الناخبون العرب في "إسرائيل": ما الفائدة؟
تقرير خاص (الإيكونوميست)
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
على السطح، يبدو الأمر بالنسبة لفلسطينيي 48 ضرباً من العبث وحسب. ففي كل انتخابات إسرائيلية عامة، يدلي مئات الآلاف من العرب بأصواتهم لصالح أحزاب لا تفعل الكثير لتحسين أوضاعهم. والآن، ما تزال الفجوة الاجتماعية والاقتصادية القائمة بين اليهود والعرب، الذين يشكلون واحداً من كل خمسة إسرائيليين، آخذة في الاتساع؛ وقد فشلت الأحزاب السياسية العربية فشلاً ذريعاً في إلحاق الهزيمة بمجموعة من القوانين التي تلحق الضرر بالسكان العرب، والتي مررتها حكومة بنيامين نتنياهو في البرلمان المنتهية ولايته. ويقول أحد الناخبين من مدينة الناصرة، أكبر مدينة يسكنها العرب في إسرائيل: "كلما أصبحنا أكثر وضوحاً ومرئيين أكثر، زاد تمييزهم ضدنا".
ولم يعد العديد من عرب إسرائيل يتكلفون عناء التصويت. وقد تراجعت نسبة إقبالهم على المشاركة في الاقتراعات من 75 % في العام 1999 إلى 53 % في الانتخابات الأخيرة؛ ويمكن أن تهبط النسبة هذه المرة إلى ما دون النصف، كما يقول أسد غانم من جامعة حيفا، الذي أشرف مؤخراً على إجراء دراسة استقصائية حول نوايا العرب إزاء التصويت في الانتخابات. وهناك في الوقت الحاضر 17 عضواً عربياً في البرلمان الإسرائيلي المؤلف من 120 مقعداً؛ وما لا يقل عن ستة من الدروز، بينهم عضو في حزب الليكود الذي يتزعمه السيد نتنياهو.
وكان بعض الإسلاميين وبضعة من المفكرين العرب قد شنوا حملة تدعو إلى مقاطعة الانتخابات الإسرائيلية، متذرعين بضرورة القيام بأي شيء ضد إضفاء الشرعية على ما ينتقدونها بوصفها دولة ديمقراطية لليهود فقط. لكن اليأس هو السبب الرئيسي للامتناع عن المشاركة. فلم يسبق لأي حكومة إسرائيلية على الإطلاق وأن ضمت حزباً عربياً في ائتلافها؛ وحتى لو حاولت أن تفعل ذلك، فإن من غير المحتمل أن يقبل أي طرف عربي الانضمام إلى حكومة، ما لم تحل إسرائيل أولاً صراعها مع الفلسطينيين. ويقول السيد غانم: "إنهم (العرب) لا يمكن أن يصادقوا على قصف غزة".
وتمكن رؤية نتائج هذا الإحجام العربي عن الانخراط في السياسة الوطنية في مشهد الأخاديد العميقة المنتشرة في شوارع كفر قاسم، المدينة العربية-الإسرائيلية الأقرب إلى حاضرة إسرائيل، تل أبيب. ولا يوجد في هذه البلدة التي يقطنها 20.000 شخص مركز للشرطة، وغالباً ما تمزق إطلاقات رصاص العصابات هدأة الليل فيها. كما أن معدلات البطالة بين العرب في كل أنحاء البلاد تساوي ضعفي معدلات البطالة بين اليهود؛ ويعتبر 66 % من الأطفال العرب فقراء، مقارنة مع 24 % من الأطفال اليهود فقط.
وتبدو القليل من الأحزاب اليهودية حريصة على عكس هذا الاتجاه؛ بل إنها تتجنب إلى حد كبير خوض حملاتها في البلدات العربية. وقبل عشرين عاماً كان أكثر من 60 % من العرب يصوتون للأحزاب اليهودية؛ وفي المرة الأخيرة، صوت أقل من خمسهم لصالح هذه الأحزاب. وفيما يصبح الناخبون اليهود أكثر طائفية وصقورية، يحاول عدد أقل من ساستهم كسب الناخبين العرب واستعادة دعمهم مرة أخرى. وتبدو الحفنة الصغيرة من الأعضاء العرب في البرلمان، الذين يمثلون أحزاباً يقودها اليهود، وأنها تنخفض إلى النصف بدورها.
بشكل عام، أصبح الكثير من الناخبين العرب يشعرون باليأس من ساستهم أنفسهم، خاصة بسبب تركيزهم على الصراع الإسرائيلي مع الفلسطينيين، في حين أن 92 % من العرب في إسرائيل، وفقاً لمسح السيد غانم، يطرحون مسائل الرفاهية والتمييز وارتفاع معدلات الجريمة بوصفها مواطن قلقهم الرئيسية. كما يبدو الساسة العرب-الإسرائيليون أيضاً عرضة للصراعات والنزاعات فيما بينهم. وتقول الأحزاب الثلاثة التي يقودها العرب، والتي فازت بمجموع 11 مقعداً في الانتخابات الأخيرة، إنها تمثل الأيديولوجيات الإسلامية والقومية والشيوعية المتنافسة. لكن الصدامات العائلية والشخصية ربما تكون أكثر صلة بذلك. ولو أن كافة العرب-الإسرائيليين صوتوا لصالح قائمة واحدة، وظهروا في مراكز الاقتراع بنفس معدل ظهور اليهود، لكان لهم ثاني أكبر حزب في إسرائيل.
الآن، هناك عدد قليل من الأحزاب اليهودية الصغيرة التي تحاول اجتذاب العرب المحبطين. ويعمل حزب شاس المفرط في التشدد، والذي يمثل اليهود الذين تعود أصولهم إلى العالم العربي، على السعي إلى تحصيل الأصوات العربية بقوة. ويقوم برلمانيو شاس الناطقون بالعربية، وهم يرتدون الملابس السوداء من قماش الكبردين، بجولات في قرى الجليل، حيث يشكل المسلمون العرب والدروز والمسيحيون الأغلبية، ويقدمون لهم الوعود بزيادة الإنفاق البلدي. كما قام الحزب اليساري الذي يقوده اليهود، ميرتس، أيضاً بترشيح العيساوي فريج، وهو محاسب من كفر قاسم، ووضعه في مرتبة متقدمة على قائمته. وقد وعد فريح بمعالجة القضايا المحلية بدلاً من القضايا الوطنية. وهو يتساءل: "كيف يمكننا الدفاع عن بيت شخص آخر، إذا لم نتمكن حتى من إصلاح بيتنا نفسه؟
المصدر: الغد، عمّان