الوضع القانوني للاعتراف بالدولة الفلسطينية واثره على قضية اللاجئين وحق العودة
الدكتور شفيق المصري
اعتقد بأن مسعى السلطة الفلسطينية اليوم نحو الامم المتحدة وقع وقد يقع حتماً في ثلاثة أخطاء:
اولاً، مجلس الامن ليس له علاقة بالاعتراف بالدول واستقلا الدول، الإستقلا يصنعه الشعب ولكن الدولة المستقلة تصبح كاملة الإستقلال، إنما هي بحاجة الى الاعتراف لكي تدخل هذه الدول كعضو فاعل في المجتمع الدولي. ودور مجلس الامن حاسم. وفي طلب هذه الدولة المستقلة الى الدخول في عضوية الامم المتحدة، فهناك امران، الحصول على الإستقلا ومن ثم تقديم الطلب.
لأن هذه الدولة إذا لم ترتق الى مستوى الدولة المستقلة، طبعا فإن طلبها سيواجه بالرفض. وكان من الاجدى ومن الافضل ان تقدم السلطة الفلسطينية الى الجمعية العامة قبل ومن دون مجلس الامن. وفي المرحلة الاولى وفي عام 1988مـ قامت الجمعية العامة بالترحيب بإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة. وحصلت هذه الدولة ولكن اعلنت طبعا في العام 1988 حصلت على إعتراف بما اكثر من 108 دول، وقام بعضها بإنشاء علاقات دبلوماسية مع هذه الدولة. وكان يجب توظيف هذه الإعترافات ورسملة هذا الترحيب من قبل الجمعية العامة بإعتبارها اصبحت دولة مستقلة بعد إستفاء مكوناتها الأساسية "شعب – اقليم – وتنظيم سياسي". واتسائل لماذا لم يحصل هذا التوظيف اذي كان جاهزاً في الواقع، لتفعيله، أتت إتفاقات اوسلو ولم تكترث بالإعترافات وعادت تستجدي إعترافاً، ثنائياً امريكياً وإسرائيلياً. واقول ان الامر يمكن استدراكه الان، لماذا؟ أولاً لأت إتفاقات اوسلو، كانت في طبيعتها القانونية إتفاقات بين قوة قائمة بالإحتلال وبين الشعب الواقع تحت الإحتلال وهكذا إتفاقات يمكن مناقشتها ويمكن إلغاؤها ايضاً.إذاً اثبتت انها لا تقدم للشعب المحتل الضمانات التي تقدمها إتفاقية جنيف الرابعة.
ثانياً ان اتفاق اوسلو ايضاً لا يلغي الإعترافات التي طرحها جانباً، وهذه جريمة اقول، ولكن الإعتراف بالدولة وفقاً لأتفاقية موتوفيديو، وهي من الإتفاقيات الشارعة في قانون الدولة، تشترط ان الإعتراف بالدولة يجب ان يكون مشروطا وان لا يكون قابلاً للتراجع.
إذاً كان على السلطة الفلسطينية ومنذ زمن ولكن حتى الساعة اقول لماذا؟ ان تتوجه الى الجمعية العامة لتأكيد ترحيبها بالدولة المستقلة وهذا الامر ميسور لان الأكثرية مضمونة اذا عدنا الى دول المؤتمر الإسلامي الى الدول الجامعة العربية الى بعض الدول الاخرى وان تتوجه الى الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية الى احياء إعترافها، إذا ً هذا الامر هو السلوك الصائب، لم تفعله السلطة الفلسطينية بل ذهبت الى مجلس الامن، ماذا يعني هنا الامر؟ عندما تذهب السلطة الفلسطينية الى مجلس الامن ويرفض طلبها بإعتبارها انها ليس دولة بصرف النظر عن الفيتو الامريكي، يعني هذا الرفض يغلق كل الابواب التي كانت متاحة امام الجمعية العامة وبالتالي يتعذر الذهاب بإتجاه الجمعية العامة، انا قلت ن في التحديد ان مجلس الامن يقرر رفض او قبول الدولة في عضوية مجلس الامم المتحدة ولكن هناك الجمعية العامة هي التي تمثل الرأي العام الدولي وهي التي يمكن ان تتفعل فيها الدولة وهي التي تستجيب والتي تؤمّن اعترافا بالدولة بصرف النظر عن إنضمامها هناك الكثير من الدول 45 بقيت في مجلس امم المتحدة دون 60 حتى حصلت صفقة او سلة متكاملة بين الاتحاد السوفياتي والامم المتحدة عام 1951 ودخلت 16 دولة مرة واحدة الى الامم المتحدة، سويسرا لم تدخل الى الامم المتحدة حتى العام 2002 يعني البحث هنا تمييز وضروري وواجب لان ابواب الجمعية العامة يجب ان لا تقفل وهي الجمعية التي اصدرت كل هذه القرارات.
