اللاجئون الفلسطينيون في سوريا وناقوس الخطر
بقلم: محمد مشينش
من وحي ما حصل للاجئين الفلسطينيين في العراق ومن تجارب المعاناة والإهمال
ومن صرخات الموت ومن آهات المعذبين في الصحراء، وبعد أن ملّ البؤس منهم وآثر الموت
الابتعاد عنهم ليظلوا شاخصا حيا لمعاناة شعب سيظل ينزف حتى يتحرر وطنه ليس بكلام قائد
عربي ملهم أو زعيم طائفي فرعوني التفكير أو ليبرالي فقد هويته ولا يكاد يعرف نفسه عندما
ينظر للمرآة، أو لابس عقال ليس له من تقاليد لبسه سوى لونه الأسود، على أن الأمل لا
ينقطع ولا بد أن ينكسر سيف الظلم.
اليوم ينادي احد المسؤلين في الأمم المتحدة بان
تستقبل دول الجوار السوري اللاجئين الفلسطينيين الهاربين من سوريا، وكأننا متنا وكأننا
ما رأينا وكأننا ما عايشنا، فلازالت مجاميع من اللاجئين الفلسطينيين الهاربين من العراق
إلى الآن في الصحاري بين الأفاعي والعقارب، فماذا فعلت لهم الأمم المتحدة وما الذي
قدمته لبضعت آلاف، سجل اسود من الإهمال ومن المتاجرة بدماء اللاجئين، مخيمات على الحدود
في الصحراء يسكنها البؤس، إعادة توطين في دول بعيدة عن كل شيء، تمزيق للعائلة الواحدة،
تعتيم إعلامي، بل وقاحة فاقت كل الحدود، بعد أن أقدمت المفوضية العليا على مطالبة اللاجئين
بالعودة إلى بغداد المكان الذي هربوا منه.
سؤال كبير يجب أن نضعه أمام الأمم المتحدة، ما الذي
سيحصل لو تدفق عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين الهاربين من سوريا إلى الأردن
أو لبنان أو العراق حتى، ما الذي سيحصل!!؟
في أيلول الفائت طالب اللاجئون الفلسطينيون الهاربون من الأوضاع في سوريا
إلى مخيم سايبر سيتي في الأردن بان ترفع السلطة الفلسطينية يدها عنهم تعبيرا عن حالة
الإهمال التي يشعرون بها من السلطة الفلسطينية، وقالوا للأردن لا نريد أن يحصل معنا
ما حصل مع فلسطينيي العراق. وباستغراب شديد موجه للأردن، يتساءل الجميع عن سبب محاصرت
اللاجئين في سايبر سيتي إعلاميا ومنع الوصول إليهم.
أما في لبنان فان الدولة وبشكل واضح ترفض استقبال
اللاجئين الفلسطينيين الهاربين من سوريا لأراضيها ولا تأتي على ذكرهم في تصريحاتها،
أما (العراق الجديد) فمن المستحيل أن تسمح
الحكومة الطائفية الحاقدة في العراق للاجئين الفلسطينيين الهاربين من سوريا بان يدخلوا
اراضيها وهي التي هجّرت اخوانهم ولازالت تسعى لتهجير من بقي منهم في بغداد الرشيد.
أما تركيا فان الكل يعرف أن تركيا وصلت إلى الحد
الأقصى لقبولها للاجئين، وعلى كل حال فان دخول اللاجئين الفلسطينيين إلى تركيا سيمنح
المفوضية العليا لشؤون اللاجئين القدرة على الإشراف عليهم وبالتالي إيجاد بلد ثالث
لهم وهو ما يجب الوقوف أمامه بطريقة إنسانية ومفهومة للشعب الفلسطيني، إضافة إلى معادلة
سياسية قد تمنع تركيا من الإقدام على الإعلان عن قبول اللاجئين الفلسطينيين القادمين
من سوريا.
