المواجهة: فلسطينيو الشتات والمتضامنون الدوليون في المقدمة
بقلم: إبراهيم درويش
لم يجتمع أعضاء فرقة «بينك فلويد» منذ
11 عاما لإحياء حفلة موسيقية في لندن ولكن الفريق اليوم والمكون من ديفيد غيلمور ونيك
ميسون وروجر ووترز قرروا دفن خلافاتهم ودعم قضية مشتركة، ليست موسيقية بل «نساء في
القارب إلى غزة» وهي مجموعة من النساء اجتمعن من كل أنحاء العالم وأبحرن من برشلونة
إلى غزة الشهر الماضي وبدعم من تحالف اسطول الحرية، وهو اتحاد يعارض الحصار الإسرائيلي
على غزة. واعترضت البحرية الإسرائيلية قارب النساء واعتقلت طاقمه ومن المتوقع ترحيلهن
قريبا. وأعلنت صفحة الفرقة على الفيسبوك دعمها لخطوة الثلاثة يوم الأربعاء في بيان،
وظهر نفس البيان على صفحة ووترز على الفيسبوك ولكنه لم يظهر على صفحة غيلمور. ومن المتوقع
الإفراج عن عناصر قارب الحرية بسرعة وليس أقل من الدعم الذي قدمته فرقة بينك فلويد
لقضيتهن. فقد قام روجر ووترز بحملة دعم نيابة عن الفلسطينيين منذ عام 2005 عندما زار
إسرائيل ودعا للمقاطعة الثقافية لإسرائيل وإبعاد المؤسسات نفسها عن الإهتمام بالبلد.
حراك دولي
ويعبر موقف فريق بينك فلويد عن حراك دولي
مستمر لدعم ملامح القضية الفلسطينية سواء فيما يتعلق بحصار غزة أو معارضة الإستيطان
الصهيوني والذي قاد مجموعة من الشبان «الدوليين» المتضامنين مع القضية الفلسطينية للتضامن
مع أهالي القرى الفلسطينية التي تتعرض للهجمات الإستيطانية أو تلك التي يصادر الجيش
أراضيها لبناء مستوطنات عليها. ودفع الكثير من هؤلاء حياتهم ثمنا للدفاع عن فلسطين
والفلسطينيين ومن أشهرهم راشيل كوري وتوم هيرنديل. ومارست إسرائيل ضغوطا على هذه الحركة
الدولية بالإضافة لحركة العدالة من أجل فلسطين التي دعت المؤسسات الدولية والشركات
لمقاطعة الشركات والمؤسسات الإسرائيلية التي تتعامل مع المستوطنات. وجاءت هذه الحركات
المتضامنة نتاجا لعمل التجمعات الفلسطينية في المنفى التي لم تنسى القضية الفلسطينية
وتعلم أبناؤها من الجيل الجديد كيفية التعامل مع الواقع الإجتماعي والسياسي. ولا غرو
فقد أسهمت حروب إسرائيل المتكررة على غزة منذ عام 2009 والحصار المتواصل لأكثر من مليون
ونصف فلسطيني هناك إلى حملات تضامن معهم تمثلت بقوارب الحرية التي انطلقت من أكثر ميناء
غربي. وتعد حركة الوعي بالقضية الفلسطينية من أهم التمظهرات التي تعلم عن اهتمام بالهم
الفلسطيني بين فلسطينيي الشتات والأوروبيين. فأيام فلسطين ومؤتمرات تخصص للشتات الفلسطيني
وتعقد كل عام في عاصمة او مدينة أوروبية مختلفة تسهم في إحياء العمل بالقضية والدعوة
للوحدة والتحرك الدولي، كما أن الجمعيات الفلسطينية ومراكز البحث المتخصصة في موضوعات
اللاجئين تثير دائما الإهتمام بفلسطين، إضافة للظهور الإعلامي للفلسطينيين في مراكز
وجودهم.
الحركة العمالية
كما وتعاون الفلسطينيون في الشتات مع الحركات
العمالية واليسارية والليبرالية التي تههما العدالة والحرية. ويبدو هذا واضحا في مواقف
زعيم حزب العمال جيرمي كوربن الذي قضى معظم حياته مدافعا عن حقوق الإنسان والحرية والعدالة
من أجل فلسطين. واتهم الحزب بمعاداة السامية وشن اليمين حملة عليه أدى إلى تحقيق قامت
به شامي تشاكروباتي، المديرة السابقة للمنظمة الحقوقية «ليبرتي» وأوصت في تحقيقها باتخاذ
عدد من الخطوات لمواجهة العنصرية والتحيز إلا أن مارك ريغيف، السفير الإسرائيلي في
لندن كتب في صحيفة «الغارديان» (6/10/2016) في ذكرى معركة «شارع كيبل» بين ناشطين فاشيين
ومعارضين لهم.
