اللاجئون الفلسطينيون في لبنان.. أرقام عنصرية
بقلم: ياسـر عـزام
في حلقة نقاش حول حق العمل للاجئين الفلسطينيين في لبنان، نظمتها في القصر الحكومي «لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني» (LPDC) في العام (2010)، صُرِف وقت طويل في تحديد عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وذلك على حساب محاور أخرى مُقرّة في جدول الأعمال.
جرى اللقاء لمتابعة القوانين التي اقترحها «اللقاء الديموقراطي» يومها في البرلمان اللبناني. غير أن التصريحات المتناقضة التي أطلقها عدد من الجهات السياسية اللبنانية أثارت القضية «بقسوة»، بسبب اعتبار مئات الآلاف من «الإنسان» مجرد «كميات وأغراضاً» يمكن التلاعب بأرقامها وفق الهوى السياسي الغالب أو المتبع..
وبين نائب يميني يستعظم خطر «حق العمل لـ(700) ألف فلسطيني، فيما اللبنانيون عاطلون من العمل ويعانون البطالة»، ونائب يساري يُسهِّل منح «حق العمل لخمسين ألف فلسطيني، هم القوة العاملة من أصل (220) ألف لاجئ، ويعمل معظمهم أصلاً بشكل مستتر»، وقعنا في دوّامة التقديرات السياسية والأرقام المزاجية للتيارات السياسية اللبنانية. وكلما انزاح الخط السياسي من اليسار إلى اليمين زاد عدد الفلسطينيين في تصريحات مسؤولي التيارات السياسية.
والأغرب أن عدد الفلسطينيين يختلف في تصريحين لسياسي لبناني واحد بحسب نوعية التصريح ومزاج صاحب التصريح والجمهور المستهدف من التصريح. فهو يعظم أعدادهم حين يتحدث عن خطر التوطين، ويقلل منها حين يقترح نقلهم إلى الخارج أو توزيعهم على الدول العربية.
بل إن الخلاف في تقدير عدد الفلسطينيين امتدّ أيضاً إلى داخل حلقة النقاش، حيث قالت إحدى المشاركات «لقد أحصينا عدد الفلسطينيين الموجودين فعلياً – لمصلحة منظمة FAFO النرويجية- فأرعبَنا الرقم، فاضطررنا إلى إدخال أرقام وفق افتراض عدم شمول الإحصاء لبعض الرافضين له والمشككين به، واحتسبنا نسبتهم، وأصدرنا الرقم التقديري، وهو (220) ألف لاجئ مقيم في لبنان»!
واستمرّ الجدل حول الأرقام، إلى أن حسمتها مندوبة «الأونروا» التي وصلت متأخر إلى حلقة النقاش بأن عدد المسجّلين في «الأونروا» هو أكثر بقليل من (433) ألفاً. غير أن الرقم الفعلي شبه المتفق عليه هو حوالى (220) ألف لاجئ فلسطيني. (عدد الفلسطينيين اليوم –حسب سجلات الأونروا- يزيد على 455 ألفاً).
لا يهمنا في هذه الزاوية العدد الذي يذكره هذا السياسي أو ذاك، ولكن يهمنا أن نؤكد ما يهمّنا التأكيد عليه هو التناقص الفاضح في عدد الفلسطينيين في لبنان، والذي لا يجد تفسيراً واقعياً له، سوى أن البيئة اللبنانية هي بيئة طاردة لهم، حيث لا يشكل عددهم الواقعي إلا نصف عددهم المسجل في سجلات «الأونروا». بل إن الأخطر من ذلك هو أنه كان يُفترض أن يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بحدود المليون لاجئ، وفقاً لمنطق التطور السكاني، ولكنه لا يتجاوز نصف هذا العدد في السجلات، فأين اختفى نصف مليون فلسطيني في لبنان؟!