اليرموك والنكبة المتجددة
بقلم: إياد القرا
يعود رمز اللجوء الفلسطيني مخيم اليرموك لواجهة الأحداث، لكن هذه المرة
بجرائم جماعة "داعش" التي تجاوزت كل الحدود باعتدائها على الفلسطينيين اللاجئين
الذين رفضوا أن يتركوا مخيمهم والهجرة للخارج، رغم كل المجازر التي ارتكبت ضدهم.
جماعة داعش لا تدرك رمزية وأهمية مخيم اليرموك في ذاكرة اللجوء الفلسطيني
، ولا تعرف ماذا يكون مخيم اليرموك؟، ولا يعرفون أن أهله قد اتسعت صدورهم وبيوتهم في
بداية الأزمة السورية لكافة السوريين الذين ما بخلوا يوما عليهم بالدعم والمساندة وتوفير
كل ما يستطيعون منذ النكبة الفلسطينية .
الفلسطينيون حافظوا على موقفهم من الأزمة السورية وتضامنوا مع الشعب السوري
الذي احتضنهم، وكذلك وفروا الأمان والدعم لملايين العراقيين عام 2003 بعد الاحتلال
الأمريكي للعراق وأصبح المخيم مكانا يأوي إليه كل مظلوم، وفتحت أبوابه لهم جميعا ليمثل
رمزا لفلسطين في سوريا.
ما تقوم به داعش وبعض الجماعات ضد مخيم اليرموك جرائم ضد الإنسانية، وكان
الأَوْلى بهذه الجماعات أن تساعد وتساهم في تحييد مخيم اليرموك أو على الأقل تحييد
15.000 فلسطيني بينهم 3500 طفل رفضوا الخروج
حفاظا على حقهم في العودة وتمسكا بأن الخروج سيكون لفلسطين.
التقصير الرسمي من الفصائل التي ترتبط بعلاقات مع الجماعات المسلحة أو
النظام السوري، يقدم دليلا جديدا على أنها جزء من المأساة بل بعضها مشارك فيها.
الرئاسة في رام الله وقيادة منظمة التحرير تتصرف بانتهازية واضحة ولم تتجرأ
على إصدار موقف واضح، خشية على مصالحها وتنتظر ضوءا جديدا حول موقفها من النظام في
المتغيرات الإقليمية.
بيان الرئاسة الركيك والمرتجف الذي صدر يعبر عن حال السلطة ومنظمة التحرير
تجاه القضايا الوطنية ويناقض موقفها السريع مما يحدث، وهذا البيان يشير إلى أنها أصبحت
تعيش رحلة جديدة من الضياع والتبعية و"الذيلية"".
جرائم "داعش" في مخيم اليرموك تدعو لتحرك واسع لحماية اللاجئين
مما تقوم به "داعش" مدعومة من بعض الأطراف التي ساهمت في حصار المخيم، والتي
تريد اليوم إنهاء الوجود الفلسطيني في سوريا لخدمة أغراض الاحتلال في التخلص من المخيمات
الفلسطينية التي ما زالت تحمل رمزية حق العودة.
تعود النكبة من جديد لمخيم اليرموك وهذه المرة بأيدٍ غريبة تتفنن في القتل
وارتكاب الجرائم، ضد الشعب الفلسطيني دون أي اعتبار لرمزية اللاجئ الفلسطيني الذي يتحدى
الاحتلال يوماً بعد يوم ويقاتل الاحتلال بكل ما أوتي من قوة، والذي خرج من حرب طاحنة
قبل أشهر لكنه صامد في أرضه.
انتظر الفلسطينيون كثيراً أن يمتلك العرب السلاح والقوة ليقاتلوا الاحتلال
أو يساعدوه في ذلك، لكن اليوم يحدث العكس، حيث يذبح الفلسطيني ويشرد وتنتهك حقوقه،
بينما يعيش الاحتلال في رغد وهو بعيد عن هؤلاء.
المصدر: فلسطين أون لاين