المصالحة الفلسطينية.. دعونا ننتظر
بقلم: عبد الله المجالي
لا شك أن المصالحة الفلسطينية باتت أمنية
عند كل فلسطيني وعربي مهتم بالقضية الفلسطينية.
ولا شك أن الانقسام الفلسطيني بات المشجب
الذي يعلق عليه الجميع تراجع أهمية القضية الفلسطينية فلسطينيا وعربيا وإقليميا ودوليا،
بل أثر على نفسية الجماهير العريضة التي تدعم القضية الفلسطينية.
ولا شك أن الانقسام تمخض عن تمايز مشروعين
لمعالجة القضية الفلسطينية؛ مشروع يقوم على مبدأ التفاوض وقبول الحلول الدولية للقضية
الفلسطينية بما فيها الاعتراف بـ"إسرائيل"، لاسترداد الحقوق الفلسطينية.
ومشروع يقوم على مبدأ المقاومة لاسترداد الحقوق الفلسطينية، وعدم التفريط بأي شبر من
أرض فلسطين أو بحق العودة. وهناك من يعتقد أن هذه ميزة.
ولا شك أن الانقسام تمخض عن سلطة واقعية
لحركة حماس بحيث أصبحت غزة عنوانا للمقاومة في وجدان جماهير عريضة في العالمين العربي
والإسلامي. وهناك من يعتقد أن هذه ميزة.
ولا شك أن الانقسام كان له دور في تصعيد
حركة حماس كحركة تمثل الشعب الفلسطيني. وهناك من يعتقد أن هذه ميزة.
هناك من يعتقد أن الانقسام خدم حركة حماس
كثيرا، وأن ما جنته خلال فترة الانقسام ستخسره إذا ما نجحت المصالحة، وهناك من يرى
أن كلفة الانقسام باتت باهظة على حركة حماس، حيث إن مسار الأحداث لم يكن في صالح الحركة،
وجعل من الصعب عليها الاستمرار في تحمل كلفة الانقسام.
وكلما زادت وتيرة الحديث والأحداث عن المصالحة
الفلسطينية تزداد معها وتيرة التوقعات، كما يزيد معها وتيرة الجدل الذي يصل أحيانا
إلى درجة التقاذف.
وفي هذا السياق أعتقد أن المصالحة الفلسطينية
تعني المصالحة بين حركة حماس والسلطة في رام الله، أكثر مما تعني مصالحة بين حركة حماس
وحركة فتح، ذلك أن حركة فتح تماهت مع السلطة التي أصبحت هي التي تحدد معالم طريقها،
ومن هنا فإن أي مصالحة ستشتمل على تنازلات لن ترضي جماهير حماس التي تعتبر مشروعها
متناقضا تماما مع مشروع السلطة في رام الله.
ومعلوم أن المصالحة ما هي إلا حوار ومفاوضات
بين طرفين، لا يمكن أن تنجح إلا إذا قدم الطرفان تنازلات للوصول إلى نقطة تفاهم، وهذه
التنازلات تعتمد على القوة التي يمتلكها الطرفان، والقوة هنا لا تنحصر بالقوة العسكرية
أو المادية فقط، وإن كانت أهمها، بل تعتمد على مدى القدرة على استخدام القوة العسكرية،
وكذلك القوة السياسية ومدى اتساع الخيارات أو ضيقها، والقوة المالية والإعلامية والتنظيمية
والشعبية، وقوة العلاقات مع الأطراف الأخرى ومساحة المناورة المتاحة والقدرة على الصمود
في وجه الضغوط.
من هنا لا يجب أن يتخيل أحد أن تتم المصالحة
دون تقديم الأطراف لتنازلات، وغني عن القول أن حجم التنازلات التي يقدمها كل طرف ليس
شرطا أن تكون متكافئة، فهي تعتمد على مقدار القوة التي يمتلكها كل طرف كما أسلفنا.
أعتقد أن تقييم جماهير حماس ونخبتها وأنصارها
للمصالحة ستختلف باختلاف النظرة إليها، فإن كانت النظرة للمصالحة على أنها حاجة مطلوبة
لذاتها باعتبارها هدفا استراتيجيا للشعب الفلسطيني، وبدونها فإن القضية الفلسطينية
ستخسر خسارة كبيرة، حينها ستكون النظرة إلى التنازلات التي تقدمها الحركة في سبيل هذا
الهدف الكبير مقبولة ومشروعة.
وفي المقابل إن كانت النظرة للمصالحة على
أنها حاجة مرحلية الهدف منها تهيئة الأرضية المناسبة للشعب الفلسطيني لاسترداد حقوقه
كاملة، أو حاجة مرحلية للحفاظ على مقومات القوة التي تمتلكها الحركة بما فيها القوة
المسلحة، فإن النظرة إلى التنازلات ستكون بمقدار ما تمس هذه المقومات، فإن حافظت عليها
فستكون مقبولة، وإن فرطت فيها أو مستها فستكون غير مقبولة على الإطلاق.
المصدر: السبيل