المصالحة هي الخيار الأمثل
حسام الدجني
هناك تسريبات اعلامية تفيد بأن حركة فتح والسلطة الفلسطينية
يدرسان اعلان قطاع غزة اقليماً متمرداً، أو على أقل تقدير اتخاذ قرارات مؤلمة في حال
اصرار حركة حماس على رفض الذهاب لانتخابات برلمانية ورئاسية.
لا شك ان المتغير الاقليمي يصب في مصلحة الرئيس محمود
عباس، وأن السلطة الفلسطينية تشعر بنشوة الانتصار بعد الاطاحة بالرئيس المصري محمد
مرسي، تلك النشوة التي عايشتها حركة حماس في يونيو/2012م بعد الاعلان عن فوز الرئيس
محمد مرسي بالانتخابات الرئاسية، وهذا دليل على أن المتغير الاقليمي هو احد الفواعل
الرئيسية بالقرار السياسي الفلسطيني، وان سبب تعثر المصالحة الفلسطينية يعود لمراهنة
طرفي الانقسام على المتغير الخارجي لتحسين شروط التفاوض، مما يدلل على غياب ثقافة التعايش
والمشاركة والشراكة السياسية، وأزمة الثقة بين النخب السياسية، وأن العملية الديموقراطية
التي ينادي بها البعض هي بمثابة وصفة لنزع الشرعية عن الطرف الآخر، وهذا قد يأخذ الساحة
الفلسطينية إلى مصير مجهول، لأن ثقافة التعايش بين القوى الوطنية والاسلامية وبين مؤسسات
النظام السياسي الفلسطيني تعاني أزمة حقيقية لابد من وقوف كل المنظرين والمفكريين أمامها،
والعمل على تعزيزها من خلال العمل المشترك في مساجدنا ومدارسنا وبيوتنا، وصولاً إلى
خلق ثقافة مدنية قادرة على بناء مؤسسات دولة لشعب يعاني من الاحتلال منذ عشرات السنين،
وغير قادر على تحمل أي نزاعات أو صراعات حول سلطة تكاد تكون وهمية نظراً لهمينة الاحتلال
الاسرائيلي عليها.
إن مجرد التفكير بإعلان قطاع غزة اقليماً متمرداً أو
اتخاذ اي قرارات مؤلمة من شأنها أن تزيد من معاناة سكان غزة، الذي مازال يعاني من ويلات
الحصار واغلاق المعابر ونقص البضائع وانقطاع التيار الكهربائي، قد لا يحتمل قرارات
مؤلمة أخرى وتحديداً عندما تأتي من الشقيق فسيكون لها آثار نفسية، فإسرائيل بعد أحداث
يونيو حزيران/2007 المؤسفة أعلنت قطاع غزة كياناً معادياً، وأي تقاطع من قبل السلطة
الفلسطينية مع الاحتلال الاسرائيلي سينعكس على مجمل العلاقات الوطنية، وسيخدم فقط الاحتلال
الاسرائيلي، ومن هنا أستشهد بما قاله الرئيس محمود عباس بأن البديل عن المفاوضات هي
المفاوضات، لنبرق له برسالة أن البديل عن المصالحة هي المصالحة، فهي اقصر الطرق وأقلها
تكلفة نحو تحقيق آمال وأمنيات شعبنا في الاستقرار والتقدم والبناء وانهاء الاحتلال.
إن دولة فلسطين ينتظرها تحديات جسام، وأن العديد من القوى
الاقليمية والدولية ستعمل من أجل اضعاف الروح المعنوية للشعب الفلسطيني، والضغط عليه
وعلى قيادته للقبول بأنصاف الحلول، وصولاً إلى تصفية القضية الفلسطينية، ولذلك ستعمل
على اثارة الفتن، وتأجيج الصراعات بين القوى الوطنية، وهذا بالتأكيد سيؤثر على النسيج
الاجتماعي الفلسطيني، وستبقى الحالة الفلسطينية منقسمة لعشرات السنين، ومن هذا المنبر
أبرق لكل محبي وأنصار القضية الفلسطينية للبحث في مبادرة وطنية لتجنيب الفلسطينين ويلات
الحصار والاقتتال، والعودة بالبوصلة لاتجاهها الصحيح نحو مشروعنا الوطني التحرري القائم
على العودة والتحرير.