القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

اللاجئون الفلسطينيون في سورية والواجب الإعلامي تجاه معاناتهم

اللاجئون الفلسطينيون في سورية والواجب الإعلامي تجاه معاناتهم
 

بقلم: عز الدين ابراهيم

باستثناء معالجة خبرية خجولة تتحدث عن معاناتهم المتزايدة، يقف الإعلام الفلسطيني (الرسمي والخاص إن جاز التعبير)

موقفاً هزيلاً إزاء استمرار مأساة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا الذين شيعوا أكثر من 500 شهيد في مخيماتهم وتجمعاتهم، من دون أن يتوقف المستوى السياسي والإعلامي الفلسطيني أمام هذا الرقم المرعب.

وفي جولة سريعة على وسائل الإعلام الفلسطينية الرسمية والخاصة، المقروءة والمرئية والإلكترونية، يكاد يكون الخبر المتعلق بما يجري للاجئين الفلسطينيين نادراً، حتى لو تعلق الأمر بارتقاء شهداء سقطوا برصاص الجيش النظامي بسبب الدور الذي مارسته المخيمات الفلسطينية كحاضنة ومأوى لعائلات سورية تعرضت مناطقها للقصف، ليُصيب هذه المخيمات لاحقاً ما أصاب باقي المدن السورية من قصف وتدمير.

ما دام الانقسام الفلسطيني الأسود أفرز واقعاً إعلامياً فلسطينياً منقسماً على ذاته، فمن باب أولى الآن أن تدفع هذه الدماء الزكية التي تراق في سوريا، ومن ضمنها الدماء الفلسطينية، الإعلام الفلسطيني إلى أن يتوحد تحت هذا العنوان، حتى يعلم اللاجئ الفلسطيني المستهدف هناك، وفي كل أماكن الشتات أنه ليس يتيماً، وأن ثمة صدى لصراخه احتجاجاً على الظلمة والطغاة أينما كانوا.

الجسد الإعلامي الفلسطيني المتمزق بفعل الانقسام، أمام فرصة سانحة ليتوحد على عنوان من أشرف عناوين القضية الفلسطينية، وهي قضية اللاجئين، فكيف إذا كانت هذا العنوان مستهدفاً ويراد له التصفية؟ أم أن المطلوب أن تلاقي قضية اللاجئين في سوريا مصير نظرائهم الهاربين من نار القتل والتشريد في العراق، ومن قبلهم القابعون في مخيمات لبنان التي تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الكريمة؟!

نخشى أن تمضي أزمة فلسطينيي سوريا لتكون مقاربة لما يعيشه فلسطينيو لبنان من معاناة مستمرة في مخيماتهم، إذا استمر هذا التجاهل الإعلامي لوضعهم، في ظل انهماك النخبة السياسية بالانقسام السياسي وتداعياته السلبية، وفي ظل وجود "قيادة فلسطينية" شغلها الشاغل مفاوضة الكيان الصهيونية على فتات ممّا بقي من أرض فلسطيني التاريخية، ناسية أو متناسية أن غالبية الشعب الفلسطيني في الخارج.

مسؤولية الإعلاميين الفلسطينين ومؤسساتهم في الخارج، لا تقل أهمية عن دور الداخل المحتل في إعطاء هذه القضية حقّها من الاهتمام والمتابعة والإبراز، كيف لا وهم اللاجئون أصلاً والمتجرعون لمرارات اللجوء، والعارفون بتفاصيل ربما كانت غائبة إلى حدٍّ ما عن إعلاميي الداخل، مع أن عصر المعلومات وسرعتها لم يترك عذراً لأحد.

وحتى لا نبقى في دائرة جلد الذات، ندعو إلى استدراك ما فاتنا كإعلاميين في الضغط على المؤسسات والهيئات السياسية والشعبية لتفعيل دورها تجاه أزمة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، ليكون ذلك بداية لتصحيح البوصلة الإعلامية الفلسطينية التي انحصرت – للأسف- في خانة الردح الإعلامي المتبادل الذي خلّفه الانقسام، والاهتمام أكثر بثوابت القضية، وفي مقدمتها قضية اللاجئين.

آن للإعلاميين الفلسطينيين أن يمارسوا دوراً رقابياً على أداء الجهات الرسمية الفلسطينية تجاه هذه القضية والقضايا الأخرى، وثمة دور آخر يكشف حقيقة ما يجري لأهلنا هناك بعيداً عن الحسابات السياسية واللغة الديبلوماسية؛ فالمصاب جلل، والتقصير الفلسطيني الرسمي والفصائلي واضح وملموس لم يتجاوز للأسف خطابات الشجب والإدانة، وكأن الذين يقتلون يومياً في المخيمات لا يمتّون للشعب الفلسطيني بصلة.

آن للمؤسسات الإعلامية الفلسطينية، الفضائيات، الصحف، والمواقع الإلكترونية أن تتحرر من انتماءاتها الحزبية والفصائيلة الضيّقة، وبدلاً من التنافس في تسجيل سبق في إطار المناكفات، فلتبادر إلى وضع ما يجري للفلسطينيين في سوريا على قمة أولوياتها.

الدم الفلسطيني المسفوح في سوريا ومخيماتها، وآلام التشرد المستمرة، أمانة في أعناق الإعلاميين قبل السياسيين، أمانة تستأهل تناسي الخلافات والتباينات السياسية والأيديولوجية، والتوحد على نصرة هؤلاء المظلومين، ذلك قبل أن تتحول هذه الدماء الزكية إلى لعنة تطارد كل من صمت أو تناسى.

المصدر: مجلة العودة، العدد الـ62