الخطأ الثاني: هو الربط بين العضوية كما تفضل الدكتور انيس وقد قالها السيد عريقات "نحن ذاهبون إكتساب العضوية" وهذا خطأ ، الدولة لم تصبح دولة او السلطة لم تصبح دولة بعد، الخطأ هو في الربط بين الدخول الى الامم المتحدة او محاولة الدخول وإستمرار او إبقاء المفاوضات، نحن نعلم بأن اسرائيل تريد او تصر على دولة تعاقدية وهذا مخالف للقانون الدولي، وان اسرائيل ابقت الامور الاساسية لمفاوضات الوضع النهائي الذي لم يحصل بعد منذ العام 1993، "مفاوضات ماذا؟؟؟" عن اللاجئين، المستوطنات، الحدود، المياه، والامور الاساسية التي تعتبر من مكونات الدولة، ابقتها "اسرائيل" ضمن الوضع النهائي ولم تقم بهذا المفاوضات، إذاً اذا عدنا الى هذه المفاوضات وهذا ليس من الناحية التشاؤمية، ولكن إستناداً الى الواقع، سنعود الى إخضاع المسألة الفلسطينية برمتها الى الشروط "الإسرائيلية" التفاوضية.
هذا من جهة، ومن جهة اخرى إذا عدنا الى التاريخ فهذه هي المحاولة الرابعة للمساعي الفلسطينية في إنشاء الدولة الفلسطينية واقول ان المساعي الثلاثة الاولى قانونيا اصلا من المسعى المقدم اليوم، منذ سنة 1922 كانت المحاولة الاولى مع الإنتداب وعلى أثرها اتت إتفاقية لوزان 1923 وساوت بين وضع فلسطين بصرف النظر عن إتفاقية "بلفور"، فساوت بين وضع فلسطين ووضع كل الدولة العربية الاخرى الباقية تحت الإنتداب وبالتالي يمكن ان تستقل لسيما وان الدولة الفلسطينية الواقعة تحت الانتداب آن ذاك، استطعت ان تحصل على جنسيتها ووزعت هذه الجنسية وبعد الى اليوم يحتفظون بعض اهالي غزة بالجنسية الفلسطينية وعلى عملتها وعلى دستورها، إذاً العناصر القانونية كانت اصلاً، علماً ان اتفاق بلفور كذبت تداعياته المذكرتان الصادرتان عن السلطة البريطانية آن ذاك فالمقصود بكلمة البيت لبيت قومه لليهود هو ان يقام كيان ذاتي الإدارة في فلسطين ولا يشمل كل فلسطين ..... صدرت هذه الورقتين في العام 1922 والعام 1939مـ.وهما واضحتان لهذه الجهة".
المحاولة الثانية، والتي لا تقل قانونيتها اهمية عن المحاولة الاولى عام 1947، القرار 181 وهو قرار إنشاء دولتين العربية واليهودية في فلسطين مع الحدود، من يقرأ القرار يرى مضمونا اليه الحدود وخرائط بالحدود بين الدولتين، واسرائيل في العام 1948 اثناء إعلان بنغوريون حرصت على الإستناد الى القرار 181، واعتبرت ان الامم المتحدة لا يمكن ان تتراجع عنه"181"، ثم اتى الرئيس عرفات في إعلان الدولة الفلسطينية قال ان القرار 181 سنة 1988 لا يزال نصاً اساسياً يتيح تحقيق التقرير المصير للشعب الفلسطيني .فاذاً كان هناك مرجعية قانونية في هذه التجربة.
التجربة الثالثة، هي إعلان 1988، هنا تم إعلان الدولة وتم الإعتراف بها، ومن ثم علقت الإعترافات وكان يجب اليوم وغداً يجب إحياء هذه الإعترافات لانه لا يجوز في القانون الدولي سحبها فقط إن كان تواجهه صحيح.
الثغرة الثالثة، مسألة اللاجئين، القرار 194 يؤكد عودة اللاجئين الى بيوتهم وليسى الى ديارهم، الىي بيوتهم، وهذا القرارات اصبح من القرارات الغير قابلة للتصرف، وربط مع حق تقرير المصير لان نصف الشعب الفلسطيني اليوم خارج فلسطين، ولا يجوز النصف الاول المقيم داخل فلسطين حق تقرير المصير وحرمان النصف الثاني منه، فضلاً عن ان هذه الدولة بحدود 1967 اين اصبحت بيوتهم؟ إن بيوتهم في فلسطين، وبالتالي في اسرائيل وفي فلسطين العتيدة كدولة وليس الحدود التاريخية.
لذلك يجب:
- أولً التاكيد على القرار 194 وعدم التفريط في المكاسب القانونية التي اكتسبها.
- ثانياً، الإحتفاظ برعاية الأونروا للاجئين الفلسطينيين، لأن هذه الرعاية إذا انتهت او توقفت يعود اللاجئون الى رعاية الـــ UNHCR المفوضية العليا للاجئين التي تسعى الى عدم عودة اللجئ الى دولته اذا شعر انه يخاف من هذه العودة لاية اسباب اخرى.
* ورقة عمل مقدمة في ورشة عمل "اللاجئون الفلسطينيون وحق العودة: "بين اتفاق أوسلو والإعتراف بالدولة الفلسطينية، مراجعة سياسية وقانونية"، بيروت الاثنين 12 ايلول 2011، فندق الكومودور