انتصار غزة..
رد على فشل أوسلو
فاروق القدومي
عاش شعبنا
المقاوم تجربة مأساوية رغم معارضتنا الشديدة، وتحذيرنا من مغبّة المضي فيها لما
تحويه من مثالب تمس جوهر قضيتنا وتنازلات ورضوخ لإملاءات العدو الصهيوني، وقد
استمر أصحاب مشروع أوسلو المشؤوم في مساعيهم لعلهم يصلون إلى تحقيق شيء يفيد،
خاضوا مفاوضات ماراثونية لم تحرز أي تقدم في أي مسـألة مطروحة، بل ازداد العدو في
تعنّته وطلباته التي لا تنتهي، وانساقت قيادة السلطة وأركانها وراء هذا السراب على
أمل تحقيق بعضٌ من مطالب شعبنا العادلة.
لم تستطع
القيادة الخروج من المربع الأول رغم المفاوضات العبثية أو بالأحرى اللقاءات
الحميمة والوعود الإسرائيلية الكاذبة، لقد استجابت قيادة السلطة للمطالب الأمريكية
من خلال المبادرات المتتالية والمؤتمرات الإعلامية وخريطة الطريق التي أفرغت من
مضمونها من خلال رسالة الضمانات التي قدمها الرئيس الأمريكي السابق بوش لرئيس
وزراء الكيان الصهيوني شارون.
رضخت السلطة
لكل المطالب الأمريكية، وكان التنسيق الأمني تحت قيادة الجنرال الأمريكي دايتون
بمعاونة ضباط من دول على علاقة جيدة مع الكيان الصهيوني، فأحيل الضباط والرجال
الأكفاء على التقاعد، وأنهت خدمات آخرين لتمسكهم بالثوابت الوطنية وبالمقاومة،
زُجّ برجال المقاومة في السجون وصُودرت الأسلحة تحت حجة عدم عسكرة المقاومة، أعطى
التنسيق الأمني الحصانة الكاملة لقوات الاحتلال وقطعانه المستوطنين، أي لقد شرعن
الاحتلال، ممّا أدى إلى ملاحقة رجال المقاومة، والقيام بعمليات اغتيال للكوادر،
وزيادة الحواجز الأمنية والعسكرية- بحجة الحفاظ على الأمن- وتقطيع أوصال الضفة
الغربية بإنشاء الطرق الالتفافية والتوسع في الاستيطان وبناء المستوطنات وإقامة
الجدار العنصري الفاصل، وزيادة عدد المستوطنين في الضفة إلى أكثر من نصف مليون
مستوطن غريب عن وطننا فلسطين.
بجانب هذا فقد
أوحت الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني بأن المفاوضات القائمة تسير بشكل إيجابي
وستؤدي إلى إحلال السلام وتحقيق العدل وإنهاء حالة الصراع، مما أدى إلى ابتعاد
الاهتمام العربي بقضية فلسطين، بل أن بعض الأنظمة العربية نأت بنفسها وأقامت
علاقات مع العدو الصهيوني وأنظمة أخرى لها علاقات سرية، وقامت بإجراء لقاءات علنية
وحضور مؤتمرات إقليمية ودولية، وأقامت بعض الدول الصديقة والمؤيدة لقضية فلسطين
علاقات مع دولة الاحتلال ظناً منها أن المفاوضات تسير وفق مبادئ الشرعية الدولية
وأنها ستؤدي في النهاية إلى تحقيق طموحات ومطالب شعبنا الصامد.
لقد رفض الكيان
الصهيوني الالتزام بما وعد به كالإفراج عن الأسرى ووقف الاستيطان، واستمر في مخططه
الاستيطاني.
أدرك شعبنا أن
المقاومة هي القادرة على التصدي وإلحاق الهزيمة بقوات الاحتلال الغازية، واسترداد
الحقوق الوطنية، فكان الحاضن الوفي لرجال المقاومة الأوفياء البواسل، والحامي لهم
وتحمل أهلنا في القطاع الصامد الجراح والدمار وقدموا آلاف الشهداء ولم يرفعوا إلا
رايات فلسطين.
رأي اليوم،
لندن