وكتبت بام بيلي، الصحافية التي تقيم في
واشنطن مقالا في موقع «ميدل إيست آي» (6/10/2016) وتحدثت عن منظمة غير حكومية «مونيتور»
المرتبطة بالحكومة الإسرائيلية والتي هاجمت في الماضي «أصوات يهودية للسلام» و «أمنستي
إنترناشونال» و «بيتسليم» و «كسر الصمت» ونشرت تقريرا اتهمت فيه الناشطين الدوليين
وأعضاء المقاطعة الدولية لإسرائيل بأنهم يسيئون استخدام تأشيرة الزيارة لدخول إسرائيل.
وقالت إن الناشطين قدموا أسبابا مزيفة وقاموا بالتحرش وتعويق عمل جيش الدفاع الإسرائيلي،
ونظموا احتجاجات عنف واتصلوا بمنظمات إرهابية وشجعوا عمل حركة المقاطعة الدولية والشيطنة».
وأشارت الوثيقة إلى قرار وزير الأمن العام غيلعاد إردان الذي أعلن في آب (أغسطس) عن
منع الناشطين من استغلال تأشيرات الزيارة وترحيلهم. وتقول إن من بين الذين ذكروا في
الوثيقة كان اسمها. وقالت إنها عندما وصلت إسرائيل لم تطلب تأشيرة سياحة ولم تقم أبدا
بالتحرش بالجيش أو تنظيم نشاطات غير قانونية. وتعمل بيلي سكرتيرة عامة لـ منظمة «مونيتور
لحقوق الإنسان الأوروبية ـ المتوسطية» و «نحن لسنا أرقاما» واللتان تركزان على غزة.
وعندما وصلت مطار بن غوريون مع التصريح تم أخذ بصمتها وصورتها ورحلت إلى الولايات المتحدة
مع تحذير بعدم العودة قبل 10 أعوام. وتشير إلى أن قصتها ليست استثنائية، فمنذ كانون
الثاني (يناير) هناك حملة ضد الناشطين. وتقول إن نسبة 1٪ من 384 «حادثا» واجهها موظفو
الأمم المتحدة والعاملون في المنظمات غير الحكومية انتهت بالترحيل. ومنذ بداية العام
الحالي فإن نسبة 8٪ من الحوادث المسجلة 233 انتهت بالترحيل وانتهت حالات نسبة 18٪ بإلغاء
المهام. وقدمت بيل عددا من الحالات التي تم فيها ترحيل ناشطين حيث اعتبرتهم السلطات
الإسرائيلية «خطرا أمنيا» مع أنهم كانوا يحملون الأوراق الحقيقية للعمل إما في الضفة
أو غزة، وكيف تم التحقيق معهم وتفتيش هواتفهم النقالة بحثا عن أرقام محلية. وتعتقد
بيلي أن الموجة الحالية من الترحيل مرتبطة بموقف إسرائيل من حركة المقاطعة. وكنت إردان،
الذي يعمل أيضا وزيرا للشؤون الإستراتيجية على صفحته في فيسبوك «لو حصلت على معلومات
عن شخص يتظاهر بأنه سائح ولكنه في الحقيقة ناشط في المقاطعة ويزور إسرائيل أخبرونا
وسنقوم بترحيله». وتعرضت منظمات غير حكومية لهجوم إسرائيلي مثل «وورلد فيشين» ومكتب
التنمية التابع للأمم المتحدة واتهمتهما بتقديم اموال لحماس. وفي مقال نشرته مجلة
«فورين بوليسي» (20/9/2016) تحدث فيه كاتبه عن الحرب الإقتصادية التي تشنها إسرائيل
على غزة والتقى الكاتب بعدد من موظفي الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية أشاروا بتردد
إلى صعوبة العمل في غزة بسبب القيود التي تمارس عليهم.
فيسبوك
وفي محاولة للقضاء على النشاط المؤيد لفلسطين
أعلن إردان أن إسرائيل اتفقت مع ممثلي شركة فيسبوك تشكيل فريق يقوم بتحديد كيفية مراقبة
وحذف «المحتويات المحرضة» على منبر التواصل الاجتماعي. ومن الأمور المطروحة هي قيام
الشركة بحذف أي محتوى ترى فيه إسرائيل مادة محرضة. ولا بد من الإشارة أن العمل من أجل
فلسطين لا يواجه فقط مضايقات إسرائيلية بل وأغلقت عدة بنوك حسابات تابعة لجمعيات تضامن
مع فلسطين في العام الماضي. وفي آخر تطور قام بنك أيرلندا بإغلاق حسابات منظمة التضامن
مع فلسطين في أيرلندا «إليكرونيك انتفاضة» (6/10/2016). وفي النهاية يظل الوعي بالقضية
الفلسطينية مهما في مجتمعات الشتات الفلسطينية، ولم يعد يقتصر على البعد السياسي بل
وعلى البعد الفني والكوميدي مثل الكوميدي محمد (مو) عامر الذي يستخدم تراثه الفلسطيني
لتوعية الأمريكيين بهويته كفلسطيني وعربي ومسلم.
المصدر: القدس العربي