباع الشعب الفلسطيني (9.3 مليون). الوضع القانوني: انطلاقاً من التأكيد على حقيقة ناصعة بأن الحل الأمثل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يكمن في تطبيق قرار الأمم المتحدة رقم 194 بتاريخ11/12/48 والقاضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم. هذا القرار الذي جرى التأكيد عليه أكثر من 100 مرة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة وما تزال إسرائيل تصر على عدم تنفيذه. ولما كان تطبيق هذا القرار مرتبط تمام الارتباط بحل مشكلة الصراع العربي الإسرائيلي بشكل عام والصراع الفلسطيني - الصهيوني بشكل خاص. فإن هذا الارتباط لا يجب أن يعفينا من الاهتمام بالحقوق المدنية مثل "حق الإقامة والتنقل والتعليم...الخ" للاجئين الفلسطينيين المقيمين في الدول العربية. ولعل المدخل الصحيح لبحث هذه المسألة ينطلق من التساؤلات عن وجود إطار قانوني للاجئين الفلسطينيين يكفل لهم ممارسة هذه الحقوق المدنية أم أن المسألة لا تتعدى المناداة بحق الأخوة والدين والرباط المشترك على أهمية هذه العوامل والتي برأينا أنها تكفي لوحدها فيما لو خلصت النوايا واحتكمنا لهذه العوامل فقط , وبالرغم من توافر هذه العوامل في كافة الدول العربية المضيفة للاجئين الفلسطينيين إلاّ أننا سنقفز عنها ونحتكم لإطار قانوني دولي نحتكم له جميعاً ليوفر أساساً موضوعياً يساعدنا على تحديد الوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة لهم. وستجري هذه المحاكاة وفق الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين التي اعتمدت في يوم 28 تموز 1951م من قبل مؤتمر الأمم المتحدة للمفوضين بشأن اللاجئين وعديمي الجنسية الذي دعت له الجمعية العامة للأمم المتحدة بمقتضى قرارها رقم429 (د-5) والصادر بتاريخ 14 ديسمبر 1950م والذي أصبح نافذاً مفعوله في 22 إبريل 1954م وفقاً لأحكام المادة 43. كذلك نص البروتوكول سنة 1967م العائد لوضع اللاجئين. ووفقاً لكل ما سبق اعتبرت الأمم المتحدة كل الفلسطينيين الذين هُجّروا أو أُبعدوا عن أراضيهم عام 1948م لهم صفة اللاجئين بفعل قرار 194 الآنف الذكر وتم التأكيد على هذه الصفة حين أنشأت الأمم المتحدة وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين (اونروا) بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (202) في8/12/1949حيث عبر المجتمع الدولي وفق هذا القرار عن تحمل المسئولية تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين وعلى أثر هذا القرار تحددت أربع دول عربية كدول مضيفة للاجئين وهي مصر والأردن وسوريا ولبنان واستثني العراق من هذا التحديد كونه لم يسمح للأونروا بالنشاط على أراضية وأضيفت لهذه الدول بعد ذلك منظمة التحرير الفلسطينية. وبطبيعة الحال لن نتناول المواد الستة والأربعين التي حوتها الاتفاقية الخاصة باللاجئين بل بعض المواد التي تعالج بشكل مباشر ممارسة الحقوق المدنية للاجئين. حيث تنص المادة الثالثة بوجوب تطبيق أحكام هذه اللاجئين دون تمييز بسبب العرق أو الدين أو بلد المنشأ كما تنص المادة العاشرة على اعتبار فترة المكوث القسري للاجئ على أرض الدولة المتعاقدة بمثابة إقامة شرعية على أرض هذه الدولة كما تحضر المادة (33) الطرد أو الرد حيث لا يجوز لأية دولة متعاقدة أن تطرد لاجئاً أو ترده بأية صورة من الصور إلى حدود الأقاليم التي تكون حياته أو حريته مهددتين فيها بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية. ووفقاً للمادة (28) تصدر الدولة المتعاقدة للاجئين المقيمين بصورة نظامية في إقليمها وثائق سفر لتمكينهم من السفر خارج هذا الإقليم كما وعلى جميع الدول المتعاقدة أن تعترف بوثائق السفر التي أصدرها أطراف الاتفاقيات الدولية السابقة في ظل هذه الاتفاقيات وتعاملها كما لو كانت قد صدرت بمقتضى أحكام هذه المادة. وتؤمن المادة (13) الحماية لملكية اللاجئ لأمواله المنقولة وغير المنقولة، وتصون المادة (14) حقوق اللاجئ الفنية وملكيته الصناعية كما وتؤمن المادة (16) للاجئ حق التقاضي الحر أمام المحاكم كما يتمتع بنفس الحقوق التي يتمتع بها المواطن. أما المواد (17، 18، 19) فهي تؤمن للاجئ إمكانية العمل المأجور أو العمل الحر أو المهن الحرة مثله مثل مواطن الدولة المضيفة أما المادة (22) توجب على الدول المتعاقدة نفس المعاملة الممنوحة لمواطنيها فيما يخص التعليم الأساسي وتدعو إلى أفضل معاملة ممكنة بما يتعلق بالدراسات العليا والمنح الدراسية وتدعو للاعتراف بالمصدقات والشهادات المدرسية والدرجات العلمية الممنوحة في الخارج والإعفاء من الرسوم والتكاليف الدراسية. وتعالج المواد (23 و 24) الإغاثة العامة والإسعاف وتشريعات العمل والضمان الاجتماعي والتي تكفل للاجئ معاملة المواطن. وهذا كله جزء مما جاء في الاتفاقية المشار إليها ويتعزز ذلك بالاتفاقيات التي جرت بين "الأونروا" وبين الدول العربية المضيفة والتي فصل الطرفين فيما بينها وتقاسما أعباء تكاليف ممارسة الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين وعزز كل ما سبق بروتوكول الدار البيضاء الصادر عن مجلس الجامعة العربية والمصادق عليه من قبل الملوك والرؤساء العرب في أيلول سبتمبر 1965م والذي يدعو الدول العربية لمنح اللاجئين الفلسطينيين في الدولة التي يعيشون فيها وإعطائهم وثائق سفر موحدة حفاظاً على هويتهم. وقد أكد على هذه القرارات مؤتمر وزراء الداخلية العرب عام 1982م. وأمام كل ما سبق نجد أن اللاجئين الفلسطينيين لا ينقصهم إطار تشريعي قانوني يكفل لهم ممارسة حقوقهم المدنية في البلدان التي يعيشون فيها. وحقيقة ما ينقصهم هو عدم تطبيق الإطار التشريعي والقانوني الذي تناولناه في هذه المداخلة ويحل محله مجموعة من القرارات السياسية والإدارية صادرة في أغلب الأحوال عن الأجهزة الأمنية والتي تخضع بدورها في معظم الأحوال لتوجهات الدول والحكومات وتقلبات الأحوال السياسية.
المصدر: وكالة معا الإخبارية