بعد 99 عامًا.. البلفوريون يتكاثرون
بقلم: محمد أبو ليلى *
يصادف اليوم الذكرى السنوية الـ 99 لوعد بلفور، ذلك الوعد الذي أعطى لليهود
الحق في وطن قومي لهم على أرض فلسطين.
هذا الوعد لم يكن يتيمًا، فقد أتى بعد سلسلةٍ طويلة من الاتفاقيات والمعاهدات
والوعود على مرّ التاريخ.
ويعد وعد بلفور السبب الرئيس لنكبة الشعب الفلسطيني منذ 68 عاماً، لا
بل يعدّ السبب الأساسي لكلّ بيت يُهدّم في فلسطين وكل طلقة رصاص تطلقُ باتجاه شاب أو
فتاة فلسطينية. كما أنّه أساس كلّ مجزرةٍ ارتُكبت بحقّ الشعب الفلسطيني، وهو سبب الحصار
المفروض على قطاع غزة و تدنيس المقدسات والتمادي بحرق كل ما له صلة بالشعب الفلسطيني..
وفي كلّ مرةٍ تحلّ فيها الذكرى البلفورية، يستحضر الفلسطينيون تلك المناخات
والمؤامرات التي أحاطت بفلسطين أيام بلفور، فلولا الوعد لما ولد الكيان الصهيوني ولولا
الاحتضان البريطاني الاستعماري الكامل الشامل للمشروع الصهيوني، لما ضاعت فلسطين.
وعندما نقول ضاعت فلسطين، فنحن هنا نتحدث عن ضياع أرض وشعب ومقدسات، نتحدث
عن ضياع تاريخ وحضارة وثقافة، نتحدث عن ضياع الإرث الحضاري للشعب الفلسطيني الذي واكبها
الإنسان وطوّرها منذ أن وطأت قدمه هذه الأرض.
فالمشروع البلفوريّ لم يتوقف، لا بل أنّ مشروعه تمادى حتى بات ينسب كل
قطبة تطريزٍ على أنّها ثقافة يهودية، وأن كل تحفة معمارية تاريخية تعود إلى أكذوبتهم،
وأنّ القصص والحكايات والرويات والطبخ والعادات والتقاليد تعود جميعها إلى جذورهم المشتتة
أصلاً.
فقد قام الصهانية بتزوير التاريخ بسبب البلفورية، وسرقوا الارض بسبب البلفورية،
وبسبب البلفورية بات التراث تراث يهودي والأرض ارض يهودية والدولة دولة يهودية.
أما عن البلفوريين فحدّث ولا حرج، فإنّنا لا نبالغ إن قلنا أنّ كلّ إنسان
يحارب الشعب الفلسطيني بلفوريّ، وكلّ من يحاول قتل وتشريد الشعب الفلسطيني بلفوريّ،
وكل من يحاول أن يُحيك المؤامرات ضد الشعب الفلسطيني بلفوريّ.
نعم البلفورية قد نجحت في أن تنشئ وطن لليهود، وقد نجحت بتفريخ بلفوريين
كثر عرب وصهاينة، ولكنها حتمًا فشلت في أن تُنسي الشعب الفلسطيني أرضه ومقدّساته وتراثه
وحضارته.
لقد فشل بلفور ومن قبله نابليون وسيفشل اليوم جميع البلفوريين الذين يراهنون
على نسيان الشعب الفلسطيني حقه في الرجوع الى فلسطين.
* مدير مؤسسة فلسطين للتراث
– جذور