لا مكان لحسن النوايا
فمن خلال رصد عمل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين
وتداخلها مع حالة فلسطينيي العراق فان السبب من المطالبة باستقبال اللاجئين في الجوار
السوري هو تهيئة اللاجئين لقبول اعادة التوطين وايجاد المناخ المناسب لاجل انهاء ارتباطهم
بكل ما هو عربي او وطني في فلسطين او المنطقة المحيطة بها، وهو نفس ما حصل للاجئين
الفلسطينيين الهاربين من العراق، فمن كانوا في مخيم التنف او الوليد او الهول قد مروا
بظروف وطريقة تعامل من قبل المفوضية جعلتهم يقبلون باي شيء مقابل اعادة توطينهم خلاصا
من معاناتهم، وهو ما يصرح به من بقي منهم الى الان سواء من هو في مخيم الهول او من
هو في الوليد او من هم في داخل سوريا.
اننا امام افعى كبيرة تلتف على اللاجئين وتستخدم
امكانياتها الدولية وقوانينها الملتوية والتي تقبل التأويل والتفسير وفق ما تراه مناسبا
لها ولسياساتها المشبوهة.
وعليه فعلى المهتمين بالشأن الفلسطيني في سوريا
ان يقفوا امام ما سيحصل وان يمنعوا اعادة انتاج
ما حصل للاجئين الفلسطينيين الهاربين من العراق،
ولابد ان يكون هناك عناوين للحراك الفلسطيني تجاه ما تطرحه الامم المتحدة اذكرها
دون الولوج في التفصيلات فهي متروكة لاهل الاختصاص :
-
عدم الخلط بين الاوضاع
الانسانية للاجئين وبين حقوقهم في وطنهم فلسطين.
-
عدم اخراج اللاجئين
الفلسطينيين الى دول الجوار.مع ضرورة ايجاد البديل المناسب.
-
ايجاد اماكن امنة داخل سوريا واقامة مخيمات فيها.
-
الحرص على ان تكون قريبة من الحدود لاجل تأمين وصول الاعانات اليها.
-
ترسيخ الثقة بالقيادات الفلسطينية الصادقة
-
توحيد الخطاب الفلسطيني تجاه ما يجري في سوريا
-
عدم السماح لبعض الفصائل سواء المؤيدة للنظام او المعارضة له بتبني مواقف
منحازة لاحد الاطراف
-
المحافظة على موقف الحياد الايجابي رغم الالم.
-
استمرار العون الانساني لمن يلجئ الى المخيمات الفلسطينية في سوريا.
-
عدم الانجرار لاي استفزاز.
-
مطالبة النظام السوري والمعارضة بالابتعاد عن المخيمات الفلسطينية.
-
ابقاء المخيمات مناطق امنة
-
عدم اشراك اللاجئين في هذه المعمعة
الاونروا
-
يجب على الاونروا ان تضاعف من مجهودها وان تبدي استعدادها للعمل في مخيمات
جديدة للاجئين الفلسطينيين في سوريا.
-
فتح مقارها ومبانيها لاستيعاب العوائل الفلسطينية المهجرة من بيوتها
-
المفوضية العليا لشؤون اللاجئين
-
مطالبة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بتوفير الحماية للاجئين داخل الاراضي
السورية، واقتصار عملها على توفير الحماية داخل الاراضي السورية وليس ايجاد بلد ثالث.
-
توفير المعونات الغذائية والصحية للاجئين داخل الاراضي السورية لفئة فاقدي
الاوراق الثبوتية وكذلك للفلسطينيين الهاربين من العراق.
لابد للناشطين الفلسطينيين ان يظهروا مهارة احترافية
في التعامل مع حالة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا وان لا يتكرر السيناريو دائما بان
يدفع الفلسطينيون الفاتورة الاغلى فقد يخسروا وضعهم في سوريا و يشردوا من جديد، فنحن
نتكلم عن اعداد كبيرة وليست صغير ونتكلم عن حالة عدم استقرار طال وقتها.
تعست القيادات التي تتخلى عن شعبها وقت الضيق، وبئست
القيادة التي يقودها شعبها ولا تقوده هي وخصوصا في اوقات الضيق واختلاط الاوراق.
المصدر: واجب