انتفاضة
الأقصى..صرخة فلسطينية في وجه الاحتلال
بقلم:
هدير محمود
مع
نهاية شهر سبتمبر عام 2000 الماضي اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، لتتصاعد
الأحداث والاشتباكات بين الشعب الفلسطيني وقوات الاحتلال الصهيوني التي استشهد
خلالها آلاف الفلسطينيين أبرزهم محمد الدرة، وأصيب عشرات الآلاف، حتى انتهت فعليا
مطلع شهر فبراير عام 2005 الماضي.
مقدمات
الانتفاضة
في
ظل المراوغة الصهيونية وتهرب الاحتلال من تطبيق الحل النهائي طبقا لما تم التوصل
إليه في إتفاق أوسلو عام 1993، بجانب جمود المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي
والفلسطيني بعد مؤتمر كامب ديفيد، تزايدت حالة الإحباط داخل الشارع الفلسطيني مع
أواخر عام 1999 نتيجة استمرار عمليات الاستيطان، فضلا عن يأس الفلسطينين من انسحاب
الاحتلال والعودة لحدود عام 1967، بجانب استبعاد عودة اللاجئين.
"شارون”
يشعل فتيل الانتفاضة باقتحام الأقصى
في
خضم هذا الإحباط العام والاحتقان السياسي الذي اجتاح الشارع الفلسطيني، اقتحم رئيس
وزراء الاحتلال السابق آرئيل شارون، المسجد الأقصى وتجول في ساحاته، الأمر الذي
أثار سخطا واسعا واستفز المصلين الفلسطينين، فاندلعت المواجهة بينهم وبين جنود
الاحتلال داخل ساحات الأقصى.
استشهاد
"الدرة” يزيد من حدة الانتفاضة
في
اليوم الثاني من اندلاع انتفاضة الأقصى، استشهد الطفل الفلسطيني البالغ من العمر
12 عاما محمد الدرة، برصاص قوات الاحتلال بعدما احتمى هو ووالده بجوار برميل
أسمنتي، حيث تسبب هذا المشهد الذي تمكنت عدسة المصور الفرنسي شارل إندرلان، من
توثيقه في ازدياد حدة الانتفاضة، حتى بدأت تأخذ بعدا إقليميا ودوليا بعد أن كانت
مقتصرة على الساحة المحلية بالأراضي المحتلة.
المظاهرات
تجتاح كافة الأراضي المحتلة
أعقب
ذلك مظاهرات أُلقيت فيها الحجارة في جميع أنحاء الأراضي المحتلة، ردا على عمليات
القتل الوحشية، وانتشرت على نطاق أوسع بعد بث مشاهد تلفزيونية لمقتل الطفل الشهيد
محمد الدرة، عند معبر نتزاريم في قطاع غزة، وقمعت القوات الصهيونية المظاهرات
بالقوة.
توسع
المواجهات بين المقاومة والاحتلال
تُعد
كثرة المواجهات العسكرية والمسلحة بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال
الصهيوني من أبرز ما ميز الانتفاضة الفلسطينية الثانية عن سابقتها، حيث نجحت
المقاومة الفلسطينية في تدمير عشرات المعدات العسكرية التابعة للاحتلال أبرزها
دبابات الميركافا والجيبات والمدرعات العسكرية.
الانتفاضة
في أرقام
مع
تصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني، وتزايد
المواجهات بين المواطنيين وقوات الاحتلال، استشهد نحو 4412 فلسطينيا، وأصيب أكثر
من 48322، أما خسائر الجيش الإسرائيلي فتعدادها 334 قتيلا، ومن المستوطنين 735
قتيلا، ليصبح مجموع القتلى والجرحى الإسرائيليين 1069 قتيلا و4500 جريح.
من
ناحية ميزان القوى للطرفين، فقد جهزت السلطة الفلسطينية 35,000 جندي من الأجهزة
الأمنية، وتم تسليحهم ببنادق كلاشنكوف و45 مصفحة من نوع (بي أر دي ام-2)، أما رجال
المقاومة فكان تسليحهم عبارة عن بنادق كلاشنكوف و”أم-16″، وبعض الألغام محلية
الصنع، وعلى صعيد الجيش الصهيوني فقد حشدت سلطاته 60,000 جندي، و1000 دبابة، و450
طائرة مقاتلة من طراز "إف-16″ و”فانتوم”و”إف-15 ايغل”،و50 مروحية هجومية من طراز
"أباتشي”.
الفصائل
الفلسطينية تلتئم لمواجهة الاحتلال
شاركت
جميع القوى الفلسطينية في انتفاضة الأقصى، بما في ذلك القوى المؤيدة لعملية
التسوية في مؤشر واضح على إحباط هذه القوى وعلى رأسها حركة فتح وشعورها بخيبة
الأمل من عملية التسوية، حيث لا يمكن نكران مشاركة حركة فتح في قيادة الانتفاضة
الثانية، بما في ذلك عناصر من داخل السلطة الفلسطينية وأبرزهم الأسير منذ سنوات
مروان البرغوثي، والراحل ياسر عرفات، كما لا يمكن أن ينكر أحد دور الجبهتين
الشعبية والديمقراطية، كذلك لا يمكن أن يُختزل دور حركة حماس والجهاد الإسلامي.
قمة
شرم الشيخ
تم
التوصل لاتفاق هدنة عقد في مدينة شرم الشيخ مطلع فبراير 2005 الماضي، حيث حضره
الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس وزراء الاحتلال السابق آرئيل شارون، لتتوقف
الانتفاضة بشكل فعلي في يوم 8 فبراير 2005 على إثر ما تم الاتفاق عليه في قمة شرم
الشيخ.
نتائج
الانتفاضة
كانت
لانتفاضة الأقصى عدة نتائج على الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، فلسطينيا تم تصفية
معظم الصف الأول من القادة أمثال الرئيس الراحل ياسر عرفات، والشيخ أحمد ياسين،
كما تم تدمير أجزاء ضخمة من البنية التحتية الفلسطينية، ولكن من أهم نتائجه على
الجانب الفلسطيني كان بناء جدار الفصل العنصري الإسرائيلي.
أما
من جهة الطرف الإسرائيلي، فقد انعدم الأمن في الشارع الإسرائيلي بسبب العمليات
الاستشهادية، والتي أدت بدورها إلى ضرب السياحة في إسرائيل، كما تم اغتيال وزير
السياحة الإسرائيلي زئيفي، على يد أعضاء من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
انتصار
2014 امتداد للانتفاضة الثانية
لم
تكن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة والتي استمرت نحو 50 يوما هي أول
مجازر الاحتلال بحق الفلسطينيين، بل هي استمرار لحلقات الاعتداءات الصهيونية
الغاشمة ضد الشعب المحتل، لكنها جسدت الصمود الفلسطيني الذي تعلم الدروس من
انتفاضة 2000، حيث أكد الشعب الفلسطيني مجددا أنه ما زال قادرا على الانتفاضة في
وجه الاحتلال، وليثبت أن المقاومة الفلسطينية تستطيع أن تنتصر وتفرض شروطها على
آلة القتل الإسرائيلية.
المصدر:
البديل