القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

انتفاضة القدس تفتح جبهة "مواقع التواصل الاجتماعي"

انتفاضة القدس تفتح جبهة "مواقع التواصل الاجتماعي"

بقلم: أحمد الحاج

لم يكن رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو يمارس هوايته في التمثيل، حين راح يصرخ ويتهم مواقع التواصل الاجتماعي، ويصف دورها بـ "إثارة موجة العنف الفلسطيني"؛ أي انتفاضة القدس.كان متوتراً جداً حين قال "قوى التطرف تعبر عن ذاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً فيسبوك"، وأعضاء حزبه؛ الليكود، يهزون رؤوسهم موافقين.

يدرك قادة العدو الدور الذي تلعبه صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي في صناعة الوعي الفلسطيني، وإدامة الانتفاضة، والتغلب على العوائق اللوجستية للتعبئة. وإذا كان هذا الإدراك قد سبق انتفاضة القدس، إلا أن هذه الانتفاضة أشعرت الكيان الصهيوني وأجهزته الأمنية أن حواجزه في الضفة الغربية، والتي بلغت 456 حاجزاً، قبل اندلاع الانتفاضة، باتت عديمة الفائدة في كسر تواصل الفلسطينيين، الذين استعاضوا، عن تقطيع أوصال الضفة، بوصلها إلكترونياً، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.

التقارير التي تصل للأجهزة الأمنية الصهيونية تتواصل حول شهداء كتبوا وصاياهم على صفحات التواصل، ثم مسكوا سكيناً أو استقلوا سيارتهم وذهبوا ليطعنوا أو يدهسوا جنود الاحتلال. قرؤوا ما كتبه الشهيد مهند حلبي، على صفحته على الفيسبوك، قبل أن ينطلق ويقتل مستوطنَين طعناً بسكينه: "الشعب الفلسطيني لن يتعايش مع الإهانة، ولن يسلّم بما يتعرض له الحرم القدسي الشريف، وما يتعرض له المرابطون والمرابطات (...) الانتفاضة الفلسطينية بدأت".

أمر نتنياهو بتشكيل طاقم ممن يجيدون اللغة العربية، لمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي "وكشف نواياهم (الفلسطينيين) قبل تنفيذ عملياتهم". وزيرا الداخلية والحرب موشيه يعلون ويغآل أردان اعتبرا وسائل التواصل "أهم مصادر التحريض التي تدفع الفلسطينيين للانخراط في عمليات الطعن بالسكاكين". أُنشئت وحدة متخصصة في جهاز "الشاباك" لمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي، وفي جهاز "أمان" (المخابرات العسكرية)، كانت وحدة "حتساف"، تقوم بالعمل نفسه.

تحرّك ما يسمّى القضاء الإسرائيلي للغرض نفسه. اعتقال أكثر من 130 فلسطينياً خلال عام 2015، بسبب نشاطهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي. أحكام عالية، بدأت مع الحكم على سامي ادعيس بالسجن لثمانية أشهر، لإشادته بإحدى العمليات عبر صفحته على "فيسبوك".فطن الفلسطينيون لتلك الجهود، فعمدوا إلى إنشاء حسابات سرية.

كان نتنياهو يحمل في الماضي شكاواه عن الإعلام الرسمي الفلسطيني التقليدي إلى العواصم العالمية، فيتم الضغط على ذلك الإعلام، فيتغير المسار. فما عساه اليوم أن يفعل؟ لا يستطيع أن يشكو ملايين الحسابات عبر فيسبوك وتويتر. ومهما بلغت قوة أجهزته الأمنية فإنها لا تقدر على مراقبة هذا الكم الهائل من الصفحات على مدار الساعة. حتى نقاط التماس المعلن عنها عبر الفيسبوك لا تستطيع التنبّؤ بها، أو معرفتها. إنها معركة يبدو أنها ليست لصالح الاحتلال. فهي لا تقف خلفها منظمة معروفة، بل أفكار يبثها أفراد، ويتلقفها أناس، قد تصنع منهم تلك الأفكار فدائيين.

بدا الاحتلال في هذه الحرب الإلكترونية كضالّ في جزيرة يسمع أصواتاً، دون أن يرى جسداً، لهذا يخشاها. فلا يمكن لطائرات إف 16 المعدّلة، ولا الجيل الرابع من الميركافاه أن يقصف كل أجهزة الحاسوب. جبهة جديدة، يبدو أن موازين القوى تميل فيها لصالح الفلسطينيين، ولأول مرة منذ عقود طويلة.