اللاجئون طلائع التحرير
بقلم: د.عصام عدوان
بعد أن أذن الله تعالى للذين ظُلموا
بالردّ عن أنفسهم، وطمأنهم بقدرته على نصرهم، أولئك الذين أُخرجوا من ديارهم بغير
حق، فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن شَرَع في تهيئتهم للقتال،
فاختار لسراياه وغزواته الأولى التي سبقت معركة بدر الكبرى خيرة شباب المهاجرين
دون غيرهم من الأنصار، على الرغم من أن الأنصار كانوا قد أعطوا بيعة العقبة
الثانية التي سميت ببيعة القتال.
ذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-
أراد أولاً أن يربي المهاجرين على العزة وعدم الرضى بالهوان، وأنه آن أوان ردّ
الظلم؛ لأنهم طُردوا من ديارهم ومن أموالهم فكان جديرٌ بهم التهيؤ للقتال وردّ
الاعتبار، واسترداد بعض ما سُلب منهم. ولم تكن هذه دوافع الأنصار، ولذلك لم
يستنفرهم لتلك السرايا والغزوات.
إن حركة المقاومة الإسلامية حماس
والمقاومة الفلسطينية، وهي تعدّ لتحرير فلسطين من الغزاة المحتلين، وتسعى سعياً
حثيثاً لبلوغ معارك التحرير الفاصلة، جديرٌ بها كذلك, وسَيْراً على هدي الرسول
-صلى الله عليه وسلم- أن تهيّئ اللاجئين الفلسطينيين قبل غيرهم, لرفع الظلم الذي
جثم على صدورهم ما يقرب من سبعة عقود، ورفع معنوياتهم وإكسابهم الثقة بأنفسهم
بأنهم قادرون على ردّ الظلم واستعادة الحقوق والوفاء للآباء الذين قضوا قبل أن
يستعيدوا كرامتهم.
وبينما تشرع حركة حماس، والمقاومة
الفلسطينية عموماً, في توسعة قاعدة مقاتلي النخبة لديها. فإنه حريّ بها أن تعيد
تقسيم قوات النخبة على أساس معارك التحرير, فتشكل منهم طلائع التحرير. ومع أن
فلسطين هي لكل الفلسطينيين، بل والعرب والمسلمين، إلا أنه من العيب أن ينهض بعبء
طلائع التحرير غير أبناء اللاجئين، وعليه، فلتستنفر قوى المقاومة أبناء اللاجئين
من كل قرية وبلدة ومدينة احُتلت عام 1948م، وتنظمهم في سرايا وكتائب من النخبة
ليكون هؤلاء هم أول من يطرق قراهم وبلداتهم ومدنهم، في متوالية نصف دائرية تنبعث
من قطاع غزة نحو الأرض المحتلة عام 1948م، وليكن قادة كل سريّة أو كتيبة، وجنودها
من النخبة من أبناء القرية التي يعتزمون تحريرها، فهذا التكتيك سيحقق ما يلي:
1. رفع معنويات اللاجئين، وأنه
بمقدورهم استعادة حقوقهم.
2. يثير التنافس والغيرة بين أهالي
القرى والمدن المحتلة، أيهم سيُبلي بلاءً حسناً في تحرير موطنه، كما استثار الرسول
-صلى الله عليه وسلم- الصحابة في غزوة حنين.
3. يهيئ نفوس اللاجئين للعودة عبر
المقاومة المسلحة.
4. يعرّي مَن يتقاعسون عن تحرير
موطنهم، فيشعرون بالإهانة والصغار بين أهالي القرى وعموم شعبهم.
5. يدفع أهالي القرى والمدن لاستثارة
شبابهم لهذا التحدي العظيم.
6. يحقق اللاجئون امتثالهم لأمر الله
{وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ
دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا} (البقرة 246)، وامتثالهم لهدي النبي في اتخاذه طليعة
القتال من المهاجرين.
7. التعرف على مسالك قراهم وبلداتهم
وأحوالها، حتى إذا لم يحرروها من أول جولة كانت لهم بعدها صولات وجولات.
8. يغنمون بعض ما سلبهم عدوهم من
أملاك لا حصر لها بعد هذه السنين الطويلة.
9. وفي حال استتب لهم تحرير بلداتهم،
فسوف يشجعهم ذلك على معاودة سكناها.
10. تفخر الأمة بهذه الطليعة عندما
ترى أصحاب الحق يستعيدونه بأيديهم، فلا يسعها إلا تقديم كل دعم مادي ومعنوي لهم،
ويرفعون بعض الحرج عن إخوانهم الفلسطينيين، فقد قاموا بما هو أوْلى.
المصدر: فلسطين أون لاين