بصراحة: الكارثة.. و«الجنود
المجهولون»؟!
بقلم: ياسر علي
تأتي الوفود تلو
الوفود، لتتفقد اللاجئين من سورية إلى لبنان، ولتسأل عن الوضع في سورية، وتجول في
المخيمات الفلسطينية لتستطلع شؤون اللاجئين.. تلتقط الصور، تتأثر، تتشجع، تذرف
الدموع، وربما تدفع بعض التبرعات.. ثم تغادر!
بارك الله بالزوار
الذين حين يغادرون، تغادر معهم الكاميرات والأقلام. ويبقى «الجنود المجهولون» العاملون
في الإغاثة ساهرين، على «رعاياهم»..
حين يأتي الضيف يكون
قد مرّ أكثر من سنة على وجود بعض اللاجئين الذين يزورهم، فيما «الجنود المجهولون»
مشغولون بلاجئين جدد لا يجدون لعائلاتهم أماكن تأويهم.
تسأل الوفود عن مأوى
لعائلة تأثروا بحالتهم، ويستغربون عدم مساعدتها، وهم لا يدرون أن «الجنود
المجهولين» قد وفّروا حتى الآن مئات الأماكن في المخيم الضيق الذي يزورونه.
تسأل الوفود عن الفراش
الذي ستنام عليه العائلات، والأغطية التي سيتغطون بها، وهم لا يدركون أن «الجنود
المجهولين» قد وفروا للاجئين أغطية شتوية، وأغطية صيفية أيضاً لمن جاءهم في الصيف.
تسأل الوفود عن الطعام
الذي سيأكله المهجرون، وهم لا يعلمون أن «الجنود المجهولين» يعملون بكل قوتهم وما
في وسعهم من أجل تأمين ما أمكنهم من طعام.. وأن كل ما يصلهم من تبرعات يقدمونه
للمحتاجين مباشرة.
وتسأل الوفود عن الدواء،
وهم لا يعلمون أن فرقاً من «الجنود المجهولين» تنفذ حملات التلقيح في وقتها،
والعيادات الجوالة تتحرك دائماً على مراكز الإيواء الممكنة، والمؤسسات الطبية
كخلية نحل، في حال استنفار دائم.
بات من النادر في
المخيمات أن لا تجد عند كل صلاة، على باب المسجد، وفي المسجد، عدداً من اللاجئين
الذين يسألون عن «الجنود المجهولين» من أجل فراش أو غطاء أو حليب أطفال أو حقيبة
مدرسية أو.. أو..
ومن «الجنود المجهولين»
الذين لا يمكن إلا أن نتوجه بالشكر إليهم، أولئك اللاجئون الذين جاؤوا من مخيمات
سورية ولا يمكنهم الجلوس يندبون الدنيا وحظوظها، بل شمّروا عن ساعد الجدّ وتحركوا
مع المؤسسات والأفراد ليساعدوا في الإحصاء والتوزيع والإغاثة، ويعرضوا خدماتهم وفقاً
لاختصاصاتهم.
لا أهدف من هذه
الكلمات أن أرسم صورة وردية لعمل هؤلاء «الجنود المجهولين»، ولكن لأقول أنه لولاهم
لكان الوضع كارثياً.. فعلاً.
«الجنود المجهولون»
الذين لا يراهم الإعلام، ولكن عين الله تراهم، اللاجئين يعرفونهم، وترتفع الأيادي
كل ليلة بالدعاء لهم، أتوجه إليهم جميعاً بالتحية، فجزاهم الله كل الخير على ما
يقومون به من واجب ديني وإنساني ووطني وأخلاقي..
المصدر: مجلة البراق –
بصراحة – آذار 2013